نستعرض لكم اليوم قصة تعاون فيها الرسول مع اصحابه فقد امتلك النبي صلى الله عليه سلم من الصفات الحسنة أحسنها، وقد أرسله لنا المولى عز وجل ليتم مكارم الأخلاق فهو خاتم الأنبياء والمرسلين وقد أتم رسالته بنصح الأمة وإرشادها إلى الطريق الصحيح.
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خير النماذج التي نقتدي بها في حياتنا فقد وصفته سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها بأنه قرآن يمشي على الأرض، كذلك وصفه المولى عز وجل بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}، كذلك روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ}، ومن خلال سطورنا التالية على موسوعة سنوضح لكم أحد الصفات الحسنة التي تحلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وهي التعاون كما سنستعرض لكم قصة تعاون فيها مع أصحابة.
قصة تعاون فيها الرسول مع اصحابه
أوضحت لنا السنة النبوية المطهرة الكثير من القصص التي ضربت لنا أروع الأمثلة عن الأخلاق الحسنة التي تحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ضمن الصفات التي امتلكها النبي وجاءت السنة لتؤكدها صفة الرحمة فقد كان النبي عليه أفضل الصلاة والسلام رحيمًا بأصحابه وكان معلمًا ومربيًا مثاليًا، ولم تصدر منه أي معاملة سيئة لأي شخص حتى لأنس بن مالك الذي خدم النبي 10 سنوات أكرمه ولم يتأفف منه يومًا ولم يعنفه على فعل أحد الأمور، ولم يأمره بفعل أمر ما.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحمل الطوب اللبن مع أصحابة لبناء المسجد، وكذلك شارك النبي أصحابه في جميع مراحل البناء في غزوة الخندق والدليل على ذلك ما ورد عن أنس رضي الله عنه حيث قال {خَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الخَنْدَقِ، فَإِذَا المُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ يَحْفِرُونَ في غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لهمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذلكَ لهمْ، فَلَمَّا رَأَى ما بهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالجُوعِ، قالَ: اللَّهُمَّ إنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ … فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ فَقالوا مُجِيبِينَ له: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا … علَى الجِهَادِ ما بَقِينَا أَبَدَا}.
تعاون الصحابة في بناء الخندق
عندما قرر النبي صلى الله عليه وسلم حفر الخندق ساعد أصحابه في حمل التراب، وقسم العمل المطلوب بينه وبينهم:
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه وأرضه قال: {رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الخَنْدَقِ وهو يَنْقُلُ التُّرَابَ حتَّى وارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وكانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ، وهو يَرْتَجِزُ برَجَزِ عبدِ اللَّهِ اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ ما اهْتَدَيْنَا… ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا… وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا إنَّ الأعْدَاءَ قدْ بَغَوْا عَلَيْنَا… إذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبيْنَا يَرْفَعُ بهَا صَوْتَهُ}.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: {إنَّا يَومَ الخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُوا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالوا: هذِه كُدْيَةٌ عَرَضَتْ في الخَنْدَقِ، فَقَالَ: أنَا نَازِلٌ. ثُمَّ قَامَ وبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بحَجَرٍ، ولَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أيَّامٍ لا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فأخَذَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المِعْوَلَ فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أهْيَلَ، أوْ أهْيَمَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لي إلى البَيْتِ، فَقُلتُ لِامْرَأَتِي: رَأَيْتُ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيئًا ما كانَ في ذلكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شيءٌ؟ قَالَتْ: عِندِي شَعِيرٌ وعَنَاقٌ، فَذَبَحَتِ العَنَاقَ، وطَحَنَتِ الشَّعِيرَ حتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ في البُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، والبُرْمَةُ بيْنَ الأثَافِيِّ قدْ كَادَتْ أنْ تَنْضَجَ، فَقُلتُ: طُعَيِّمٌ لِي، فَقُمْ أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ ورَجُلٌ أوْ رَجُلَانِ، قَالَ: كَمْ هو فَذَكَرْتُ له، قَالَ: كَثِيرٌ طَيِّبٌ، قَالَ: قُلْ لَهَا: لا تَنْزِعِ البُرْمَةَ، ولَا الخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حتَّى آتِيَ، فَقَالَ: قُومُوا فَقَامَ المُهَاجِرُونَ، والأنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ علَى امْرَأَتِهِ قَالَ: ويْحَكِ جَاءَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ ومَن معهُمْ، قَالَتْ: هلْ سَأَلَكَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: ادْخُلُوا ولَا تَضَاغَطُوا فَجَعَلَ يَكْسِرُ الخُبْزَ، ويَجْعَلُ عليه اللَّحْمَ، ويُخَمِّرُ البُرْمَةَ والتَّنُّورَ إذَا أخَذَ منه، ويُقَرِّبُ إلى أصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الخُبْزَ، ويَغْرِفُ حتَّى شَبِعُوا وبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَالَ: كُلِي هذا وأَهْدِي، فإنَّ النَّاسَ أصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ}.
قصة تعاون فيها النبي مع أهل بيته
لقد كان الرسول ﷺ يعاون أهل بيته في الكثير من الأعمال وفي جميع الأمور الحياتية، وخير دليل على ذلك ما ورد في السنة النبوية:
عن الأسود قال: {سألت عائشة ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في أهْلِهِ؟ قَالَتْ: كانَ في مِهْنَةِ أهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ إلى الصَّلَاةِ}.
