تمتلك البلاد العربية على اختلافها تاريخ طويل وحضارات مختلفة أثرت في العالم في شتى المجالات حتى قبل الفتح الإسلامي لها، وتعد مصر والعراق أكبر شاهدتين على التقدم الحضاري الذي قدمته تلك الدول قديما، مثل حضارة الفراعنة، وحضارة بلاد الرافدين، ومنذ قديم الزمان كانت تلك الدول مطمع للعديد من الغزاة، وعلى رأسها القدس تلك الأرض الطاهرة المقدسة، وهناك العديد من الحضارات الأخرى التى اندثرت بشكل شبه كامل ولا نسمع عنها إلا القليل مثل الكنعانيين، فياترى من هم أولئك الكنعانيون؟ وبلاد كنعان اين تقع؟ كل ذلك وأكثر سنحاول عرضه لكم في السطور القليلة القادمة من هذا المقال عبر موسوعة. العربية الشاملة.
بلاد كنعان اين تقع؟
بلاد كنعان هي بلاد حاليا تتبع الدول العربية، ولها الكثير من الآثار الشاهدة على تلك الحضارة العظيمة التي امتدت من غزة غربا حتى بلاد الشام “سوريا” ولبنان وفلسطين، وأجزاء من غرب الأردن، كل تلك الأراضي كانت تابعة للكنعانيين في زمن قديم.
كانت تلك البلاد تحوي العديد من الخيرات والمناظر الخلابة، ونهر العاصي كان يمر بها، وتضم أيضا المصب لذات النهر، وكانت تحدها المملكة المصرية من الجنوب، وكانت تمتلك مساحات شاسعة ساحلية على البحر الأبيض المتوسط، وكان أهلها لهم لغة سامية خاصة بهم كباقي الشعوب.
وسبب اختفاء تلك الحضارة عندما أتى الغزو الروماني إلى تلك البلاد، فطمست هوية أهلها، وغيرت اسم البلاد، ولكن يقال أن الكنعانيين لم يستسلموا وأقاموا لأنفسهم مستعمرات امتدت من غير البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى المحيط الأطلسي.
وقد عانت أرض الكنعانيين من الغزاة على مر التاريخ, منذ الهكسوس إلى العموريين والحواريين وصولاً إلى المصريين، الذين تأثر بهم الكنعانيون بهم كثيراً، وانعكس ذلك التأثر على تغير في عاداتهم وتقاليدهم.
سبب تسمية أرض كنعان بهذا الاسم
اختلف المؤرخون على سبب تسمية أرض كنعان بهذا الاسم، وعلى معنى الاسم في الأصل، فما معنى تلك الكلمة؟ وما دلالتها ؟
الآكديون هم من أطلق هذا الاسم
يقول العديد من المؤرخين بأن الاسم مشتق من اللغة الآكدية وهو (كانجي) أو (كنعاني)، وكان يوجد هذا الاسم في بعض الأسامي التي وجدت في منطقة تل العمارنة في مصر، وهو اسم أطلقه البابليون، وهو بمعنى اللون الأحمر الأرجواني.
المصريون من أطلق هذا الاسم
فيرجع بعض المؤرخين إلى أن المصريين في العصور القديمة اسم (فنخور) على أحد الشعوب الموجودة في الشام، ولكن قام الإغريقيون باستعمال اسم كنعان وتحويره إلى (فويفكس) ويعني فينيقيا.
الكنعانيون أنفسهم من أطلق ذلك الاسم
بحيث يرى أن الكنعانيين هم من أطلق على أنفسهم ذلك الاسم؛ للتعبير عنهم وعن ثقافتهم الخاصة.
اليهود من أطلق هذا الاسم
كان أصل الكلمة في العبرية القديمة هو (كنع) بمعنى المنخفض، وقد نسب اليهود الكنعانيين إلى نسل حام بن نوح، وكانوا ينسبون كل أعدائهم إلى ذان النسل.
العرب من أطلق هذا الاسم
فمن الناحية اللغوية، ففي اللغة العربية أصل لهذا الكلمة مثل (قنع) و(خنع) و(كنع) كلها لها أصل عربي بمعنى الهبوط أو التواضع.
الحورانيون من أطلقوا هذا الاسم
على أساس أن كلمة كنعان مشتقة من الكلمة (كناجي)، وهي كلمة بمعنى الحورية القرمزية، أو الصبغة الأرجوانية، واطلق الحوارنيون على الكنعانيين ذاك الاسم بسبب صناعتهم.
الطقوس الدينية عند الكنعانيين
للكنعانيين ديانة خاصة بهم، وكان لهم طقوسهم الخاصة، ولكن في الأصل كانت تلك الطقوس تهدف إلى طرد الأرواح الشريرة، وكسب رضا آلهة، ونتحدث عن بعض تلك الطقوس في السطور القادمة:
حرق الأصنام وقرع الطبول
كان الكنعانيون يعتمدون في طقوسهم لطرد الأرواح الشريرة وجلب الأرواح الطيبة على جمع التماثيل وحرقها على النار، إضافة إلى قرع الطبول.
