من منا لا يخاف الموت، ليس للموت في حد ذاته بل لعدم الاطمئنان لكفاية الأعمال التي قام بها في دنياه ما إذا كانت ستوفقه للدخول إلى الجنة أم أنه لم يقدم في حياته ما يأهله لها، ذلك الأمر الذي يثير ريبة الكثير من الناس خاصةً على موتاهم من أمة المسلمين، الأمر الذي يدفعهم للبحث عن الطريقة المناسبة لزيادة أعملهم حتى بعد الموت.
الأمر الذي أكد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) على فاعليته الكبيرة في زيادة أعمال الميت بعد موته في حديثه الشريف (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ : صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له)، والذي ينص على ثلاثة أمور تفيد الميت بعد موته، (الدعاء، الصدقة الجارية، العلم المفيد)، لذا سنوضح فضل كل منهم في الفقرات التالية:
يعد الدعاء من أفضل الأمور التي يمكن أن يقدمها الشخص للميت، خاصةً إذا كان من الولد: ( المقصود به الذكر والأنثى)، ذلك لاحتواءه على العديد من الفوائد له كما ذُكر في القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة، وسنوضح ذلك فيما يلي:
ذكرت الكثير من الآيات القرآنية فضل الدعاء، خاصةُ للموتى، ذلك لقدرته على رفع منازلهم عند ربهم، خاصةً الدعاء من قبل أبناء وبنات المتوفي، ذلك استنادًا لقول الله تعالى:
“وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ”
(التوبة:100).
“فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)”
(سورة نوح:100).
مما يؤكد ضرورة الدعاء للوالدين بعد الموت، كما أكد الرسول (ﷺ)، على أهمية الدعاء للموتى وذكره من ضمن أهم الأعمال التي يمكن القيام بها في حديثة الشريف:
( إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ : صدقةٍ جاريةٍ ، وعلمٍ ينتفعُ به ، وولدٍ صالحٍ يدعو له).
ابن تيمية: حكمه صحيح.
“إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ : أنَّى هذا ؟ فيقالُ : باستغفارِ ولدِك لكَ”.
أبو هريرة: حكمه صحيح.
أكد الرسول الكريم (ﷺ) على أهمية الدعاء للميت عند القبر، ذلك لأنه من أهم الأمور التي يحتاجها فور نزوله له، والتي تزيد من اطمئنانه في ظل ظلمة القبر ووحشته، كما أنه تقوي من ثباته أمام الملكين منكر ونكير، الذي وكلهم الله تعالى لسؤال الميت فور ذهاب أهله عن أعماله وغيره، وذلك في الحديث الشريف المفسر لقول الله تعالى:
“يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)“.
(سورة إبراهيم: الآية 27).
حيث أكد الرسول الكريم أن تلك الآية نزلت في عذاب القبر، كما قال الرسول (ص):
يقالُ له: من ربّك؛ فيقولُ: ربِّي اللَّهُ، ونَبيِّي محمدٌ، فذلكَ قولُهُ سبحانه وتعالى: ” (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) “.
(زاد مسلم: حكمه صحيح).
“إذا أُقْعِد العبدُ المؤمنُ في قبرِهِ أُتيَ، ثم شهدَ أن لا إله إلا اللَّهُ وأن محمدًا رسولُ اللَّهِ، فذلك قولُهُ: ” (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ”.
( البخاري: صحيح).
“يقالُ للكافرِ: من ربُّك؛ فيقولُ: لا أدْرِي، فهوَ تلكَ الساعةِ أصمُّ أعْمى أبكمُ، فيُضْرَب بِمرزبةٍ لو ضُرِبَ بها جبلٌ صارَ ترابًا، فيسمعُها كل شيء إلا الثقلين ” قال: وقرأ رسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) “
( الطبراني من حديث براء بن عازبٍ).
يعد الدعاء للميت شفاعةً له عند الله لمغفرة ذنوبه والرفع م درجاته، كما قال النبي الكريم(ﷺ):
“ما من رجلٍ مسلمٍ يموتُ ، فيقومُ على جنازتِه أربعون رجلًا ، لا يشركون باللهِ شيئًا ، إلا شفَّعَهم اللهُ فيه”.
(عبد الله بن عباس: حكمه صحيح).
تعتبر الصدقات الجارية من الأمور التي تزيد من عمل المسلم بشكل مستمر، فما بالكم بعمل الميت الذي أنقطع عمله في الدنيا، كما أنها من ضمن الأمور المذكورة في حديث الرسول(ص) السابق ذكره في المقال، ويجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الأنواع للصدقات الجارية، وهي:
ذُكر في حديث الرسول أيضًا ” علم ينتفع به”، وتفسيره: هو العلم الذي يعلمه الشخص في حياته للناس أو ينقله في الكتب، فيستفاد منها الطلبة والتلاميذـ أو الناس المتعلمين منه، ويبقى له الأجر حتى بعد مماته، ويختلف مقدار الأجر باختلاف قدر العلم المتروك.
لا يقتصر العمل الصالح على ما ذُكر من قبل فقط، بل توجد الكثير من الأمور الأخرى المفيدة له، وهي تتمثل في التالي:
يموت الكثير منا وعليه أيام من الصيام والتي يكون قد فطر فيها في رمضان أو غيره من الأيام المفروض في الصيام، الأمور الذي يمكن التخفيف من ذنبه للميت عن طريق صيام أحدًا من أبنائه له بدلًا عنهن ذلك استنادًا لحديث الرسول الكريم:
“من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه”.
( عائشة رضي الله عنها وأرضاها: حكمه: تفرج به بن لهيعة).
يعد قضاء الدين عن الميت من أفضل أنواع الثواب المهدى له، لما في ذلك من تخفيف من ذنوبه عند الله تعالى، سواء أكان بالمال أو بقضاء النذر، ذلك استنادًا لقول الرسول(ص):
“جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال : إن أختي نذرت أن تحجَّ وقد ماتت قال : أرأيت لو كان عليها دينٌ أكنت تقضِيه قال : نعم قال : فاللهُ تبارك وتعالى أحقُّ بالوفاءِ”.
( عبد الله بن عباس: إسناده صحيح).
لا تقتصر الصدقات التي تصل للميت على الصدقات الجارية فقط، بل يمكن أن تكون من أنواع الصدقة الأخرى، والتي تكون بإخراج المال على روحه، أو التبرع بالملابس، أو بإطعام المساكين والفقراء، أو ذبح الشاه وتوزيعها على الفقراء.
لا شك أن زيارة بيت الله الكريم لها الكثير من الفوائد للإنسان وجسمه، ويعد أهمها مغفرة الذنوب وتقبل الدعوات، وقد من الله علينا بإمكانية عمل العمرات أو الحج بالنيابة عن شخص متوفي أو شخص غير قادر ماديًا أو جسديًا على أداء مناسك العمرة أو الحج.
يفرح الميت بشكل كبير بالدعاء له، كما أنه يعلم من الداعي.
ذكر الرسول الكريم (ص) خمسة سور يفضل قراءتهم على رأس الميت، وهم: (يس، التكاثر، الفاتحة، والإخلاص، وفاتحة وخاتمة البقرة).
ذكر الرسول (ص) الفضل الكبير في سورة الملك، والسجدة للميت في حديثه الشريف: (إنَّ سورةً منَ القرآنِ ثلاثونَ آيةً شفعَت لرجلٍ حتَّى غُفِرَ لَهُ وَهيَ سورةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ).
( أبو هريرة: ضعيف بهذا السند).
المراجع