ديننا الإسلامي الحنيف نظم العلاقات بين الرجل والمرأة، منعًا للفتن، ويتساءل اليوم الكثير من المسلمين غض البصر واجب على من؟، وهل هو أمر إلهي خاص بالرجال فقط، أم يشمل النساء أيضًا، هذا ما سنجيب عليه بشكل تفصيلي في هذا المقال في موقع موسوعة، كما سنعرض الأضرار والمشاكل المجتمعية التي من الممكن أن يسببها إطلاق البصر، وسنستند في حديثنا على القرآن الكريم وعلى سنة نبينا.
غض البصر واجب على
غض البصر يعني كف البصر، أو منع إطلاقه في الأمور التي لا تحل للمسلم، وفرض الله غض البصر لحماية المجتمع الإسلامي من الفتن.
غض البصر واجب على كل مسلم ومسلمة، فهو واجب على النساء والرجال معًا، وجاء ذلك بأمر واضح من الله عز وجل بالقرآن الكريم.
قال الله تعالى في سورة النور “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ (30)”.
قال الله تعالى في سورة النور “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنََّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا (31)”.
جاء الحكم الشرعي واضح مرة للرجال، ومرة أخرى للنساء، وهذا يدل على أهميته الشديدة.
فغض البصر والامتناع عن النظر إلا ما لا يحل لك أمر إلهي واضح.
وجاء الأمر بحفظ الفرج مباشرة بعد الأمر بغض البصر، وذلك دلالة على وجود علاقة قوية بين الأمرين.
فمن يحفظ بصره ولا ينظر إلى ما لا يحل له، يحفظ بطبيعة الحال فرجه، ويكن قادرًا على مواجهة هوى النفس.
ويعد غض البصر من أسباب الوقاية من أمراض القلوب.
وعندما أهمل المسلمون هذا الأمر الإلهي الواضح، زادت المفسدة في الأرض، وازداد الفجور والانحراف.
فالله عز وجل منعنا من إطلاق بصرنا، لكي يقينا من الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن.
هل غض البصر واجب على النساء والرجال
نعم بالتأكيد غض البصر واجب على كل المسلمين، النساء والرجال، ويظن الكثير أن الرجل فقط هو المأمور بغض البصر، وهذا الأمر غير صحيح، فالمرأة أيضًا عليها ألا تطلق نظرها.
فالمسلم لا ينظر على الإطلاق إلى حرمة وعورة غيره، سواء كان هناك من يراقبه أم لا، فهو يدرك تمامًا بأن الله يراه في كل وقت وفي كل زمان، فهو العليم الرقيب، يعلم ما نخفيه وما نبديه، هو العليم الرؤوف بنا.
وعلى الرجل المسلم أن يغض نظره تمامًا عن زينة المرأة الأجنبية، وألا يقم بتتبع العورات، أو التدقيق في تفاصيل جسدها أو وجهها.
فالحدود في التعامل يدل على رقي المسلم، وعلى قوته وقدرته على التحكم بشهواته.
والمرأة أيضًا ملزمة بغض البصر عن الرجل الأجنبي، وتعمل على عدم إبراز فتنتها، فالتعامل يكن بصورة عملية مع الأجانب.
وغض البصر يكن أيضًا عن بيوت الناس، فعليك ألا تطلق بصرك في بيت من يقم بدعوتك، حتى لا ترى شيء لا يريدك أن تراه.
وجاء الأمر الإلهي بضرورة الاستئذان قبل الدخول إلى المنازل، مباشرة بعد آية غض البصر وحفظ الفرج.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو اطلع أحدٌ في بيتك ولم تأذن له فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح”.
فالعين من نعم الله عز وجل على المسلم، ولذلك عليه بطبيعة الحال أن يقم باستخدامها فيما يفيد، وألا يعصي الله بها قط.
وهكذا يسد غض البصر مدخل للشيطان، وهو بداية الصحوة واليقظة، فلا تتحكم الشهوة في الشخص، ولا يعاني الشخص من أمراض القلوب.
ما معنى غض البصر للنساء
قالوا قديمًا أن النظرة سهم مسموم، وهي باب الكثير من الفتن والشهوات، وغض النظر للنساء يقي من آلام القلوب، وتشتت الفكر والذهن.
المرأة المسلمة في ديننا الإسلامي الحنيف مكرمة بشكل كبير، فلا يحق لأي شخص أجنبي أن يمسها أو حتى ينظر إليها، وذلك لحمايتها.
كما حمى الله عز وجل قلبها، وأمرها ألا تطلق بصرها، وأن تحافظ على غض البصر عند التعامل مع الأجانب.
