ظهر للإسلام العديد من الفرق المحسوبة عليه اسمًا منهم الخوارج، وهم مجموعة أول فرقة ظهرت في الإسلام في عهد على بن أبي طالب، وكانوا يطلقون على أنفسهم أهل الإيمان، وقد سموا بالخوارج لاشتهارهم بالخروج بالسيف، ذلك لأنهم خرجوا على سيدنا عثمان بن عفان وقتلوه وخرجوا على سيدنا علي بن أبي طالب.
ظهرت تلك الفرقة على يد ذو الخويصرة التميمي، وهو أول من أعترض على تقسيم النبي(صلى الله عله وسلم) وقال له أعدل، وقد شارك في عدة حروب منها حرب الهرمزان، وقد عاش إلى أيام خلافة سيدنا على ابن أبي طالب، ثم صار من كبار الخوارج، ومات مقتول على يد حبيش أبو ربيعة.
اشتهرت الخوارج بالكثير من الصفات نتناولها معكم من خلال الفقرات التالية:
أكثر الآفات الدينية التي أصابت الخوارج صفة الجهل بعلوم وأحكام كتاب الله المنزل، وقلة تدبرهم فيه وسوء فهمهم لمعنى أياته، حيث غنهم أنزلوا المؤمنين منازل الكفار وأنزلوا الكفار منازل المؤمنين، كما أنهم رأوا أن التحكيم من المعاصي التي توجب التوبة، لذا يجب على من وقع في التحكيم أن يعتبر بكونه من الكفار ومن ثم يتوب مرة أخرى.
بالفعل ذهبوا إلى على بن أبي طالب وطلبوا منه أن يقر على نفسه بالكفر ومن ثم يتوب مرة أخرى، كما روي عنهم، أنهم وجدوا عبد الله بن خباب ومعه أم ولد حبلى، فسألوه ف عدة أمور ومن ثم سألوه عن رأيه في عثمان بن عفاف وعلي بن أبي طالب، فأكثر من الثناء عليهم، فنقموا نقمًا شديدًا عليه ومن ثم توعدوه بالقتل، وبالفعل قتلوه وعكروا بطن الأم.
كما يُذكر أنه في نفس القصة أنهم وبعد انتهاءهم من قتلهم مر بهم خنزير قوم، فقتله احدهم، فتحرجوا من هذا وأسرعوا في العثور على أهله ووجدوا وأرضوه في فدية الخنزير. وقد أكد على جهل الخوارج الصحابة وعلماء الدين الكبار، وسوف نذكر بعض أقاولهم في الآتي ذكره:
قال الإمام بن تيمية عن الخوارج أنهم جهال، أي كثيري الجهل، فارقوا السنة والجماعة عن جهل منهم، مما يؤكد على أن الخوارج في نظره من أكثر الأقوام الجاهلة بالدين الإسلامي.
أكد العالم بن حجر أن الخوارج أهل جهل مبين وأنهم حكموا بالكفر على كل من خالفهم بالرأي واستباحوا دمه، بينما تركوا أهل الذمة وقالوا نفي لهم بعهدهم، وقد انشغلوا بقتال وتكفير المسلمين وتركوا القتال مع المشركين.
أكد الإمام بن تيمية أن الخوارج قد كفروا بالذنوب والسيئات وقد أكد على أنهم أستحلوا دماء المسلمين وأموالهم، كما أنهم كفروا كل من خالفهم الرأي، وأكدوا على أن دار المسلمين هي دار كفر ودارهم دار إيمان، ويجدر التنبيه على أن الخوارج تميزوا ببعض الآراء الخاصة بهم، وقد أكد وا على أن كل من يخالف تلك الآراء فهو كافر ويُستحل دمائهم.
