أمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بتذكر غيره حتى إن سورة الضحى من أعظم سور القرآن الكريم فقد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في وقت لم يكن الوحي ينزل عليه لمدة ستة أشهر ولم يكن حتى يرى الرؤيا الصادقة التي كان يراها، فظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ما أغضب الله تعالى منه لذلك شعر بالحزن، وظن أن الله تعالى لا يريده أن يكون نبيًا بعد الآن، فنزلت السورة تبين للنبي صلى الله عليه وسلم مدى حب الله تعالى له، وتعلمه أن يكون إيجابيًا وأن الله تعالى لو لم يكن يحبه لما كان أعطاه تلك النعم الجليلة التي أعطاه إياها المذكورة في السورة، ونحن في هذا المقال نتحدث عن معجزات سورة الضحى وبعض المعلومات عنها فتابعونا.
يقول تعالى: (والضحى.والليل إذا سجى.ما ودعك ربك وما قلى.وللآخرة خير لك من الأولى.ولسوف يعطيك ربك فترضى.ألم يجدك يتيمًا فآوى.ووجدك ضالًا فهدى.ووجدك عائلًا فأغنى.فأما اليتيم فلا تقهر.وأما السائل فلا تنهر.وأما بنعمة ربك فحدث).
لو دققت النظر في سورة الضحى لوجدت عدة نصائح تعطيك السورة إياها بين الآيات الكريمات والتي هي بحق من المعجزات التربوية الربانية حيث أن تواجد هذا الكم من النصائح الحياتية في هذا القدر الضئيل في الكم من الكلام لهو إعجاز بحق، ومن هذه النصائح:
فالصورة قد بدأت بقوله تعالى: (والضحى)، وكأن الله تعالى يشير بذلك إلى النور الذي يأتي بعد الظلام في دلالة على قرب الفرج الذي هو كنور الشمس الساطع والمتوهج.
أقسم الله تعالى بعد ذلك بقوله: ( والليل إذا سجى)، أي والليل إذا أسدل ستاره، وفي هذا إشارة إلى أن من أسباب الحزن والكآبة سهر الليل لأن الإنسان الذي ينام بالنهار ويسهر بالليل، بالطبع سجد الحزن سبيله إليه لأن نظام نومه غير متزن، لأن الليل هو وقت الاسترخاء والراحة، فكما تخلد الدنيا إلى النوم بالظلام، كن أنت أيضًا ذلك حتى لا تكون وحيدًا، هذا بالطبع إذا لم يكن لديك سبب جاد للسهر كالعبادة أو العمل.
ثم يخاطب الله تعالى حبيبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما ودعك ربك وما قلى)، فهو يقول له لم أنسك ولم أتركّ، وهذه الرسالة الخطاب فيها للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته عليه الصلاة والسلام، فالله تعالى معنا ولم ينسانا فهو أرحم بعبده من الأم بولدها.
يقول تعالى بعد ذلك مخاطبًا نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم والأمة الإسلامية كلها يحثهم فيها على التفاؤل بقوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى)، أي لا تقلق فالله تعالى يعدك بالثواب العظيم والسعادة القريبة، ونحن قريبًا جدًا سندخل الجنة بإذن الله تعالى، فالزمن في الدنيا بالنسبة للآخرة لا يساوي شيئًا، فلا تشعر باليأس، وهل هناك عطاء أكبر من نعم الله تعالى عليك التي لو تفكرت فيها لوجدت أنها تعدل الدنيا بما حوت؟ وهل هناك عطاء أكبر من كون الحسنة الواحدة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء؟ وهل هناك عطاء أكبر من الجنة إن شاء الله تعالى؟
فالله تعالى عدد نعمه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليوقن بأن الله تعالى لم ينساه ويزداد يقينًا وثباتًا بما هو عليه، ولذلك قال تعالى: (ألم يجدك يتيمًا فآوى. ووجدك ضالًا فهدى.ووجدك عائلًا فأغنى)، وأنت أخي المسلم إذا تفكرت قليلًا في نعمة الله تعالى عليك ونظرت بشكل إيجابي لوجدت أنه مهما ساءت ظروفك، فإن الله تعالى قد من عليك بنعم لا تضاهيها درجة ابتلاؤك الذي أنت فيه مهما كان.
يدرك ما هو فيه من النعم المحروم منها غيرك، فلا تقس على اليتامى ولا ترد السائلين، فتذكر الذين لم يجدوا من يرعاهم، والذين لا يجدون مصدرًا للرزق، وأيضًا ذكرهم الله تعالى حتى يوجد صفة التكافل بين أفراد المجتمع؛ فأنت إذا ابتلاك الله بكربة وفك الله عنك كربتك فكن سببًا في تفريج شدة عن أخيك المسلم، فإن ثواب ذلك عند الله عظيم في الدنيا والآخرة.
فأنت عند حديثك على نعمة الله إياه وذكرك إياها وإظهار ولو شيء منها للناس، فأنت بذلك تكون في تطبيق عملي لتذكر نعمة الله تعالى وعد الانقياد وراء اليأس والإحباط، فقل دائمًا الحمد لله: الحمد لله على نعمة البصر، الحمد لله على نعمة السمع، الحمد لله على نعمة الكلام، والأعظم من ذلك الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، فكن جميلًا ترى الوجود جميلًا، فالله تعالى جميل يحب الجمال.
وأنت أخي المسلم إذا أحسست يومًا بضيق فتذكر سورة الضحى، وما مر به النبي صلى الله عليه وسلم من انقطاع الوحي وغير ذلك، وقل هل هناك ضيق أشد من ذلك وأكبر؟ واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أكثر الناس همًا ومع ذلك كان لا يُرى فداه أبي وأمي إلا متبسمًا صلى الله عليه وسلم، اللهم فرج كروبنا واجعل لنا من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم سبيلًا، وارزقنا السعادة في الدارين الدنيا والآخرة، ودمتم في أمان الله ، تابعونا على الموسوعة ليصلكم كل جديد.