من الجدير بالذكر قبل البدء في الإجابة عن السؤال، هو توضيح بأننا أمة إسلامية مؤمنة بالله ورسوله، دستورنا في هذه الدنيا الفانية هو كتاب الله عز وجل وسنة رسوله المصفي صلوات ربي وسلامه عليه.
لم يرد لا في كتاب الله عز وجل ولا في السنة النبوية الشريفة ما قد يشير إلى أن السحر يزداد أو تتضاعف قوته في هذا اليوم المبارك، أي أن كافة الأقاويل المنتشرة حاليا علي مختلف منصات التواصل الاجتماعي ما هي إلا محض ترهات وأكاذيب، وأحاديث لا تدل إلا عن الجهل.
وهنا تكمن الإجابة علي سؤالنا، خصوصا وأن كافة المعلومات والاحتياجات الإنسانية التي نحتاج إليها في الدنيا قد ذُكرت ووضحت لنا إما في القرآن الكريم أو السنة، ومن معجزات الدين الإسلامي وأهمهم هو الكمال، فهو دين كامل، فلم ينقصهم أي معلومة قد يحتاج إليها المسلم، فما لم يرد في السنة قد ورد سلفا في القرآن والعكس صحيح.
ما هو السحر
بعدما قد عرفنا الإجابة الصحيحة حول ما إذا كان يتضاعف السحر ويكثر في عاشوراء أم لا، فقد تساءل الكثيرون حول مفهوم السحر، خصوصا وأننا كمسلمين نؤمن بالسحر كإيماننا بالله عز وجل، وهذا نظرا لكون أنه قد أورده الله لنا في كتابه الحكيم، وحدثنا عنه رسول الله صل الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة.
وفقا لتعاليم الدين الإسلامي، فإن السحر يعرف بكونه العزائم والعُقد التي تؤثر في الأجساد والقلوب، فتؤدي لإصابة المرء بالمرض أو تفرق بين المرء وزوجه، أو حتي يؤدي للوفاة.
ففي الدين الإسلامي يعد السحر أحد الأعمال التي تؤول إلى كفر العبد المسلم، وخروجه عن الديانة الإسلامية، وقد أكد الكثيرون من فقهاء الأمة الإسلامية علي مر العصور بأن السحر هو أحد الثوابت الكونية، خصوصا وأنه يتواجد الكثيرون ممن يشككون في حقيقة السحر وتواجد الجِن وتأثيرهم علي البشر.
وهذا ما أكدته سنة رسول الله صل الله عليه وسلم، والقرآن الكريم، فيقول الله تعالي في كتابه الكريم في سورة البقرة في الآية رقم 102 ” وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ “.
السحر في شهر محرم
تعد واحدة من أكثر الشائعات المتعلقة بالسحر هو أنه يتجدد أيضا في شهر محرم، إلا أن الحقيقة لا تمت لهذا الحديث بصلة، حيث لا تتواجد أي علاقة جامعة بين السحر والسحرة وشهر محرم، فما يقع علي عاتق المسلم هو تحصنه بأيات إبطال السحر والأذكار، وخصوصا حفاظه علي تلاوة الرقية الشرعية وسورة البقرة، حيث أنه تتواجد العديد من مبطلات السحر والتي تتمثل فيما يلي.
حفاظ المسلم علي صلواته في مواقيتها، حيث أن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا.
بالإضافة إلى مواظبة المسلم علي قراءة وِرده من القرآن الكريم، وخصوصا سورة البقرة.
علاوة عن حفاظ العبد علي أذكراه وتحديدا أذكار الصباح والمساء والاستغفار.
بجانب الصدقات، فهي دواء لكل داء وفيها علاج السحر، فقد روي عن رسول الله صل الله عليه وسلم بأن داووا مرضاكم بالصدقة.
حفاظ المسلم علي تلاوته للرقية الشرعية، فهي نافعة شافية.
فضل يوم عاشوراء
بناءا علي ما قد سبق وذكرناه في طيات السطور السابقة، فنكون قد استنتجنا بأن كافة الأقاويل المنتشرة حول يوم عاشوراء وارتباطها بالسحر وزيادته وتضاعف قوته، ما هي إلا محض ترهات وإشاعات لا تدل إلا علي جهل الناس وبعدهم عن دينهم وتعاليمه القيمة، فما علاقة السحر بيوم عاشوراء، هذا هو ما سنتعرف عليه فيما يلي حيث سنسرد أهمية هذا اليوم وفضله في الإسلام.
من الواجب بالتوضيح هو أن يوم عاشوراء يعتبر واحد من أفضل الأيام التي تمر علي الأمة الإسلامية طوال السنة، ولعل ما يميز هذا اليوم المبارك هو ما فيه من أجر عظيم وبركة، خصوصا وأن رسول الله صل الله عليه وسلم قد أخبرنا بأنه يكفر عن صائمه سنة قد مضت.
حيث أن أبو قتادة الحارث بن ربعي قد روي عن رسول الله صل الله عليه وسلم قائلا ” صَومُ يومِ عَرَفةَ يُكفِّرُ سَنتَينِ؛ ماضيةً ومُستقبَلةً، وصَومُ عاشوراءَ يُكفِّرُ سَنةً ماضيةً “.
ومن الجدير بالذكر هو أن صيام يوم عاشوراء يأتي علي ثلاثة رتب أو درجات، فيكون أصحاب الدرجة الأولي هم من يصومون مع يوم عاشوراء يوما قبله ويوما بعده، بينما أصحاب الدرجة الثانية هم من يصومون من يوم عاشوراء يوما قبله أو يوما بعده، ويأتي في المرتبة الأخيرة من يصومون يوم عاشوراء فقط.
