تأتي معنى جملة غمط الناس بمعنى استصغارهم، والنظر إليهم باستعلاء، ولعل كلمة غمط هي سبب ذلك الاستفهام، وكلمة غمط في اللغة العربية هي مصدر يحمل معنى الإنكار والاستصغار أو التقليل بشكل عام، وله في اللغة الكثير من الأمثلة، ومنها ما يلي.
غمط الحق: إنكار الحق ومحاولة إبطاله مع العلم به.
غمط النعمة: إنكار النعمة وتكذيب وجودها، وعدم الشكر عليها.
في حالة اتصلت كلمة غمط بأشخاص، كغمط الناس: فهي كما ذكرنا هي استصغارهم واحتقارهم.
أما إذا اتصلت كلمة الغمط مع جماد ملموس، مثل غمط الماء، فهي تعني إخفاؤه أو التخلص منه سريعاً فغمط الماء تعني نصاً شربه وبشدة وسرعة.
مشتقات كلمة غمط في اللغة العربية
ذكرنا فيما سبق أن كلمة غمط من الناحية الصرفية فهي من المصادر الثلاثية، ولها الكثير من المشتقات، والتي سنحاول عرضها فيما يلي، مع ذكر بعض الأمثلة عليها.
الفعل من غمط “يغمط”: تأتي بمعنى ينكر أو يستصغر، هنا نجد في الكثير من الأقاويل قديماً، بأن التاريخ وحده هو الذي سيقوم بتعريف الملأ الحقيقة كاملة، فالتاريخ لا يغمط أحداً حقه.
أما اسم الفاعل من غمط فهو “غامط” بإضافة ألف الوزن الثلاثي لاسم الفاعل عليه، مع كسر عين الفعل، ويتم استخدام الكلمة كدليل على من قام باحتقار أو إنكار الحقوق، وتستخدم في الحكم على الناس، بشكل عام، وكمثال وما القضاء في بلادي بغامط حقوق الأمة.
واسم المفعول من المصدر غمط، هي كلمة “مغموط”، وهو المستنكر المسلوب حقه، أو من يتعرض للاستحقار من الناس، ويمكن استخدام الكلمة في السياق التالي، تذكر أنك كلما رأيت فقيراً تأكد أنك ترى مغموطاً قد غمطه غني حقه.
معنى بطر النّعْمةَ
كلمة البطر في ذاتها هي كلمة يكثر استخدامها في الأمثال الشعبية في إحدى المجتمعات العربية، وهي كلمة بمعنى الكبرياء والكبر، ودليل على المغالاة في المرح والزهو، وذلك عن في حالة اتصال الكلمة بشخص.
فمعنى بطر الرجل هو أنه قد وقع في الكبرياء والتكبر والمغالاة في المرح والزهو.
أما في حالة اتصال الكلمة بالجماد الملموس، فتعني الاستخفاف به أو الكفر به، ومن ذلك بطر النعمة، فبطر النعمة أي الاستخفاف بها، وعدم الحمد والشكر عليها، بل وكراهيته دون أن يستحق تلك الكراهية.
كما في ذلك عندما تتصل كلمة بطر بالصفات المعنوية كالحق، فبطر الحق تعني إنكاره وجحوده، وعدم تقبله من الأساس.
قد تم ذكر كلمة “بطر” في القرآن الكريم، وكان ذلك في قول المولى- عز وجل-: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (سورة الأنفال الآية 47)
قام المفسرون بتوضيح معنى الآية الكريمة على أن المولى- عز وجل- قد تقدم إلى المؤمنين والرسول- صلى الله عليه وسلم- بألا يقوموا بعمل إلى لله- تعالى- خالصاً لوجهه، لا أن يقوموا بالعمل رئاء الناس كما قام المشركون في مسيرهم إلى بدر عندما طلبوا رئاء الناس.
مشتقات كلمة بطر في اللغة العربية
كلمة بطر في ذاتها هي مصدر للفعل الثلاثي بَطَرَ، وهو فعل ثلاثي صحيح سالم، ويأتي الفعل بمعنى يكره أو يجحد وينكر، فيبطر الكافر بنعمة ربه، أي أنه ينكرها ولا يعترف بها، وكون الفعل ثلاثي فيسهل اشتقاق اسم فاعل واسم مفعول منه كما يلي.
