مما لا شك فيه أن كلًا من القمر والشمس من مخلوقات الله التي تخضع لأمر سبحانه وتعالى، وتعبده بالطريقة الخاصة بها، ولكن وجدنا في كثير من القصص الدينية القديمة أناس يعبدون الشمس أو القمر أو كلاهما معًا، ومع علم الله بكل الأمور التي حدثت وستحدث لنا في الحياة الدنيا، خلق لنا الخسوف القمري والكسوف الشمسي، ذلك ليبرهن لنا مدى عظمته تعالى، وأنه هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد، وذلك أستنادًا إلى الآيات الكريمة التالية:
“وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ“.
( سورة النمل: الآية 24).
لكن هل يعني هذا أن الله سبحانه وتعالى غضب على بني آدم حين صنع لنا تلك الظاهرة الطبيعية التي لا دخل للإنسان بها، الإجابة هي: لا، حيث إن السبب الرئيسي لصنع الله لتلك الظاهرة هو تخويف الناس من قدرته الكبيرة، والتي شملت كل شيء، ولزيادة التقوى في قلوب المؤمنين، وتحذير الكفرة من قدرة الله تعالى.
كما يوجد بها تنبيه للمؤمنين بضرورة التقرب إلى الله وطلب العفو والسماح منه تعالى، عن كل الأخطاء التي فعلوها في الماضي، ومن الجدير بالذكر وجود الكثير من الأحاديث النبوية التي تكلم فيها النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، عن تلك الظاهرة، نسرها معكم من خلال التالي:
تكلم النبي الكريم عن تلك الظاهرة أول مرة حين حدثت في المدينة المنورة وقد صادف ذلك موت أبنه إبراهيم، وقد قال الناس أن الشمس قد حدث لها الكسوف بسبب موت ابن النبي فنفى ذلك (صلى الله عليه وسلم) حين قال:
“خَسَفَتِ الشَّمْسُ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالنَّاسِ، فَقامَ، فأطالَ القِيامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فأطالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قامَ فأطالَ القِيامَ وهو دُونَ القِيامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فأطالَ الرُّكُوعَ وهو دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فأطالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ما فَعَلَ في الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه.
ثُمَّ قالَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، لا يَخْسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، فإذا رَأَيْتُمْ ذلكَ، فادْعُوا اللَّهَ، وكَبِّرُوا وصَلُّوا وتَصَدَّقُوا. ثُمَّ قالَ: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ واللَّهِ ما مِن أحَدٍ أغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أوْ تَزْنِيَ أمَتُهُ، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ واللَّهِ لو تَعْلَمُونَ ما أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولبَكَيْتُمْ كَثِيرًا”.
( عائشة أم المؤمنين: صحيح).
” خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَزِعًا، يَخْشَى أنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فأتَى المَسْجِدَ، فَصَلَّى بأَطْوَلِ قِيامٍ ورُكُوعٍ وسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ، وقالَ: هذِه الآياتُ الَّتي يُرْسِلُ اللَّهُ، لا تَكُونُ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ به عِبادَهُ، فإذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ”.
( أبو موسى الأشعري: حكمه صحيح).
بين لنا الرسول الكريم قدوتنا ورحمة الله لنا في الدنيا، بعض الأمور التي يجب علينا فعلها في صلاة الخسوف أو الكسوف، وهي تتمثل في التالي:
أول ما أمرنا النبي الكريم بفعله في حين حدثت ظاهرة الخسوف هو الصلاة، وقد كانت جهرًا على عكس صلاة الكسوف التي تأتي سرًا، وتتم صلاة الخسوف من خلال اتباع الخطوات التالية:
ذلك استنادًا لقول عبد الله بن عمرو ( رضي الله عنه)، عن صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) في الآتي:
“خسفتِ الشَّمسُ على عَهدِ رسولِ اللَّهِ فأمرَ فنوديَ الصَّلاةُ جامعةٌ فصلَّى رسولُ اللَّهِ بالنَّاسِ رَكعتينِ وسجدةً ثمَّ قامَ فصلَّى رَكعتينِ وسجدةً. قالت عائشةُ: ما رَكعتُ رُكوعًا قطُّ ولاَ سجدتُ سجودًا قطُّ كانَ أطولَ منْه”.
( عبد الله بن عمرو: صحيح).
كما يجب علينا ذكر الحديث التالي، والذي يزيد التأكيد على صلاة النبي للخسوف، كما يؤكد كونها من الصلوات التي جهر فيها (صلى الله عليه وسلم):
“جَهَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاةِ الخُسُوفِ بقِراءَتِهِ، فإذا فَرَغَ مِن قِراءَتِهِ كَبَّرَ، فَرَكَعَ وإذا رَفَعَ مِنَ الرَّكْعَةِ قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، رَبَّنا ولَكَ الحَمْدُ، ثُمَّ يُعاوِدُ القِراءَةَ في صَلاةِ الكُسُوفِ أرْبَعَ رَكَعاتٍ في رَكْعَتَيْنِ وأَرْبَعَ سَجَداتٍ”.
(عائشة أم المؤمنين: حكمه: صحيح).
يمكننا قول العديد الأدعية الناصة على الاستغفار والتوبة إلى الله، والتي بجب التنبيه على كونها غير واردة عن النبي الكريم، ولكن يفضل فقط قولها لما تنص عليه من ذكر واستغفار، وهي تتمثل في التالي:
ذكر لنا علماء الفلك أنواع الخسوف القمري مع الحالات التي يظهر فيها كل نوع، وهي تتمثل في التالي:
أكد العلماء أن النظر إلى الخسوف ليس بالأمر الخطر، ولكن يجب عد إطالة النظر حتى لا ينجلي الخسوف وتظهر أشعة الشمس فجأة مما يؤثر على العين.
لا، لم يُذكر عن النبي الكريم أي حديث يدلل على أن خسوف القمر أو كسوف الشمس من علامات يوم القيامة.
يمكن أن نُرجع سبب تسمية الخسوف بهذا الاسم بسبب عدم ظهور القمر أو ضوئه في السماء في تلك الفترة.