كما غالا بعضهم في ذلك أن أوجب قتال كل من خالفهم الرأي، وقد أكد الإمام بن كثير على رأي الإمام بن تيمية حين قال أنهم قتلوا النساء وبقروا بطون الحوامل، ومن الجدير بالذكر أن الإمام بن تيمية قد أكد على أن البدعة الأولى هي سوء فهم القرآن الكريم، حيث إنهم لم يقصدوا معارضة أحكام القرآن وأوامره بل أنهم أساؤوا فهم الآيات، فكانت من الظنون الخاطئة لهم التالي:
لأكثر ما أشتهر به الخوارج هو سوء الظن، الأمر الذي ظهر بشكل كبير في حكم رأس الخوارج ذي الخويصرة على النبي، في أنه غير عادل حين أعطى الرسول السادة الأغنياء ولم يعطِ الفقراء، الأمر الذي يؤكد أفتقاره للعلم ولحسن الظن، فكيف له أن يظن ذلك والفاعل هو الرسول الكريم.
لا يمكن التشكيك في أن الخوارج من أهل الطاعة في الإسلام والطاعة الكبيرة أيضًا، حيث إنهم بذلوا كل الجهد في تنفيذ أحكام القرآن الكريم والإكثار من الصلاة والصوم وغيرها من الأمور التي دعا لها القرآن الكريم، ولكن القرآن لم يدعوا إلى التشدد في الدين كما نهى الرسول الكريم عن ذلك، الأمر الذي وقع فيه الخوارج شر وقوع، فأصبحوا يكفرون صاحب الكبيرة.
كما رأى البعض منهم أن صاحب الصغيرة كافر هو الآخر، ومن الجدير بالذكر أن هناك الكثير من الصحابة الذين أكدوا على أن الخوارج يكثرون في العبادة وتلاوة القرآن بشكل كبير، ولكن هذا لا يعني أنهم أهل حق، حيث إنهم فهموا القرآن بالطريقة التي أملتها عليهم عقولهم، ووضعوا الآراء فيه، وقد كفروا كل من خرج عن هذا الرأي، بالإضافة إلى أنهم استباحوا قتلهم، لذا حذر الرسول الكريم من التشدد كما أنه أكد أنه بعد كل البعد عن سماحة الإسلام والاعتدال.
أكد الإمام بن تيمية على أن سبب من أسباب الضلال الكبير المحيط بالخوارج هو أنهم رأوا أن جماعة المسلمين وأئمة الهدى خارجون عن العدل، ويؤكد على ذلك موقفهم مع على بن أبي طالب، حيث خالفوه وتخلوا عنه في أشد المواقف حرجًا، كما أنهم اعتقدوا أن كل من خالفهم في الأمر من الكفار، حتى أن تلك الصفة الكريه أثرت على جمعهم، فتفرقوا إلى عدة فرق يكفر كلًا منهم الآخر، كما كثرة فيهم الحروب والغارات.
ذلك من خلال طعنهم في أئمة الهدى والحكم عليهم بالخروج عن أحكام القرآن، وقد ظهرت تلك الصفة فيهم بشكل كبير منذ بداية ظهورهم وحتى في صاحب الفرقة الأول ذي الخويصرة، حين طعن في عدل رسول الله.
أشتهر الخوارج بالقسوة والغلو في الحكم، والتعسف والتشدد الكبير في الدين، الأمر الذي أوصلهم لأن يستحلوا دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، كما اشتهروا بالغرور والتكبر و الغلو في الدين والظلم والقابلية في التفرق، والاستبداد في الرأي، وسوء الظن، وتكفير وتجهيل المسلمين.
حيث يكثر فيهم وجود الشباب صغار السن ويقل فيهم وجود الشيوخ الحكماء.
أكثر الخوارج من الشبان المتسرعين، الذين يتصفون بانعدام البصيرة وقلة الإدراك، وقصر النظر، والحماس الزائد.
أكد الرسول الكريم على أن الخوارج من أكثر الناس المحسنة في القول، حيث إنهم يقولون أحسن القول في الظاهر ويفعلون عكه تمامًا، كقولهم أن الحكم لله وحده، ويقتلون كل من خالفهم في الآراء التي يتبنوها، يدعون إلى محاربة أهل الردة والكفر، وهم في الأصل يقتلون المسلمين ويستحلون دمائهم.
يكثرون من قول الكلام المنمق والعدل، وهم أبعد ما يكون عنه، يدعون إلى اتباع أوامر الله تعالى، ويسارعون في قتل الأنفس بغير حق وسرق المال وهتك الأعراض.
