أمراض القلوب هي آفة الشعوب في عصرنا الحالي، وهي أكثر ما يؤرق المجتمعات بشكل كبير، وسنعرض لكم في هذا المقال في موقع موسوعةحكم عن الحسد والغيرة والحقد ومقولات من التراث تحذر من هذه المشاعر السلبية،
حكم عن الحسد والغيرة والحقد
ديننا الإسلامي الحنيف يسعى إلى تطهيرنا بكل الصور الممكنة، فالمسلم يكن طاهر البدن وطاهر القلب، ولذلك الحسد والغيرة والحقد من أمراض القلوب التي وضع لها ديننا الحنيف حدًا.
لا يخفى على أحد الأذى المجتمعي الكبير الذي من الممكن أن ينتج عن انتشار أمراض القلوب بالمجتمع، مثل الحسد والغيرة والحقد.
فالمسلم يكن محبًا صادقًا يحب الخير بنفسه وللآخرين.
وذُكرت على مر العصور الكثير من الحكم والأشعار والأقوال المأثورة حول هذا الشأن.
وأكثرهم بلاغة بالطبع قول رسولنا الكريم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانًا”
نهانا رسولنا عن البغض والحسد بصورة مباشرة، وأمرنا أن تحل مشاعر الحب والإخوة بديلًا لهذه المشاعر المؤذية، وتطهيرًا للقلب.
قالوا قديمًا أن الحسد أو ذنب وأول معصية حلت على الأرض على الإطلاق، حين حسد قابيل هابيل.
وهناك مثل إيطالي شهير يقول أن الحسد يضر في المقام الأول الحاسد فهو يأكله ويؤذيه كما يؤذي انتشار الصدأ بالحديد.
وقيل في الحسد: إياك أن تنشر وتذيع كل خير تملكه، فهناك من يراقبك بصمت يرغب في زوال نعمتك.
وقال الطغرائي عن الحسد:
واحذرْ حسودَك ما استطعت فإنَّه إن نمت عنه فليس عنك براقدِ
إنَّ الحسودَ وإن أراك توددًا منه أضرُّ من العدو الحاقدِ
منذ قديم الزمان، وحتى قبل انتشار الإسلام، وتحدث الكثير من الحكماء والشعراء عن الحسد والحقد والغيرة، وحذروا من آثارها على الحاسد والمحسود معًا.
فهذه المشاعر المنفرة والسيئة من الممكن أن تعرقل الحياة، وتضع الشخص في مأزق كبير مع الآخرين.
الحاسد دائمًا ما يكن خائفًا، غير راضٍ عن حياته وعن قدره، ويتطلع لما لدى غيره، فلا يستمتع بحياته، ويعيش دائمًا في هم وحزن.
الحسد والغيرة في الإسلام
جاء ديننا الإسلامي الحنيف ليقم بتقويم المشاعر الإنسانية، وأشارت الأحكام الشرعية إلى حرمانية الحسد والغيرة في الدين الإسلامي، ومن يحسد يقع في ذنب كبير.
فالحسد هو ذنب إبليس الأول، وطُرد من السماء وأصبح من الخاسرين بسبب هذه المشاعر السوداء.
وقتل قابيل أخيه هابيل بدافع الجسد والحسد أيضًا، وكانت هذه أول جريمة على الأرض.
والحسد يكن عدو نعمة الله، ويكن معارضًا لقدر الله عز وجل ولحكمته في تسيير الأمور، فلا يمكن على الإطلاق أن يجتمع إيمان العبد مع الحسد في قلب واحد.
فالمسلم يسلم أمره كله لله، ويكن على يقين تام بحكمته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين”.
فالعين والحسد بالفعل في مجتمعاتنا أمر ثابت شرعًا، ولذلك على المسلم أن يسعى لتنقية قلبه، وأن يدعوا الله أن يشفيه من أمراض القلوب، حتى يشعر بالراحة والسكينة.
وحتى يكن قادرًا على تجاوز الصعاب، فجميعنا حياتنا مليئة بالنعم، وعلينا أن ندرك ذلك جيدًا، ولا نترك أنفسنا إلى الشهوات وإلى وسوسة الشيطان.
والحسد المحمود في الإسلام فقط هو الذي ذكره رسولنا الكريم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا حسد إلا في إ ثنتين رجل أتاه الله القران فهو يقوم به آناء الليل وأناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار”.
والحسد هنا يأتي بمعنى الغبطة، أي تريد أن تتنافس بشرف في ما يرضي الله، ولكنك لا تريد أن تزول النعمة من يده.
دعاء الحسد والغيرة
وكما أنزل الله عز وجل الحسد والحقد والغيرة، أنزل الداء أيضًا، فالمسلم يأخذ بالأسباب ثم يطمئن بجوار الله، فالله مدبر الأمر كله.
