الظهار في اللغة مصدر، والفعل من الظهار هو ظاهر، حيث يقال ظاهر من امرأته، وهذا يعني أنه قال لها أنت علي كظهر أمي.
والمعنى الشرعي من الظهار هو تشبيه الرجل لزوجته، أو وصف جزء منها بواحدة من النساء المحرمة عليه تحريم أبدي ومثل أمه وأخته، ومثال على ذلك عندما يقول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي، أو كظهر أختي وهكذا.
حكم الظهار
يمكن التعرف على حكم الظهار وهو تشبيه الرجل لزوجته، يمكن توضيح الحكم من خلال ما يلي:
أجمع الكثير من العلماء والفقهاء ورجال الدين من مختلف المذاهب أن الظهار محرم ولا يجوز على المسلم فعله.
ويمكن التأكيد على ذلك من خلال قول الله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ).
وبالتالي يعتبر الظهار من قول الزور وفعل المنكر، حيث إنه يعتبر من الكبائر التي نهى الله سبحانه وتعالى عنه.
كما جاءت في السنة النبوية الشريفة عندما اشتكت زوجة أوس بن الصامت لنبي الله صلى الله عليه وسلم، أن زوجها يقوم بالمظاهرة لها، وأنزل الله سبحانه وتعالى سورة المجادلة.
وبالتالي فإن الشريعة الإسلامية حرمت الظهار فإنه لا يجوز أبداً، كما رتبت على من ظاهر زوجته ويريد العودة إليها كفارة وعقوبة له على ما فعله، حيث أن الظهار يكو نفيه ظلم للزوجة وإلحاق الضرر والأذى بها.
حكم الظهار المؤقت
الظهار المؤقت هو الظهار المحدد بمدة زمنية معينة، حيث إنه مثلا يقول لزوجته أنها عليه كظهر أمه ليوم أو لشهر وهكذا، واختلف الكثير من العلماء في ذلك حيث يمكن توضيح أقوالهم من خلال السطور التالية:
القول الأول
حيث ذهب أحد العلماء والفقهاء من الحنفية والحنابلة والشافعية إلى أنه يجوز الظهار المؤقت.
حيث إنه أثره سوف يزول ويختفي بمجرد انتهاء المدة المحددة، ولا توجد كفارة على الزوج ، ولكن خلال تلك المدة لا بد أن يلزمه كفارة.
ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال رؤى عن سلمة بن صخر البياضي أنه قال: (ظاهَرْتُ مِن امرأتي حتى يَنْسِلَخَ شهرُ رمضانَ، وأَخْبَرَ النبيَّ أنه أصابَ فيه، فأمَرَه بالكفَّارةِ).
القول الثاني
يعارضهم في الرأي أصحاب المذهب المالكي، حيث قال بعض العلماء أن الظهار يقع، ولكنه يقع بشكل مؤبد حيث يسقط التوقيت ويثبت الظهار، وتكون الزوجة محرمة على زوجها ولا يمكن أن يجتمعا إلا بأداء الكفارة، وبالتالي فإن اللفظ بالظهار يحرم الزوجة على زوجها ولا يكون محدد بمدة معينة.
أركان الظهار وشروطه
أوضح العلماء أركان الظهار والتي يمكن التعرف عليها من خلال ما يلي:
الزوج: وهو يكون المظاهر، ومن الشروط الأساسية أن يكون الزوج عاقل ومتمتع بكامل قواه العقلية، وبالغ، ولا بد من تواجد تلك الشروط لكي يصح إجراء عملية الطلاق من الرجل.
الزوجة: من الشروط اللازمة التي يجب توافرها لوقوع الطلاق على الزوجة، أن تكون في العدة من طلاق رجعي من قبل ولا يهم إن كان الظهار قبل أو بعد، ولا يمكن الظهار من امرأة أجنبية.
الصيغة: يمكن أن تكون الصيغة في قول الظهار صريحة ومباشرة، ويمكن أن تكون كنائية، وأمثلة على القول الصريح أن يقول الرجل لزوجته: “أنتِ عليّ كظَهْرِ أمي”، أو يقول: “أنتِ معي، أو عندي، أو لي كظَهْرِ أمي”، ومن الألفاظ الصريحة أيضاً؛ قول الرجل لزوجته: “أنتِ عَلَيّ كبَدَن أو جسم أمي”، وكذلك إن ذكر أي جزءٍ من زوجته، كأن يقول: “نِصفُكِ، أو رُبعُكِ”، ولكن الصيغة الكنائية هي أن يقول الرجل لزوجته “أنتِ عَلَيّ كرُوح أمي، أو رأسها”، وبعدها سوف ينظر الرجل إلى نيته ولو كانت نيته أنه يريد الظهار فقد وقع عليه الظهار بالفعل ولا بد من الكفارة.
الآثار المترتبة على الظهار
توجد بعض الآثار التي تترتب على الظهار والتي يمكن التعرف عليها من خلال ما يلي:
يحرم على الرجل أن يجتمع بزوجته بسبب الظهار، وبالتالي تكون الزوجة محرمة على زوجها، ولا يمكن أبداً أن يجتمعا قبل أداء الكفارة، حيث لا يمكنه لمسها أو تقبيلها نهائياً إلا بعد دفع الكفارة.
ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
كما ورد في السنة النبوية الشريفة أن هناك رجلا ظاهر امرأته ومن ثم جامعها قبل أن يقوم بالتكفير عن تلك المظاهرة ودون أن يدفع كفارته، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأمره بأن يستغفر الله سبحانه وتعالى على ما فعل، والتوبة وعدم فعل ذلك مرة أخرى، وأنه لا يمكن أن يجامع زوجته إلا بعد القيام بدفع الكفارة.
أداء كفارة الظهار
يجب على الزوج أداء كفارة الظهار، وذلك لكي يكفر عن ذنبه ولا يمكنه أن يجتمع بزوجته من دون دفع كفارة الظهار.
قال الله سبحانه وتعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا).
ومن الجدير بالذكر أن الكفارة لا تسقط عن المظاهر بأي شكل من الأشكال إلى ظاهر زوجته قبل أداءها وأنه لا يشعر بفعلته وذنبه.
ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال قول عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، قَد ظاهرَ منَ امرأتِهِ فوقعَ علَيها، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي ظاهَرتُ منَ امرأتي فوَقعتُ قبلَ أن أُكَفِّرَ، قالَ: وما حَملَكَ على ذلِكَ يرحَمُكَ اللَّهُ؟ قالَ: رأيتُ خُلخالَها في ضوءِ القمرِ، فقالَ: لا تَقرَبْها حتَّى تفعلَ ما أمرَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ).
وبالتالي فإن الزوجة التي ظاهرها زوجها تظل محرمة عليه ول يمكن أن يجتمعا قبل التكفير عن هذا الذنب ودفع الكفارة والتكفير عن ذنبه.
مشروعية كفارة الظهار
يمكن التأكيد على مشروعية كفارة الظهار في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبمكن علاض ذلك من خلال ما يلي: