قال العلماء والفقهاء أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب ماتت على غير الإسلام، فلم تمت وهي مسلمة، ولذلك فهي من أهل النار.
ولقد تم الاستناد في ذلك إلى ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أزور قبرها فأذن لي”. رواه كذلك النسائي وأبو داود.
وفي تفسير هذا الحديث قال صاحب عون المعبود أن الله عز وجل لم يأذن لرسوله صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لأمه لأنها كانت كافرة، ولقد نهى الله عز وجل الاستغفار للكافرين.
وعن أبي رزين قال: “قلت يا رسول الله أين أمي، قال: أمك في النار، قال: قلت: فأين من مضى من أهلك، قال: أما ترضى أن تكون أمك مع أمي في النار”.
حيث أقام الله عز وجل الحجة على كل من ماتوا في الجاهلية بعد أن بلغتهم دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وهي الدعوة التي بلغتهم قبل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن بلغته الدعوة ولم يؤمن بها فقد مات على كفر وكان من أهل النار.
واستند العلماء في ذلك إلى أن آمنة بنت وهب ماتت قبل البعثة، فلم تبلغها الدعوة، فهي من أهل الفترة، ولذلك فهي ماتت ناجية، لأن زمنها كان متأخر، ومرت فترة كبيرة بينه وبين زمن آخر الأنبياء، وهو سيدنا عيسى عليه السلام، ولأن الجهل كان منتشر في هذا العصر؛ فلم تصل دعوة نبي من أنبياء الله إلا القليل من أحبار أهل الكتاب.
وتُعد آمنة بنت وهب من أهل الفترة، لأنها لم تكن من ذرية عيسى عليه السلام ولا من قومه.
أما عن مصير أهل الفترة؛ فقد قال العلماء أن الله عز وجل يمتحنهم على الصراط، فإن أطاعوا أدخلهم الله الجنة، وإن لم يكن ذلك أدخلهم الله النار.
وقال الحافظ بن الحجر: “إن الظن بهما أن يطيعا عند الامتحان”، فلم يُثبت عن آمنة بنت وهبة أنها كانت مشركة، بل كانت على دين جدها إبراهيم عليه السلام.
ومن العلماء من يقول أن حديث رفض الله طلب رسوله بالاستغفار لوالديه ليس دليلًا على أنهما كانا كافرين، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل الميت المديون على الرغم من عدم كفره.
ويقول العلماء من أصحاب هذا الرأي، أن الله سبحانه وتعالى أحيا والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى آمنا به، وهو ما أيده المحب الطبرى والقرطبى والخطيب البغدادى وابن شاهين وغيرهم.
قصة وفاة آمنة أم الرسول
هي آمنة بنت وهب الزهرية القرشية، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسبها آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
كانت قبل زواجها من أفضل فتيات قريش من حيث النسب والمكانة، وعندما تزوجت عبد الله بن عبد المطلب، أنجبت منه مُحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عند بلوغ رسول الله صلى الله عليه وسلم السادسة من عمره؛ اصطحبته أمه وحاضنَته أم أيمن رضي الله عنها، لزيارة أخواله بني عدي بن النجار.
ونزلت آمنة من ابنها وحاضنته في دار النابغة عند قبر عبد الله بن عبد المطلب، وظلت مقيمة عند أخوال الرسول عليه الصلاة والسلام لمدة شهرًا، ثم عادت بابنها إلى مكة، وخلال وجودهما بالأبواء؛ توفيت آمنة بنت وهب، نتيجة إصابتها بمرض شديد.
وعادت أم أيمن رضي الله عنها برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كانت تحبه بشدة، وتحرص على رعايته والاهتمام به.
وعندما أذن الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بزيارة قبر أمه؛ زارها وبكى عندها بشدة، وبكى الصحابة الذين رافقوه.
وزار عليه الصلاة والسلام قبرها مرة أخرى في طريقه لفتح مكة، فقد جاء في حديث بريدة -رضي الله عنه-: “لمَّا فتحَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- مكةَ أَتَى حرمَ قبرٍ فجلسَ إليهِ فجلسَ كهيئةِ المُخاطِبِ وجلسَ الناسُ حولَهُ، فقامَ وهو يَبكي فتلقَّاهُ عمرُ وكان من أَجْرَأِ الناسِ عليهِ فقال بأبِي أنتَ وأمي يا رسولَ اللهِ ما الذي أبكاكَ؛ قال: هذا قبرُ أمي سألتُ ربي الزيارةَ فأذِنَ لي، وسألتهُ الاستغفارَ فلم يأْذَنْ لي، فذكرتُهَا فذرفتْ نفسي فبكيتُ قال فلم يُرَ يومًا كان أكثرَ باكيًا منهُ يومئذٍ”.
من دفن أم الرسول
لم تذكر كتب السيرة من الذي دفن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أم الرسول ومرضعته
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحسن إلى مرضعته أم أيمن رضي الله عنها، وبعد أن كبر؛ اعتقها، وزوجها من زيد بن حارثة رضي الله عنه، وأنجبت منه ابنه أسامة.
توفيت أم أيمن رضي الله عنها بعد خمسة أشهر من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.