تعرف على نشأة، تاريخ، مقتطفات من شعر الشاعر الأموي عمر بن ابي ربيعة ، يزخر تاريخ الشعر العربي بالكثير من النبغاء ممن تركوا إرثاً أدبياً لا زال الناس يستشهدون به حتى يومنا هذا، وقد تنوعت الأغراض الشعرية لهؤلاء الشعراء بشكل كبير فما بين الغزل، الرثاء، المدح، الفخر كان ولا زال هؤلاء علامة من علامات الشعر العربي ومنبع فخره وأصالته.
لذا نعرض لكم اليوم نموذجاً من الشعراء العرب الذين نبغوا في شعر الغزل، الشاعر الأموي “عمر بن أبي ربيعة” لتتعرفوا على نشأته ونسبه ومقتطفات من شعره، فتابعونا في السطور التالية من موسوعة.
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم شاعر عربي الأصل، ولد في العام الثالث والعشرين من الهجرة، يرجع نسبه إلى قبيلة مخزوم القرشية لأسرة ذائعة الصيت وسط كبار قبيلة قريش، يمتلكون ثروات مالية ضخمة، وقد كان لهم ثلاثة من الأخوة الذكور هم الحارث، عبد الرحمن، عبد الله.
نشأ عمر مُترفاً ومدللاً لا يُرفض له طلب، ليجد نفسه في مجالس الترف واللهو تحوط به الجواري والأموال من كل جهة فنشأ لاهياً لا يحسب للأمور حساباً.
وُلِدَ في نفس الليلة التي قتل بها الخليفة عمر بن الخطاب، لذا فأسموه عمراً تيمناً به، كما كانت كنيته هي “أبي الخطاب”.
بعد أن نشأ شاباً تزوج من ” كلثم بنت سعد المخزومية “التي أنجبت له أثنين من الأبناء قبل أن يتوفاها الله، ثم تزوج من “زينب بنت موسى الجمجية” التي أنجبت له ولداً واحداً.
ذُكر عن عمر بن أبي ربيعة أنه كان وسيم الشكل والملامح، ذو مظهر جيد، رُزق دون عناء سعة العيش والأموال الكثيرة، ليجد نفيسه تذهب إلى مجالس الغناء واللهو، كما ورد عنه أمه كان ينتظر مواسم الحج ليقف في طريق السيدات الجميلات القادمات من بلاد اليمن، الشام، الحجاز ويروي عليهن أبياتاً من شعره، ومنها:
( ليت ذا الدهر كان حتما علينا | كل يومين حجة واعتمارا ) |
الذي تمنى فيه لو أن موسم الحج يستمر طوال العام ليتمكن من مشاهدة هؤلاء النسوة طوال الوقت ويتغزل في جمالهن، إلا أنه بسبب ذلك فقد قام الخليفة “عمر بن عبد العزيز” بنفيه إلى دهلك.
ولكن عندما تقدم بالسن قد توقف وتاب عمر بن أبي ربيعة عن أفعاله اللاهية ويتوقف عن التعرض للنساء واللهو في مجالس الغناء.
وقد ورد أن عمر بن أبي ربيعة قد توفي بعدما تجاوز السبعين من عمره أي في حوالي العام الثالث والتسعين من الهجرة، وقد تضاربت ألقوال حول وفاته فمن الناس من قال انه قد توفي غرقاً في البحر بعدما احترقت سفينته التي كان يستقلها في إحدى الغزوات ليموت ومن معه من الرجال جميعاً.
بينما ارجع البعض وفاته لدعوة احدي السيدات اللاتي ورد ذكرهن في شعره بأن يجعله الله طعاماً للريح وتأخذه بعيداً عن الدنيا، لتهب عاصفةً قوية تتسبب في سقوط أحد جذوع الأشجار عليه ليلقى ربه بذلك.
عُرف عن عمر بن أبي ربيعة عذوبة شعره وسلاسة أبياته وحلاوة رنينها الموسيقي الذي يقع على الأذن فلا تسأم من سماعه، فقد كان شعره سهلاً ليناً يأخذ طابعاً موسيقياً في المقام الأول.
ساد في شعره ألفاظ اللهو والخلاعة، كما أن أشعاره قد دارت بشكل رئيسي حول موضوع واحد وهو “المرأة ومفاتنها” الذي ظل سنوات يتغزل بها غزلاً صريحاً لذا فقد أصبح عمر بن أبي ربيعة هو رائد الشعر العربي الغزلي الصريح.
من قصيدة ” مَرَّ بي سِرْبُ ظِباءِ “
مَرَّ بي سِرْبُ ظِباءِ | رَائِحاتٍ مِنْ قُباءِ |
زمراً نحوَ المصلى | مُسْرعاتٍ في خَلاءِ |
فتعرضتُ، وألقيتُ | جلابيبَ الحياء |
وقديماً كانَ عهدي، | وَفُتُوني بِالنِّساءِ |
من قصيدة ” راح صَحبي، وعاودَ القلب داءُ “
راح صَحبي، وعاودَ القلب داءُ | من حبيبٍ طِلابُه لي عَناءُ |
حسنُ الرأي والمواعيدِ لا يلفى لشي | ءٍ مما يقولُ وفاء |
مَنْ تَعَزَّى عَمّنْ يُحِبُّ، فإنّي | ليسَ لي ما حييتُ عنه عزاء |
من قصيدة ” حيِّ الربابَ، وتربها”
حيِّ الربابَ، وتربها | أسماءَ، قبلَ ذهابها |
إرْجِعْ إلَيْهَا بِالَّذي | قالتْ برجعِ جوابها |
عرضتْ علينا خطة ً | مشروقة ً برضابها |
وتدللتْ عندَ العتا | بِ فَمَرْحَباً بِعِتَابِها |
تبدي مواعدَ جمة ً، | وَتَضُنُّ عِنْدَ ثَوَابِهَا |
ما نلتقي إلا إذا | نَزَلَتْ مِنًى بِقِبَابِها |
في النَّفْرِ أَو في لَيْلَة ِ التَّحْـ | ـصيبِ عِنْدَ حِصَابِهَا |
أزجرْ فؤادكَ إنْ نأتْ | وَتَعَزَّ عَنْ تَطْلاَبهَا |
وَاشْعِرْ فُؤَادَكَ سَلْوَة ً | عَنْهَا وَعَنْ أَتْرَابِها |
وَغَرِيرَة ٍ رُؤدِ الشَّبا | بِ النسكُ من أقرابها |
حَدَّثْتُها فَصَدَقْتُها | وكذبتها بكذابها |
وَبَعَثْتُ كَاتِمَة َ الحَدِيـ | ـثِ رفيقة ً بِخِطَابِها |
وحشية ً إنسية ً | خراجة ً من بابها |
فرقتْ، فسهلتِ المعا | رِضَ مِنْ سَبيلِ نِقَابِها |