اسم الفاعل من بطر هي باطر، وهو من قام بالجحود والكره، ومن أمثلته ما يلي: الروم كان يبطرون بقوة المسلمين، ويستخفون بها، حتى استطاع خالد بن الوليد فتح مصر على رؤوس الأشهاد، دون أن يتمكن الروم حينها من تصديق هزيمتهم.
أما فيما يخص اسم المفعول، فيطلق على الشيء المنكر نفسه، أو الشيء المكروه وجوده من الأساس، وفي ذلك تكون صياغة اسم المفعول من الفعل بطر على وزن مفعول، وهي مبطور، ويمكن استخدام كلمة مبطور كما يلي: يرى كل تلك النعم على أنها مبطورة، يا له من متكبر.
شرح حديث غمط الناس
ذكر الإمام مسلم في صحيحه، أنه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ.) (حديث صحيح)، وفي شرح هذا الحديث ذكر العلماء المسلمون فيه ما يلي.
أن الكبر والتكبر على الناس من الصفات التي تشير إلى فساد القلوب، وقد حرّمها الشرع تماماً، ففي ذلك استكبار لنفسه ولذاته على باقي المخلوقات الأخرى، ما يجعله يرى من قدره فوق قدر الآخرين، وذلك لا يصح إلا للمولى- عز وجل- فقط، فهو الوحيد الذي يستحق أن يتكبر عن سائر المخلوقات، فكل ما دونه عبيد له سبحانه وتعالى.
قد وضح رسول الله- صلى الله عليه وسلم-نتيجة ذلك الكبر إن أصاب الإنسان، وكان ذلك لتوضيح وتصويب بعض المفاهيم والأفكار للناس، فحسن الهيئة شيء مستحسن جميل، وقد شجع عليه وحث عليه المسلمون بقوله “إن الله جميل يحب الجمال”، وكان هذا فيما يخص الخلط بين التجمل والتحسن في الهيئة.
كما قام بتوضيح معنى الكبر، والكبر هو ما يولد في النفس ترفعاً عن باقي الناس، وقد فسر الكبر على أنه بطر الحق وغمط الناس، وفيهما تحدثنا فيما سبق، وهما باختصار كما يلي.
بطر الحق: إنكاره والبعد عنه تجبراً وترفعاً، وفي ذلك جعل لما أحق الله من توحيد وعبادة لباطل، وذكر آخرون أنه التحيز عن الحق، وعدم الاعتراف به حقاً من الأساس.
غمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.
تكون عاقبة من يحمل قلبه أصغر جزء من الكبر فهو محروم من دخول الجنة، ولكنه يكون من أهل النار، الذي يستحقون العذاب.
الكبر بطر الحق وغمط الناس English
يبحث البعض عن شرح الحديث باللغة الإنجليزية، حتى يتمكن من عرض ما يحمل الدين الإسلامي من جمال عظيم، وأوامر ونواهي تحيط بكل مجالات الحياة، حتى في الحياة الاجتماعية, الصفات الخلقية، ومن خير الأحاديث حديث الكبر، فهو يوضح معنى الكبر في الإسلام، وفي ذلك تم وضعه في العديد من المواقع الأجنبية بتفسيره باللغة الإنجليزية، وكان كما يلي.
‘Abdullāh ibn Mas‘ūd (may Allah be pleased with him) reported that the Prophet (may Allah’s peace and blessings be upon him) said: “Anyone has an atom’s weight of arrogance in his heart will not enter Paradise.” A man said:” What if one likes his clothes and shoes to look good?” He said: “Verily, Allah is beautiful and He loves beauty. Arrogance is to reject the truth and look down on people.”
علاج الكبر واحتقار الناس
يستطيع المسلم أن يقوم بالتخلص من الكبر واحتقار الناس عن طريق العديد من الطرق، والتي من بينها ما يلي.
إذا كان المسلم لديه اليقين والتقوى من الله تعالى تكون هي المعيار الذي يمكنه الإنسان من الابتعاد عن الكبر، وذلك عن يقين بأن كل البشر قد وجدوا من أب واحد وهو آدم، وكلنا من أم واحدة وهي حواء، وكان السبب الرئيسي لانتشارنا في الأرض هو إعمار الأرض، وأن نتعارف فيما بيننا.
اليقين بأن التكبر لا ينفع بشيء، بل على العكس تماماً فهو يعود على صاحبه بالكره والبغض من الآخرين.