لقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بحسن الأداء وجمال الصوت، وقد أمر صلى الله عليه وسلم أن نتغنى ونحسن أصواتنا بالقرآن بشرط عدم الخروج عن طريق الأئمة والسلف الصالح الذين طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الالتزام بقواعد المدود و الأحكام التجويدية ومراعاة الآداب التي يلتزم بها القاريء، وفي هذا المقال نتناول بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض قراء القرآن الكريم في زماننا هذا، تقدمها لكم الموسوعة العربية الشاملة.
الخطأ أو ما يعرف في علم التجويد باللحن هو مخالفة حكم أو أكثر من الأحكام التي قرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم كما أقرأه إياها جبريل عليه السلام عن رب العزة، وينقسم اللحن إلى قسمين:
وهو الذي يدركه العالم بالتجويد وغير العالم، فهو نوع من السهل ملاحظته أثناء القراءة، بإبدال الثاء سينًا أو الالصاد زايًا، وحكم هذا اللحن أنه حرام شرعًا يأثم من فعله عامدًا.
وهو الذي لا يدركه إلا العالم المتمرس في علم التجويد، وهو كجعل الإخفاء إدغامًا والإقلاب إظهارًا إلى غير ذلك مما لا يلاحظه إلا المتمكن الدارس، وهذا الخطأ طالما أن صاحبه لا يعلمه أو فعله ناسيًا فلا يأثم بفعله.
ونقصد بها الأخطاء المتعلقة بالصوت نفسه لا بأحكام التجويد فنجد بعض القراء -خاصةً في زماننا- هذا من يقوم بها ومن هذه الأخطاء:
وهو الترنم وتنغيم المقامات، فمن القراء من يذهب إلى تعلم المقامات الموسيقية ثم يأتي ليطبقها كلام الله سبحانه وتعالى، فينقل آهات الأغاني إلى القرآن الكريم فيصرف السامع عن التدبر والخشوع، ونحن لم نسمع عن سيدنا داود عليه السلام أو أحد الصحابة رضوان الله عليهم أنه تعلم منها شيئًا، فيجوز للقاريء تنغيم صوته وتحسينه بشرط ألا يفضي ذلك إلى ما ذكر.
وهي القراءة بسرعة مفرطة تخل بالمعنى والمبنى للآيات الكريمة، بحيث لا تنحدر القراءة تحت أي نوع من أنواع القراءة المتواترة وهي: التحقيق والترتيل والتدوير والحدر، فيجوز قراءة القرآن بسرعة بشرط عدم الإخلال بحكم من أحكام التلاوة والتجويد ولكن مع الأسف نجد كثيرًا من الطلاب من يسرع في قراءته دون مراعاة لأحكام قراءة القرآن الكريم، يدعون أنهم لا يجيدون الحفظ إلا بهذه الطريقة ونسوا قوله تعالى: ( ورتل القرآن ترتيلا) {4-المزمل}، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلف جبريل قبل أن يتم جبريل القراءة، أرشده ربه إلى التمهل فقال: ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) {18-القيامة}.
وهو مما ابتدع في زماننا هذا، وهو أن يقرأ القاريء جزءًا من الآية في بطء ثم فجأة ينطلق بالسرعة القصوى وكانما يجري الشيطان خلفه، فهذا مما لا يتناسب مع التأدب مع كتاب الله.
أي يرعد بصوته فيقرأ وكأن به برد أو ألم، وقد يخلط بذلك شيئًا من ألحان الغناء.
وهو أن يترك طباعه، وعادته في التلاوة، ويأتي على وجه آخر كأنه حزين يبكي، ولا نقرأ بهذه الطريقة مع ما فيها من خشوع وخضوع، لما فيها من الرياء أعاذنا الله وإياكم منه.
ربما كثيرًا ما رأيت من القراء في عصرنا الحالي من تستمر تلاوته أكثر من دقيقة والحقيقة أن هذا ما لا يمكن للقاريء الطبيعي القيام به إلا قاريء آتاه الله من طول النفس ما ليس كالإنسان العادي كالشيخ عبد الباسط عبد الصمد، فهؤلا يسرقون النفس فيتنفسون عند السواكن، أو يأخذون النفس عند سكتات حفص رغم أنها وقف بدون تنفس، وكذلك يفعلون عند باقي القراءات التي تجيز السكت كقراءة حمزة، فلا بد أن يراعي القاريء ربه فيما تعلم.
وهو في اللغة الإتقان والتأكد، وهو باختصار البطء والترسل في التلاوة مع مراعاة جميع أحكام التجويد من غير إفراط، وهو نوع من الترتيل.
وهو في اللغة الإسراع، وهو باختصار إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها وإقامة الإعراب مع مراعاة جميع أحكام التجويد من غير تفريط.
وهو في اللغة من جعل الشيء على شكل دائرة، أي: حلقة، وفي الاصطلاح: التوسط بين التحقيق والحدر.
فهو يعم كل تلك المراحل إذ لو كان مرتبةً مستقلةً إذًا لكان التدوير والحدر ليسا ترتيلًا، وعند ذلك لا يكونان مما أمرنا الله به (ورتل القرآن ترتيلا)، والصحيح أن المراتب الثلاثة قد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أفضلها التحقيق مع التدبر، ولو كان مع قلة القراءة، لأن المقصود فهمه والعمل به وما تلاوته وحفظه إلا وسيلة.
وفي النهاية فإنه يجب علينا التحلي بالأدب مع كتاب الله رب العالمين، فنقرأه بتدبر لمعانيه وبتحقيق لمبانيه، ولكي تعرف ذلك يجب عليك دراسة علم التجويد على يد من لهم علم به لتعرف قواعد القراءة الصحيحة، وأيضًا إذا أردت التزود في تدبر المعاني فحاول ما استطعت القراءة في علوم القرآن المختلفة كالتفسير وغيره مع تفتيح عقلك مع كتاب الله، لتكون ممن يحفظون كلام الله عن فهم وتدبر لا مجرد ترديد وأداء، بالطبع مع الصوت الحسن ما أمكن بشرط الخشوع؛ لتكون إن شاء الله تعالى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، (الموسوعة).