عن أحمد وابن حبان قال {عن عائشةَ أنَّها سُئِلت: ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعمَلُ في بيتِه ؟ قالت: كان يَخيطُ ثوبَه ويخصِفُ نعلَه ويعمَلُ ما يعمَلُ الرِّجالُ في بيوتِهم}.
قصة تعاون فيها النبي مع الصحابة
عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من العديد من المحن طوال حياته، وتحمل المحاربات التي كان يتعرض لها في سبيل إتمام دعوته، ومن ضمنها محاربة قريش للمسلمين وفرض حصار عليهم ومنع دخول أي معونات حتى ولو كانت بسيطة بهدف تعذيبهم، فعاونهم النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته على ذلك فمكث معهم سنوات الحصار وكانت 3 سنوات.
قصة اثر الرسول فيها اصحابه على نفسه
يتمثل مفهوم الإيثار في تفضيل الغير على النفس وهي واحدة من الأخلاق الحسنة التي اتسم بها النبي صل الله عليه وسلم فقد كان يفضل غيره على نفسه وكانت تدفعه هذا الصفة أحيانًا إلى التخلي عن أسياء يحتاجها بالفعل.
وقد كان يفعل ذلك بكل سرور، وهناك عدة قصص جاءتنا عن النبي تثبت اتصافه بخلق الإيثار ومن ضمنها الآتي:
أثناء أيام الشدة التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه كان يربط بطنه بحجر من شدة الجوع، حصل حينها على غنائم من الفتوحات وتمثلت هذه الغنائم في مجموعات كبيرة من الأغنام فمر على الرسول إعرابي ونظر إلى الأغنام بإعجاب شديد فقدمها له الرسول صلى الله عليه وسلم ففرح بها الأعرابي وأسلم هو وقومه.
قامت أمرأة بتقديم هدية للرسول عليه الصلاة والسلام وهي عباره عن بردة ارتداها النبي لأنه كان بحاجة لها، ومن بعدها جاء له أحد أصحابه وكان بحاجة لها فقدمها له النبي بطيب خاطر، وعندما شاهده الصحابة ألقوا اللوم عليه في هذا الطلب فالنبي يستحيل أن يرفض طلب أو يرد سائل.
جعل الصحابة من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة اقتدوا بها في حياتهم ومن الأمثلة على إيثار الصحابة أنه حينما قدم رجلًا إلى رسول الله عليه السلام ليطلب منه الطعام ولم يكن النبي يمتلك ما يقدم من الطعام سأل أصحابه إذا كان باستطاعة أحدهم أن يستضيف هذا الرجل في بيته ليطعمه.
فأخذه أحد الأنصار إلى منزله وحينما وصل إلى البيت طلب من زوجته أن تقوم بإعداد الطعام للرجل فأخبرته حينها أنه لا يوجد في المنزل من الطعام ما يكفي، فهناك القليل من الطعام للأولاد، فطلب منها أن تحضر الطعام وتشغل أطفالها بأي شيء آخر وطلب منها أن تطفئ الأنوار كي لا يشعر الضيف بالحرج.
قصة تعاون فيها الرسول مع أبو بكر وأهل بيته
إثناء هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وأهل بيته تعاون معهم فقد قام سيدنا أبو بكر بتجهيز راحلتين له وللنبي صلى الله عليه وسلم للهجرة وحينما وصلا إلى غار ثور دخل أبو بكر ليتفقد الغار للنبي ﷺ كي لا يصيبه أذى أو مكروه، وقامت أسماء بنت أبو بكر بتحضير جهاز السفر.
تولى عبد الله بن أبي بكر أمر نقل أخبار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأثناء رحلتهم إلى المدينة كان أبو بكر إذا تذكر رصد قريس للنبي سار أمامه وإذا تذكر طلب قريش من الرسول سار أمامه.
قصة اثر الرسول فيها أصحابه على نفسه
تعلم صحابة رسول الله- رضوان الله عليهم- حب الإيثار من رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؛ لكثرة ما كانوا يرونه منه، ففي أحد الأيام جاءت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- امرأة، فأهدته بردة، وقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تلك البردة من المرأة، وقد كان هو في حاجة إليها، ولكن في المقابل وجد رجلاً يحتاجها، وطلب هذا الرجل من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- البردة، فآثر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذلك الرجل على نفسه، وأعطاه إياها.
كما أن أبو موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ، جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ، بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ) (حديث صحيح).
كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يعطي، ويهدي ما عنده لغيره، فقد كان يدخر التمر، وغيره من الطعام القابل للتخزين لمدة سنة، ففي حالة جاءه ضيف، أو طرأ طارئ على أحدهم، فيقوم بإيثار غيره عليه، وذلك حتى وإن أدى ذلك إلى نفاذ الطعام لديه.
يذكر أن في ذات يوم أهدى أحد الصحابة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طعاماً، وقد كان جائعاً، فدعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لهذا الطعام صحابته، وكان عددهم يقرب من السبعين أو الثمانين، فأكلوا جميعاً حتى شبعواً، وبعد ذلك أكل هو.
بهذا نكون قد قدمنا لكم “قصة تعاون فيها الرسول مع اصحابه” وعرضنا لكم العديد من القصص التي توضح تعاون النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ومع أهل بيته، فصفة التعاون من الصفات التي ينبغي أن نتحلى بها جميعًا، ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو خير من نقتدي به في حياتنا، وإلى هنا نكون قد وصلنا متابعينا الكرام إلى ختام مقالنا، نشكركم وإلى اللقاء في مقال آخر من الموسوعة العربية الشاملة.