يتساءل الكثير ممن يطلعون على السيرة النبوية الشريفة عن من الذي كفل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه إذ ولد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد والده ومن ثم بعد عدة سنوات توفيت أمه، وكان يوم ولادته في عام 571 ميلاديًا وتحديدًا في يوم 12 من شهر ربيع أول، وعندما أتم الأربعين عامًا نزل عليه الوحي وذلك وفقًا لما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه:” بُعِث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو ابنُ أربعينَ سنَةً”، وذلك كان بنزول الآية الكريمة الأولى من سورة العلق (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، وكانت الدعوة في البداية سرية قبل أن تكون هجرية واستمرت لمدة 3 سنوات، وكان أول من آمن به السيدة خديجة رضي الله عنها وأبو بكر رضي الله عنه، وفي السطور التالية من موسوعة نستعرض لكم إجابة السؤال المطروح.
الذي كفل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه
الذي كفل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن توفيت أمه هو جده عبد المطلب، وقد توفي من دون أن يؤمن بالله حيث وقت وفاته سبق فترة البعثة النبوية الشريفة، وكان يعد من كبار رجال قبيلة قريش حيث كان يرأس قبيلة بني هاشم عند نشوب حرب الفجار التي وقعت بين قبيلة كنانة وقيس عيلان، واتصف بعدد من الصفات الحسنة أبرزها الكرم ومساعدة المحتاجين، إلى جانب الحفاظ على العهود.
بلغ عدد أبناء عبد المطلب 14 ابن وابنة وهم: عبد الله وهو والد الرسول صلى الله عليه وسلم، عبد مناف “أبو طالب”، الزبير، حمزة، العباس، المقوم، الحجل، برة، البيضاء، عاتكة، أروى، صفية، أميمة، الغيداق، وأسلم من أبناءه: حمزة، العباس، برة، عاتكة، صفية، البيضاء.
كفالة عبد المطلب للرسول صلى الله عليه وسلم
كان عبد الله والد الرسول صلى الله عليه وسلم يحظى بمكانة خاصة لدى عبد المطلب والذي كان يعد من أصغر أبناءه، وقد توفي عبد الله عقب زواجه من آمنة بنت وهب عند سفره إلى الشام طلبًا للرزق، وقد سبق وفاته مولد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان جنين في بطن أمه.
كان عبد المطلب هو من أطلق اسم محمد على الرسول صلى الله عليه وسلم عقب مولده، وقد كان مبتهجًا بهذا الحدث حيث ذهب به إلى الكعبة، وقد تعجب قومه من إطلاق اسم محمد لأنه لم يكن منتشرًا آنذاك كما أنه كان مختلفًا عن الأسماء الأخرى للعرب، وقد كان رد عبد المطلب أنه هذا الاسم تعبير عن الحمد والامتنان لمولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
توفيت آمنة بنت وهب والدة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في عامه السادس من عمره، وقد كفله عبد المطلب بعد ذلك وحرص على العناية وتقديم الرعاية له، فقد كان حريصًا على أن يكون معه في كل وقت وتحديدًا إذا كان في مجلس أو في حالة خروجه.
الذي كفل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة جده
عندما شعر عبد المطلب باقتراب أجله أوصى ابنه أبو طالب بكفالة ورعاية الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد توفي عبد المطلب عندما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم العام الثامن من عمره، وقد ظل الرسول صلى الله عليه وسلم في رعايته حتى الكبر، إذ أحسن عمه أبو طالب رعايته، حيث أنه كان يحظى بمحبة كبيرة لدى أبو طالب مثل جده.
كان أبو طالب يعد من كبار رجال قريش، وقد ورث عن أبيه العديد من الصفات الحسنة أبرزها الكرم وحب الخير، كما أنه كان حريصًا على اصطحاب الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان صغيرًا إلى مختلف الأماكن التي يذهب إليها أبرزها الشام حيث كان يزاول فيها مهنة التجارة.
كان أبو طالب أشد المدافعين عن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما بُعث بالنبوة، فعلى الرغم من عدم إيمانه بنبوته إلا أنه كان يقدم الدعم له من ما يلاقيه الرسول من أذى قبيلة قريش، فمن أبرز المواقف التي تثبت صدق محبته للنبي صلى الله عليه وسلم عدم استجابته لقبيلة قريش التي طلبت منه أن يسلم الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، إذ كان يخشى عليه من الأذى والتعرض للقتل في سبيل الدعوة إلى عبادة الله.
من أبرز أسباب عدم استجابة أبو طالب لدعوة الرسول صلة الله عليه وسلم أنه كان يريد أن يكون على دين ونهج أبيه عبد المطلب، فتعلقه الشديد به بلغ به إلى السير على دينه وعقيدته، إلى جانب الخوف من معاداة قبيلة قريش له إذا أسلم.
وفاة أبي طالب
عندما مرض أبي طالب وساءت حالته الصحية، ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إليه حتى يدعوه للمرة الأخيرة إلى عبادة الله وحده وحتى يموت على الإسلام وليس على الكفر، وقد وجد من يزوره أبو جهل وعبد الله بن أمية بن المغيرة من أجل إقناعه بأن يموت على دين أبيه، وعندما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فكان رده: “علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ”، وقد توفي وهو كافرًا.
وكانت حادثة وفاته سببًا في نزول الآية الكريمة (إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ)، وقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرًا لوفاته نظرًا لأنه كان من أقرب الناس إليه إلى جانب موته على الكفر، كما أنه كان من أبرز المساندين له، وقد توفي عمه في عام الحزن وهو نفس العام الذي توفيت فيه زوجته السيدة خديجة رضي الله عنه، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن عمه هو أهون الناس عذابًا يوم القيامة: “أَهْوَنُ أهْلِ النَّارِ عَذاباً أبو طالِبٍ، وهو مُنْتَعِلٌ بنَعْلَيْنِ يَغْلِي منهما دِماغُهُ”.
ماذا عمل الرسول بعد وفاة امه
عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في سن صغير بدأ بالعمل في رعي الأغنام، ومن ثم عمل في التجارة حتى يعين عمه أبو طالب الذي كان يصطحبه معه في عمله بالتجارة في الشام، وقد اشتهر بين التجار بصدقه وأمانته إذ أن قبيلة قريش لقبته بالصادق الأمين.
وقد كان يتاجر في العديد من الأسواق أبرزها سوق عكاظ ومكة المكرمة، وقد عمل بعد ذلك في التجارة مع السيدة خديجة رضي الله عنها التي عرضت عليه العمل بعد أن عرفت عن صدقه وأمانته في التجارة.
كان عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في رعي الأغنام سببًا في اكتساب العديد من الصفات أبرزها القدرة على تحمل المسئولية، والتواضع والذي كان يبرز في تعاملاته مع الجميع عقب البعثة النبوية الشريفة، كما أن العمل في رعي الأغنام من بين العوامل التي كانت تحثه على التأمل في الكون في مخلوقات الله.
أما عن العمل التجاري فقد برز الصدق والأمانة من خلال حرص الرسول عن الابتعاد عن الربا والغش في الميزان، وقد كان يحث التجار على التيسير في البيع والسخاء، إلى جانب مساعدة المحتاجين في إعطاء الصدقات.
وفي ختام هذا المقال نكون قد أوضحنا لكم من الذي كفل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه وهو جده عبد المطلب، كما قد أوضحنا لكم الذي تكفل برعاية الرسول صلى الله عليه وسلم عقب وفاة جده وهو عمه أبو طالب، وقد استعرضنا لكم عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في رعي الأغنام عقب وفاة أمه ومن ثم عمله في التجارة.