نحكي لكم اليوم قصة ماشطة ابنة فرعون ، فهي امرأة صالحة تعيش في منزل فرعون تمشط شعر ابنته، وكان زوجها صديقاً له وقتله عندما علم بإسلامه، وترك الزوج لها خمس أبناء أصغرهم طفل رضيع، فعاشت هذه المرأة تخدم فرعون وابنته كي تُطعم أبنائها وتوفر لهم حياة هنية، ولكن ما حدث كان غريباً ولم يخطر ببالها، ومن خلال موسوعة سنروي لكم قصة هذه المرأة التي تتحلى بقوة إيمانها.
عندما عرف فرعون بأن صديقه المُقرب منه يؤمن بالله ويعبده؛ قام بقتله، لأن فرعون يُريد الجميع يتمتعون بعبادته، فحزنت زوجته عليه وأبنائه، وعاشت في المنزل ترعي فرعون وابنته في حالة حُزن وخوف شديد من أن يعلم فرعون عن أمرها، أخفت إسلامها كي لا تتبع زوجها، وظلت في المنزل تعبد الله سراً، وفي يوم ما كانت تُمشط ابنته، فسقط المشط منها أرضاً في غفلة، وقبل أن تهم بالانحناء للأسفل لتأخذ المشط قالت: بسم الله
نظرت لها ابنة فرعون بذهول ثم قالت لها من الله؟ فقالت السيدة بارتباك ربي وربك والذي خلق هذا الكون، فصاحت الفتاة قائلة لها هل تعبدي أحد غير فرعون أبي؟ فهرولت ابنته إليه، وأخبرته بما حدث، فغضب فرعون، كيف لأحد يعيش معه في المنزل ولا يعبده بل يعبد أحد غيره، وذهبت السيدة تختبئ بين أحضان أولادها كي لا يمسهم سوء.
أمر فرعون رجاله بأن يحضروا إناء واسع، ويقوم بتفريغ الزيت داخله ثم يضعوا هذا الإناء على لهب مُشتعل، وذهب البعض الآخر من رجاله لإحضار السيدة و أولادها الخمس، ثم هددها بأن تترك دينها وتعلن إنه ربها، وإلا يذوبهم في الزيت داخل هذا الإناء.
تعلقوا الأبناء في ثياب أمهم وهم يبكون بشدة، ثم أوقفهم فرعون أمام الإناء، حذرها مُجدداً بالتخلي عن دينها مُقابل حياتها هي وأبنائها، فقالت له ربي هو الله الذي يحيي من يشاء ويميت من يشاء، فأشار فرعون لرجاله بأن يحضروا الابن الأول لها فانقضت عليه أمه تقبله وتعانقه وهي تبكي، ثم ألقى به في الإناء فصرخت الأم مُتألمة ولا تُصدق أن أول أبنائها أصبح عظاماً تطفو على سطح الزيت المغلي، وبعدها بلحظات سألها فرعون مرة أخرى عن ربها، فقالت ربي هو الله الذي على كل شئ قدير، فأحضر الابن الثاني وأتبع أخيه فأصبح عظام الأخوين طافياً للأعلى والزيت يغليه.
فصرخ الأبناء وبكيت الأم بُكاء عارم، وكان يضحك فرعون ويسخر منها، وقام بتحذيرها بأن تعبده وإلا سيقضى عليهم جميعاً، فتمسكت المرأة بإيمانها ودينها، فألقى بالابن الثالث الذي كان يصرخ ويترجى أمه بأن تُطيع فرعون، حتى سقط في الزيت وأصبح عظاماً، فتبقى الأم والابن الرابع والرضيع، تشبث الرابع بقدميها وهو يقول لها تمسكي بدينك يا أمي، فأمسك به أحد رجال فرعون ألقاه في الإناء، فماذا فعل فرعون بالرضيع وأمه؟
انتزع رجال فرعون الرضيع من بين أحضان أمه وهي تُطعمه من ثدييها، فصرخت الأم، وقالت هذا ما تبقى لي أتركه، فقال هل تتخلى عن دينك؟ فقالت لا ربي هو ديني، وقد تحدث الرضيع هنا قائلاً لأمه: يا أمي فأنتي على حق لا تتركي دينك، و انقطع صوته فجأة، وذاب في الإناء بين أخواته، ولا يتبقى سوى غيرها.
فحملوها ورفعوا إياها وقبل أن يلقوا بها داخل الإناء قالت لفرعون أن يجمع عظامها وعظام أبنائه ويضعهم داخل تُربة واحدة، فقال لها هذا واجب علي، وأمر الرجال بإلقائها، واتبعت المرأة أبنائها مُتمسكة بإيمانها، ولديها عند الله ثواب كبير.
هذه القصة من أعظم القصص التي تحكي عن قوة التمسك بالدين والتحلي بالإيمان، فقدت الأم أبنائها مقابل أن لا تتخلى عن دينها، وظلت مُتمسكة به حتى بعد قتل أولادها.