وجاء الأمر الإلهي موجه بشكل خاص للنساء، لأهميته الشديدة.
فإطلاق البصر لا يجلب سوى الحسرات، فتصبح المرأة مشتتة وتفقد تركيزها.
وهذه النظرات المحرمة تفقدها متعة الإيمان والخشوع فيما بعد، فيكن قلبها مرهق ومثقل بشهوات الدنيا.
ومن المعروف عن المرأة المسلمة حياءها وعفتها ونقاءها وحشمتها، وعليها مراقبة الله في كل تصرفاتها.
فتقم بعدم إظهار مفاتنها، وعدم التدلل في القول أو العمل أما الأجانب.
ولا تقم بالتعامل والتفاعل مع الرجال الأجانب إلا إذا كان هناك حاجة قوية لذلك، وإلا تقم بالابتعاد عن أماكن الشباب على قدر المستطاع.
كما تحيط المرأة نفسها بصديقات صالحات، لمساعدتها في إتباع طريق الصلاح والفلاح.
أضرار عدم غض البصر للرجال
لا يخفى على أحد الأضرار الجسيمة التي نتجت عن إطلاق البصر في المجتمعات، وعدم الالتزام بغض البصر، فنادرًا ما تجد رجل يغض بصره عن نساء المسلمين، ويتعامل معهم بالحدود الشرعية التي وضعها لنا الله عز وجل.
إطلاق البصر مفسدة للقلوب، فينظر الرجل إلى النساء الأجانب وتشتعل النيران في قلبه، وبالتأكيد لا تشبعه زوجته بعد ذلك، فقد رأي الكثير من النساء، وأصبح يبحث عن امرأة واحدة خارقة تجمع كل ميزات النساء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ”.
النظر إلى المحرمات اليوم أصبح أمر يسير للغاية، سواء في الطرقات، أو في شاشات التلفاز، فكل الفتن تحيط بالرجال، وأدى ذلك إلى ازدياد معدلات التحرش والزنا والشذوذ والعياذ بالله.
النساء فتنتهن كبيرة للغاية على الرجال، وعلى المسلم أن يقي نفسه من هذه الفتن، وأن يحفظ قلبه وعقله ويتقي الله بغضه لبصره.
وإطلاق البصر ذنب كبير للغاية، ومع الوقت يقسو قلب المسلم بما يراه.
والعياذ بالله يمهد إطلاق البصر إلى وقوع الكثير من الكبائر.
إذا لم يستطع المسلم التحكم في شهوته، يصبح ضعيف النفس، مشتت الهوى، مشغول البال دائمًا، بعيد عن الناس، لا يستطيع أن يصبح ذو علاقة عاطفية سوية وسليمة.
والبصر سيشهد على المسلم يوم القيامة.
قال الله تعالى في سورة الإسراء “إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولً (36)”
فوائد غض البصر عن المحرمات
إذا استطاع المسلم غض بصره عن الفتن وعن المحرمات، فهذا سيحقق فوائد كبيرة للغاية للفرد والمجتمع، ومن أهم الفوائد المحققة:
من يتبع تعاليم الله عز وجل ينال ثواب كبير بإذن الله في الدنيا والآخرة.
وينال المسلم ثواب إطاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تتبع النظر النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة”.
وبغض البصر يكن المجتمع المسلم مجتمع خالي من الفتن، وتقل الحوادث المزعجة التي نسمع عنها بصورة يوميًا، مثل حوادث التحرش والاغتصاب.
وتشعر المرأة المسلم بالأمن والسلام في مجتمعها، مما يجعلها عضو فعال وعامل.
كما يصيب غض البصر القلب براحة وحكمة وسكينة عميقة للغاية، فهو أول طريق الهداية والبعد عن الضلال بإذن الله.
إطلاق البصر ييسر طرق الفساد والرذيلة بالمجتمع المسلم، ولذلك من يغض بصره يزكي نفسه ويطهرها.
ومن الممكن أن يجدد المسلم نيته، ويجعل غضه لبصره شكرًا لرب العالمين على هذه النعمة الغالية.
وإذا وهبنا الله عز وجل نعمة كبير كالبصر، كيف نقم باستخدامها في معصيته !.
والمسلم قوي، قادر على السيطرة على شهواته، ويقم بسد كل أبواب الفتن والغواية بحكمته وحبه لله عز وجل.
قال الشعراء قديمًا “معظم النار من مستصغر الشرر”، فلا تستهين إطلاقًا بذنب النظرة المحرمة.
وهكذا نكن قد أوضحنا غض البصر واجب على من، واستندنا في حديثنا على الآيات القرآنية الكريمة، وعلى الأحاديث النبوية الشريفة.