على المسلم أن يدعوا الله دائمًا أن يقيه شر الحاسدين، وأن يبعد عنه المنافقين وأصحاب أمراض القلوب، ويقرب إليه فقط من يريد له الخير والفلاح.
والله قريب من عباده المؤمنين يستمع إلى دعائهم ويجيب عنهم.
كما قال لنا رسولنا “استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود”، فالمسلم فطن ذكي، لا يقم بالحديث عن النعم التي يعيش فيها أمام من حُرم منها.
ولا يتحدث عن شيء إلا ويقول بسم الله ما شاء الله اللهم بارك.
فذكر اسم الله أي شيء يباركه بإذن الله، ويقيه من الحسد والفتنة وفيره.
ويحصن المسلم نفسه بالرقية الشرعية، التي تساعده في الخلاص من السحر وتبعاته.
فيقرأ المسلم سورة الفاتحة، والإخلاص، والفلق، والناس ثلاث مرات.
ويردد كثيرًا دعاء رسولنا الكريم “اللهم أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا”.
ثم يدعو الله أن يقيه ويحميه من كل عين ومن الحُساد والحُقاد، وأن يدعو الله أن يشفيه باسم الله الواحد الأحد.
فالمسلم ليس له سوى الله يلجأ ويتضرع إليه.
والدعاء الذي ورد عن نبي الله محمد هو “باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك”.
أسباب الحسد والغيرة
السبب الرئيسي لمشاعر الحسد والحقد والغيرة هو ضعف الإيمان، فالحسد يشير إلى ضعف إيمان الشخص بالقضاء والقدر، وعدم قدرته على فهم وإدراك حكمة الله في تسيير الأمور.
فمن يؤمن بالله لا يحسد الآخرين، ويشكر الله على النعم التي وهبها الله له.
وهناك أسباب عديدة للحسد والغيرة، ولكن السبب الأول غالبًا ما يكن الشعور بالبغض والكره، تجاه المحسود.
قال الله تعالى في سورة القلم “وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ (51)”.
فمن يحسد ويراقب الناس ببصره يحمل بعض من مشاعر الكافرين، فاليهود كانوا أكثر الناس بغضًا وكرهًا للآخرين.
فيفرح الحاسد بالبلاء الذي يقع على المحيطين به، ويحزن إذا أصابهم فرج أو فرح.
ومن أسباب الحسد الكبر، وكان ذلك هو السبب الرئيسي وراء كره وحسد الكافرين لنبي الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الممكن أن يحسد أحدهم حبًا في الرئاسة أو في الجاه، فهو يريد أن يصبح الأفضل في كل شيء دائمًا، ويريد أن يكسر ويحطم المحيطين به، فهو يريد الخير كله لنفسه فقط.
ويكن خبيث النفس، منافس يظهر عكس ما يبطن، فيظهر للمحيطين به أنه محب وصديق، وهو في الأصل كاره وحاقد.
مرض الحسد والغيرة
الحسد والغيرة والحقد من أمراض القلوب التي تحدث آثارًا سلبية على الحسد وعلى المحسود وعلى المجتمع ككل، ولذلك حذرنا ديننا الإسلامي منه.
فالحاسد أو المتضررين من حسده، فيكن دائمًا في حزن وهم، والغيرة والكبر يسيطرون عليه، وتجعله دائمًا غير راضٍ عما يعيشون فيه.
كما يحيط بالحاسد الغم دائمًا، ويكن غير قادر على تجاوز هذا الشعور إطلاقًا.
ويعاقب الله عز وجل الحاسد، فلا تحل البركة على حياته، وإذا أصابه هم أو مصيبة لا يؤجر عليه.
قل رسول الله صلى الله عليه وسلم “ثلاثة لا يستجيب الله دعائهم، آكل الحرام، ومخبر الغيبة ومن كان في قلبه غلٌ أو حسدٌ للمسلمين”.
والحسد يضر المجتمع كثيرًا، فتنتشر مشاعر الشحناء والضغينة بين الأفراد.
وتنتشر الجريمة بين المجتمعات، لافتقاد مشاعر السلام والراحة.
وينتشر الخبث والكره والكذب، فلا يمكن أبدًا الجمع بين الحق والعدل وبين الحسد والغيرة.
وكان أكثر الناس حقدًا وحسدًا هم اليهود، ولذلك ابتلاهم وغضب عليهم الله عز وجل.
والمحسود يعاني الكثير من المرض والهم والتعب بلا سبب، تضررًا من الحسد.
وهكذا نكن قد أشرنا إلى حكم عن الحسد والغيرة والحقد ، وأوضحنا حكمهم الشرعي استنادًا على القرآن الكريم وعلى السنة النبوية الشريفة، وكما أوضحنا كيف يمكنك التعامل مع أصحاب أمراض القلوب.
