دخلت دولتان تحت مظلة جامعة الدول العربية على الرغم من كونهما لا يتحدثان العربية، وهما جمهورية جيبوتي والتي انضمت إلى جامعة الدول العربية في 4 من شهر سبتمبر للعام الميلادي 1977، والثانية هي الصومال والتي انضمت في 14 من فبراير للعام الميلادي 1974.
تنص المادة الأولى في ميثاق الجامعة العربية على حق كل دولة مستقلة في الانضمام إلى الجامعة، ويتم ذلك إذا كانت عربية مستقلة، أما مصطلح “عربية” ذاك فلم يتم تحديده، فهل المقصود به عربية اللغة أم العرق أم الثقافة، ولهذا تم إكمال نص المادة بأن مجلس الجامعة هو المنوط بتقرير عروبة الدولة التي ترغب في الانضمام للجامعة، ويتم ذلك بشكل تقديري، ولا يوجد مادة تنص على كيفية اعتبار الدولة عربية أم لا.
الأمر الذي جعل بعض الفقهاء القانونيين يطلقون وصف “العروبة” على حقيقة الشعور الثابت لدى الشعب، فإذا كان شعب الدولة نفسه يرى في نفسه أنه عربي الأصل فهي دولة عربية، وإن لم تتحدث باللغة العربية، وقد يعتبر تواجد الدولة في المدى الإقليمي للوطن العربي في ذاته كفيل لجعلها دولة عربية.
ذكرنا سابقاً أن هناك دولتين لا يتحدثان العربية، وهما عضوان في جامعة الدول العربية، وهما جيبوتي والصومالن فما سبب دخول كل دولة للجامعة العربية، وسنعرض ذلك فيما يلي.
في فترة تولي الراحل محمد سياد بري لرئاسة الصومال، أعلنت الصومال عن محاولاتها للقيام بدوريها الريادي في حركات التحرر في أفريقيا والشرق الأوسط، الأمر الذي اضطره إلى البحث عن التحالفات السياسية والاقتصادية لتقويته وتدعيمه، الأمر الذي جعله ينضم إلى الجامعة العربية في عام 1974.
أما بالنسبة للدول الأعضاء فيرى العديد من الخبراء أن الأعضاء أرادوا انضمام الصومال ليزيد من تحالفات الجامعة في إفريقيا، بالإضافة إلى الاستفادة من كون الصومال تستطيع تحمل دور المعبر عن الشكاوى السياسية المختلفة للعرب بالتحديد في المنظمات الدولية، وكان ذلك وفق سياستها الخارجية المتهورة في تلك المرحلة.
استطاعت جيبوتي الانضمام إلى جامعة الدول العربية بعد استقلالها عن فرنسا بمدة بسيطة تقريباً لا تتعدى الشعرين، وكان السبب الرئيسي وراء رغبتها في الحصول على العضوية كون عضويتها في جامعة الدول تسمح للمملكة العربية السعودية أن تزيد الدعم المالي والدبلوماسي للبلاد حينها، كما أن جيبوتي تعد نفسها بوابة للقارة الإفريقية، وتعتبر نفسها جسراً للربط بين الدول العربية في منطقة شبه الجزيرة العربية ومنتصف إفريقيا، بالإضافة إلى الروابط الثقافية والدينية الإسلامية بينها وبين الدول العربية.
تتبع دولة جيبوتي جامعة الدول العربية، الأمر الذي يجعلها بالتبعية دولة عربية، وتقع في منطقة القرن الأفريقي، وهي بالتحديد مطلة على مضيق باب المندب، وتتشارك فيه مع اليمن، وتقع جيبوتي في موقع حيوي وتجاري عالمي قوي، بسبب المضيق، أما بخصوص موقعها فيحدها البحر الأحمر وخليج عدن من الشرق، أما الشمال فتحدها إريتريا، ومن الغرب تقع إثيوبيا في اتجاه الشمال الغربي، وفي الجنوب تقع الصومال، وهي من الدول الصغيرة في المساحة فلا تتجاوز مساحتها كليةً 23.200 كم مربع، ويبلغ عدد سكانه قرابة المليون نسمة.
يقطن ثلثي السكان في مدينة جيبوتي عاصمة الدولة، ويتحدثون السكان في جيبوتي العديد من اللغات، ولكن الرسمية منها هي الفرنسية والعربية، أما اللغات الشعبية المنتشرة في جيبوتي الصومالية والعفرية، وتعتبر تلك اللغات لغات محلية وغير رسمية، وبحسب سفارة جيبوتي في الكويت فكل الشعب الجيبوتي يدين بالإسلام، كما أنه يتبع مذهب أهل السنة والجماعة، وتعتبر دولة جيبوتي من الدول الشابة، فقرابة 60% من إجمالي السكان دون سن العشرين، الأمر الذي يدل على أنها دولة تمتلك قوة بشرية كبيرة نسبياً مقارنة بعدد سكانها.
