في هذا المقال نوضح مايستدل به على وجوب الحذر من الشرك هو ؟، ليس هناك إنسان معصومًا من الخطأ والوقوع في الذنب، وجميع الذنوب هي نوعًا من عصيان أوامر الله وعدم اتباع شريعته التي فرضها على جميع عباده، وتنقسم الذنوب إلى ثلاثة أنواع، ذنوب صغرى أي السيئات التي يرتكبها الإنسان والتي لا تحتاج إلى توبة فقد جعل الله لها عدة مكفرات، وكبائر الذنوب وهي معروفة وقد توعد الله مرتكبيها بالعذاب يوم القيامة وإن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، والذنب الذي لا يغفره الله إذا مات صاحبه عليه دون أن يتوب منه وهو الشرك بالله سبحانه وتعالى، فقد صح في الحديث عن عبدالله بن مسعود: “أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنوب أعظم؟ فقال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك” وهناك العديد من الدلائل على الحذر من الشرك والتي نوضحها لكم من خلال السطور التالية على موسوعة.
مايستدل به على وجوب الحذر من الشرك
يُعد الشرك بالله من أعظم الذنوب التي يرتكبها الإنسان في حياته، حيث يتخذ شخصًا أو صنمًا أو كائن حي شريكًا لله في العبادة.
وهو ذنب عظيم لا يغفر الله لصاحبه إن لم يتب عنه قبل مماته، فيدخله النار ويجعله من المُخلدين فيها.
فقد قال سبحانه وتعالى في سورة النساء: ” إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا”.
كما قال عز وجل في سورة المائدة: “إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ”.
وقد حذر الله سبحانه وتعالى في الوقوع في الشرك لأنه ظلم عظيم، وما يُستدل به على ذلك ما جاء في سورة لقمان: “وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ”.
وجاء وصف الظلم العظيم على الشرك لأنه نوعًا من التعدي على حق الله عز وجل، وذلك باعتقاد أن هناك أله آخر غيره، وبعبادة ما دونه.
ولذلك حرص جميع الأنبياء على تحذير كل قوم من الشِرك بالله بنوعيه الأكبر والأصغر.
وجاء الشرك بالله في عدة مواضع في السُنة النبوية، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ[4]»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ[5]، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ[6]المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ”.
هناك العديد من آيات القرآن الكريم التي بينت سذاجة المشركين وقلة عقولهم وتوجههم إلى عبادة ما لا يضرهم ولا ينفعهم، فقد قال الله تعالى في سورة يونس: “وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ”.
بين القرآن الكريم ضعف إيمان المشركين بما عبدوا، فعندما يكونوا في يُسر ورخاء يتوجهون إلى آلتهم بالدعاء، وعند وقوعهم في شدة وكرب يتذكرون أن هناك إله واحد وهو الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في سورة يونس: “هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ”.
أظهرت العديد من آيات القرآن الكريم مدى عجز وسلبية الأصنام في فعل أي شيء وفي المقابل فضل الله وقدرته على فعل أي شيء للعباد، وهذا ما يجعل العقل يقود الإنسان لعبادة ما ينفعه وترك عبادة ما لا ينفعه، فقد جاء في قول الله تعالى في سورة يونس: “قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ”.
بين الله عز وجل قدرته وحده على التصرف والتحكم في الكون، فهو من ينزل المطر بأمره وينبت النبات وهيأ جميع سُبل العيش في الأرض، والكثير من النعم التي لا يمكن عدها والتي يستطيع فعلها أي آلهة أخرى اتخذها المشركون، فقد قال الله عز وجل في سورة النمل: “أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ . أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ”.
بين الله عز وجل مدى الانحدار الذي يصل إليه المشرك من شركه بالله، فقد قال عز وجل في سورة الحج: “حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ”.
عقوبة الشرك بالله
للشرك بالله أنواع، فهناك شرك أكبر وهو شرك الربوبية وشرك الألوهية وشرك الأسماء والصفات، وشرك أصغر وهو الرياء والحلف بغير الله والاعتقاد بجلب النفع والضر من دون الله.
وقد جاءت عقوبات الشرك بأنواعه على النحو التالي:
عقوبة الشرك الأكبر
المشرك بالله شركًا أكبر يعتدي على حق الله عز وجل في الإيمان به وعبادته حُسن عبادة، ففيه استكبار عن طاعة الله وعدم إيفاءه بحقوقه، وإعطاء حق العبادة لمن لا يستحقها.
ولقد أوضح الله عز وجل عقوبة الشرك الأكبر بقوله تعالى في سورة النساء: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ”.
كما أن في الشرك بالله إحباط لجميع أعمال الإنسان واستحقاقه للهلاك والعذاب، فقد قال الله تعالى في سورة الزمر: “وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلاثاً، قاَلوُا: بلَىَ ياَ رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ»، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتّكِئاً «أَلا وَقُولُ الزُّوْرِ» قَال: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
الشرك بالله يحرم صاحبه من دخول الجنة، ويستوجب دخوله النار وخلوده فيها إن مات على شركه دون توبة منه، فقد قال الله تعالى في سورة المائدة: “إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ”.
وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ وَهْوَ لا يَدْعُو للهِ نِدًّا دَخَلَ الجَنَّةَ”.
توعد الله المشركين بالعذاب يوم القيامة، فقد قال عز وجل في سورة النساء: “إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا”.
عقوبة الشرك الأصغر
الشرك الأصغر يؤثم صاحبه عليه ولكن لا يُبطل عمله سوى الذي خالطه، ولا يُخلده في النار، فقد يعذبه الله بذنبه ثم يدخله الجنة، وقد يغفر له إن شاء، فعقوبته تتحدد وفقًا لمشيئة الله وإرادته.
وقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ”.
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا والذي أجبنا من خلاله على سؤال مايستدل به على وجوب الحذر من الشرك هو؟ كما أوضحنا الدلائل على ضعف المشركين وعقوبة الشرك بنوعيه، تابعوا المزيد من المقالات على الموسوعة العربية الشاملة.