حثنا الله عز وجل ورسوله الكريم على بر الوالدين، ويُقصد ببر الوالدين الإحسان إليهما وإكرامهما بالعناية والرعاية، واتباع اللين والرحمة معهما، وطاعتهما وعدم معصيتهما إلا فيما كان فيه معصية لله، فقد قال الله تعالى في سورة الإسراء: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا“.
وعقوق الوالدين عكس البر بهما، وحتى لا يكون الإنسان عاقًا بوالديه فعليه القيام بالآتي:
احترامهما وتوقيرهما، وإبداء التواضع لهما، والقيام بأفعال تدل على الامتنان لفضلهما، مثل تقبيل الرأس واليدين.
ذكر أفضالهما ومدحهما سواء أمامهما أو أمام الناس، فذلك كفيل بإدخال السرور إلى قلبيهما.
معرفة ما يحتاجون إليه وقضاءه لهما.
اللجوء إليهما من أجل استشارتهما في الأمور الخاصة، وما يخص الحياة من زواج ودراسة وسفر وغير ذلك.
التحدث إليهما بلين ورفق، وحتى إن قابل الابن غلظة في حديث أحد الوالدين إليه أو كلاهما، فعليه الصبر عليهما، وعدم إبداء الضجر منهما.
عندما يتحدث الوالدان إلى الابن، يجب أن يُحسن الاستماع إليهما، ويبدي اهتمامًا فيما يقولونه حتى وإن كان يخالف اهتماماته، والتفاعل مع حديثهما.
الإسراع في إجابة ندائهما، وقضاء حاجاتهما، وتلبية متطلباتهما دون تراخ.
تقديم الرفاهيات لهما بهدف الترويح عنهما، حتى وإن لم يطلبا ذلك، مثل اصطحابها في نزهة، أو إحضار أشياء ترفيهية تسعدهما في المنزل.
التوجه إلى الله تعالى بالدعاء لهما بالبركة في الصحة والعمر، وأن يجازيهما الله على كل ما فعلاه من أجل الابن، وكل ما قدماه إليه وضحيا به لأجله، فيدعو الابن الله عز وجل أن يكون جزائهما الخير والصلاح وتيسير الأمور وحُسن الخاتمة في الدنيا، والجنة في الآخرة.
الاهتمام والعناية الشديدة بجميع شؤونهما، من المأكل والمشرب والملبس والصحة.
إخراج الصدقات لهما، ويجب أن يكون مال تلك الصدقة حلال، ويُفضل أن تكون صدقة جارية حتى يصلهم ثوابها بعد وفاتهما، مثل بناء مسجد أو طباعة مصاحف أو حفر آبار.
بر الوالدين بعد وفاتهما
وعما يفعله الإنسان ليكون بارًا بوالديه بعد وفاتهما فهو كالتالي:
تقديم العمل الصالح للوالدين بعد وفاتهما، من الدعاء والاستغفار لهما، فقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…أو ولدٌ صالحٌ يدعو له”.
القيام ببعض العادات عن الوالدين بعد وفاتهما حتى يصل أجرها إليهما، مثل الحج أو العمرة أو قضاء الصيام.
التواصل مع أصدقاء الوالدين وإكرامهم، وقد روي عن عمر بن الخطاب: “أنّه كان إذا خرج إلى مكةَ كان له حمارٌ يتروَّحُ عليه، إذا ملَّ ركوبَ الراحلةِ، وعمامةً يشدُّ بها رأسَه، فبينا هو يوماً على ذلك الحمارِ، إذ مرَّ به أعرابيٌّ، فقال: ألستَ ابنَ فلانِ بنِ فلانٍ؟ قال: بلى، فأعطاه الحمارَ، وقال: اركب هذا والعمامةَ، قال: اشدُدْ بها رأسَك، فقال له بعضُ أصحابِه: غفر اللهُ لك، أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كنت تروحُ عليه، وعمامة ًكنت تشدُّ بها رأسَك، فقال: إنّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ وُدِّ أبيه، بعد أن يُولِّيَ وإنَّ أباه كان صديقاً لعمرَ”.
علامات عقوق الْوَالِدَيْنِ
كما سبق وأن ذكرنا، فإن عقوق الوالدين هو عكس البر بهما، ومن أبرز مظاهره ما يلي:
ألا ينفق الابن على والديه بعد كبرهما، وإن حدث فهو يشعرهما بأنه يمّن عليهما، مع ذكر أفعاله الحسنة لهما أمام الناس.
النظر باستهانة أو بغضب أو بسخرية إلى الوالدين، والتسبب في إحراجهما أمام الناس، وذكر عيوبهما أمامهم.
التحدث إلى الوالدين بضجر أو بأسلوب غير لائق.
عدم تلبية نداء الوالدين وإهمالهما وعدم رعايتهما وتلبية متطلباتهما.
رفع الصوت على الوالدين والتشاجر معهما والتفوه بكلمات بذيئة وسيئة معهما.
عدم الجلوس مع الوالدين أو قلة أو عدم زيارتهما، وكذلك عدم استشارتهما في بعض الأمور.
هجر الوالدين أو إيداعهما في دور المسنين.
عدم طاعة الوالدين وعصيانهما في كل كبيرة وصغيرة، فالبعض يلجأ إلى ذلك حتى يشعر بالاستقلالية.
عدم الدعاء للوالدين وعدم إخراج الصدقات لهما سواء في حياتهما أو بعد وفاتهما.
عدم ذكر محاسن الوالدين أمام الناس، وتعمد التقليل من شأنهما.