بدأت علاقة سكان جيبوتي بالإسلام في القرن السابع ميلادياً مع انتشار الإسلام في المنطقة وبداية نشأة الممالك الإسلامية، أما بخصوص العلاقات بين جيبوتي مع الأوروبيين، فيرجع تاريخها إلى حقبة المعاهدات مع الفرنسيين في منتصف القرن التاسع عشر، فقد وقع قادة البلاد حينها المواثيق والمعاهدات، والتي تحولت البلاد حينها إلى مستعمرة فرنسية، والتي سميت في هذه الفترة مستعمرة ساحل الصومال الفرنسي، وبعد فترة تم تغيير هذا الاسم إلى إقليم عفر وعيسى، استمر الحال كما هو حتى أثمرت جهود حركات الاستقلال الشعبية، وحصلت جيبوتي على استقلالها بموجب استفتاء شعبي في 8 من شهر مايو عام 1977.
حصلت جيبوتي على استقلالها الكامل لأول مرة في تاريخها في 27 يونيو لعام 1977، وتم تعيين حسن جوليد ابتيدون كأول رئيس للبلاد، ولم يعقب الاستقلال فترة طويلة حتى لحقت جيبوتي بجامعة الدول العربية، لتكون ثاني دولةفي جامعة الدولة لا تتحدث اللغة العربية.
بدأ ظهور تمرد مسلح في عام 1991، والذي وقع في المنطقة الشمالية، والأمر الذي تسبب في إقرار دستور جديد، والذي أدخل النظام السياسي متعدد الأحزاب في جمهورية جيبوتي.
يعتمد الاقتصاد في جيبوتي أولا وقبل كل شيء على قطاعات ثلاثة رئيسية، وتشكل تلك القطاعات قرابة 83% من حجم الناتج المحلي للبلاد، وكانت تلك القطاعات هي قطاع الموانئ، بحكم أنها دولة تطل على مضيق بأهمية مضيق باب المندب، وقطاع شبكة السكك الحديدية بين جيبوتي وإثيوبيا، وقطاع المصارف والتأمين والتجارة.
تقع جمهورية الصومال في منطقة القرن الأفريقي، وهي دولة عربية يحدها من الشمال الغربي دولة جيبوتي، ومن الجنوب الغربي دولة كينيا، أما من ناحية الشمال فخليج عدن، ومن الشرق المحيط الهندي، ومن الناحية الغربية تحدها إثيوبيا، وتمتاز الصومال بامتلاكها أكبر حدود بحرية في قارة أفريقيا، وتتميز التضاريس في الصومال بالتنوع البيئي ما بين الهضاب والمرتفعات والسهول، ويعدها مناخها مناخ صحراوي حار طيلة العام، مع وجود لبع الأمطار والرياح الموسمية الغير منتظمة، وتبلغ مساحة الدولة قرابة 638.000 كم، ويصل عدد سكانها إلى قرابة 11 مليون نسمة.
كانت منطقة شمال شرق الصومال تعد قديماً أحد أهم مراكز التجارة العالمية بين دول العالم القديم، بحكم قربها على طريق بحري هام مثل مضيق باب المندب وخليج عدن، وكانت من أشهر منتجات البحارة الصوماليين حينها التوابل والبخور وحتى اللبان، والتي كانت تعد حينها من أكثر المنتجات قيمة في المنطقة الجنوبية من جزيرة العرب والمصريين القدماء، وساعد صومال منذ فجر التاريخ موقعها وتجارتها في إنشاء العديد من العلاقات التجارية والدبلوماسية الطيبة مع دول العالم القديم.
كما يظهر تأثر الصومال في العصور القديمة بالحضارة الفرعونية إلى حد بعيد، للدرجة التي وجد فيها تكوينات أثرية تشبه في بنائها الأهرام الفرعونية، وقد عرف تاريخياُ شدة العلاقات بين مصر الفرعونية والصومال، وبالأحرى في عهد الفرعون “ساحورع” وعهد الملكة “حتشبسوت”.
تعتبر اللغة الصومالية هي اللغة الرسمية للبلاد، وهي لغة من اللغات الكوشية التابعة للغات الإفريقية الآسيوية، وتعد لغة عفار هي أقرب اللغات للصومالية، والتي يتحدث بها أهل إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي، وتعد اللغة الصومالية هي أكثر اللغات الكوشية تدويناً على الإطلاق.
يدين الشعب الصومالي بأكلمه بالدين الإسلامي، وأغلبهم على المذهب السني، وهم من أتباع المذهب الشافعي، مع وجود نسبة صغيرة نسبياً من أصحاب المذهب الشيعي، ويعترف الدستور الصومالي بكون الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.