الاغتسال والتطهير
وكان للكنعانيون في دينهم قيمة كبيرة للتطهر والنظافة، فكانوا لهم أربع طرق للاغتسال، وكان الاغتسال لهم قيمة أكبر من مجرد تنظيف الجسد، وإنما تطهير النفس أيضاً مما تقترفه من ذنوب، وكانت كما يلي:
أولاً الاغتسال بالماء:من أكثر تلك الطرق استخداماً بشكل يومي هو الاغتسال بالماء، وكان الاغتسال اليومي فرض لا يمكن التهاون فيه.
ثانياً الاغتسال بعد الحرب: كانت ديانة الكنعانين تفرض الاغتسال بعد العودة من المعارك؛ لأن المعارك هي إثم كبير يجب سرعة التطهر منه.
ثالثاً الاغتسال بالنار: وهي من أفضل الطرق للتطهير لديهم، عن طريق تطهير اللحوم بالنار.
رابعاً الاغتسال بالزيت: وكان ذلك حكراً فقط على الملوك غالباً فقط كان يستخدم دهاناً أرجوانياً كان يتقدون أنه يشفي من بعض الأمراض.
الألواح الجنائزية
وهي عبارة عن بعض الألواح التي يتم تثبيتها عن طريق الطين، وكانت في الغالب تكون منحوتة على شكل المتوفى، أو على شكل مثلث.
تقديم القرابين
استكمالاً للطقوس الدينية عند الموت لدى الكنعانيين، فمن تلك الطقوس هي ذبح الحيوانات وتقديمها كقربان للآلهة مع الميت؛ حتى لا يمس الميت أي شر، وكانت توضع تلك الحيوانات في أواني تشبه زهرة السوسن.
غزو الكنعانيين
بسبب موقعها الهام استراتيجياً وعسكرياً، كانت بلاد الكنعان تتعرض للحكم الخارجي والهجمات المختلفة من العديد من البلاد التي تريد بسط يدها على قلب بلاد العالم القديم، وسنتحدث في سطور قليلة عن بعض أولئك الغزاة.
الغزو المصري
كانت من أول الدول التي غزت بلاد الكنعانيين هي الدولة المصرية الحديثة، حدث ذلك خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد، عهد الأسرة السادسة عشر، بالتحديد عصر الملك المصري “وني”.
وكان قائد الجيش المصري في هذا الوقت هو تحتمس الثالث، واستطاع تحتمس الانتصار على جيش قادش، بعد أن حاصر تحتمس الثالث قادش بجيشه في مدينة مجدو مدة سبعة أشهر، وبعدها اضطر قادش للاستسلام، واستمر حكم المصريين للكنعانيين طيلة اثني عشر شهراً.
الغزو الحيثي
وبعد فترة من الزمن بدأ قوة اخرى في الظهور ومحاربة المصريين أملة في ضم بلاد الشام إليها، وهي الدولة الحورية، والتي تحاربت مع الدولة المصرية لمدة طويلة، ولكن بعد ذلك استقر الوضع بعد اتفاق الحوريون مع المصريين باتفاق تقسيم بلاد الشام، فكان من نصيب مصر الجانب الجنوبي من الشام وللحوارنيين الجانب الشمالي.
ولم يدم الوضع هكذا كثيرا حتى ظهر (عبدي عشيرتا)، وادعى عشيرتا أنه سيوحد بلاد الشام كلها تحت رايته، فما لبث أن يغزو بلاد الشام واسقط بعضها من يد المصريين وأيضا من يد الحورانيين، وكان مدعوم هو وابنه من بعده من الحيثيين، حتى كان له ما طمح إليه، فانقلب عليه الحيثيون وضموا اغلب بلاد الشام لهم.
ولكن بدأ التحرك المصري تجاه الخطر الحيثي، واستطاع استرجاع بعض المدن التي احتلها الحيثيين مثل مجدو حوران،إضافة إلى بعض المدن التي تقع على حدود لبنان، وتم الاتفاق بين الجانب المصري والحيثي علي تقسيم بلاد الشام، ليكون لمصر الجانب الجنوبي منها، ويكون للحيثيين الجانب الشمالي.
كنعان مطمع الغزاة
وصولاً إلى العام 1190 قبل الميلاد سقطت الدولة الحيثية؛ بعد هجوم من الإغريق وبعض الشعوب العراقية من عدة جهات، وفي هذا الوقت ظهر الملك الآشوري “تجلات بلاسر الأول” واغتنم الفرصة، فأجبر مدينة جبيل على الجزية، واستولى على جزيرة أرواد لفترة طويلة.
وحكم الآشوريون كنعان فترة من الزمن ولكن لم تكن فترة طويلة وقد اكتفى الآشوريون بمساحة صغيرة من الأراضي المملوكة للكنعانيين.
