تقدم موسوعة إليكم في المقال التالي كلمات عن سوء الظن بالناس وهو أحد أسوء الخصال التي قد يتصف بها الإنسان ولا تتوقف عواقبها عليه وحده بل تمتد لسائر المجتمعات وبالتالي تتأثر المجتمعات بشكل كبير وتضعف، وقد ورد النهي عنه في القرآن الكريم بالعديد من الآيات حيث قال تعالى في سورة الهمزة الآية 1 (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ).
ولعل التماس العذر فيما بين الناس وبعضهم أصبح مفهوم غائب عن عالمنا اليوم، وباتت الصدور تحمل الكثير من الضغائن، وفقد الناس مقدرتهم على الصبر حتى يتحروا الحقيقة والدقة قبل اتخاذ موقف من الغير سواء في المعاملات داخل بيئة العمل، أو المعاملات الشخصية في نطاق الجوار أو الصداقة بل بلغ الأمر مبلغ قطع الأرحام ولعياذ بالله.
نظراً لما يمثله سوء الظن من آفة إن لم يتم مقاومتها والقضاء عليها لقويت واشتدت وقضت عليه على العلاقات بين الناس التي هي قوام المجتمع وركيزته، وقج قال الله تعالى في سورة الحجرات الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، وفي الآية الكريمة دليل واضح على عاقبة سوء الظن في الدنيا والآخرة، ومما ورد في ذلك الصدد عن الصحابة والصالحين ما يلي:
ورد عن الإمام القرطبي رحمه الله أن أكثر العلماء قد أجمعوا على أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير غير جائز، أما سوء الظن بمن ظاهره يؤدي لذلك هو أمر مكروه وهو ما قال فيه الله تعالى في سورة النجم الآية 28 (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)، نعرض لكم فيما يلي أهم ما ورد من أقوال مأثورة عن سوء الظن:
العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة هي أولى العلاقات التي عرفتها البشرية قبل الصداقة أو القرابة أو الجوار فقد خلق الله آدم وحواء وجعل كلاً منهما زوجاً للآخر وقذف في قلب منهما المحبة لشريكه، ذلك الحب هو القوام الأول والركيزة الأساسية لتلك العلاقة والتي ما إن شابها الشك وحسن الظن انقلب صفوها وتعكرت القلوب والنفوس، ومن الكلمات التي وردت في سوء الظن بالحبيب:
دعا الدين الإسلامي الجنيف إلى حسن الظن، حيث إن نفس الإنسان وسريرته إلا لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن على الرغم من ذلك أصبح سوء الظن يمثل مرض من أمراض ذلك العصر الذي نعيش به وهو ما حذر منه الله جل وعلا في قوله بسورة الحجرات الآية 12 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ)، كذلك فإن النهي عن سوء الظن ورد صراحة في السنة النبوية بالكثير من الأحاديث الشريفة ومنها:
حسن الظن من أفضل الصفات وأخيرها ولأن العرب منذ القدم وحتى قبل ظهور الإسلام كان للشعر مكانة عظيمة في حياتهم متأثرين فيه ببيئتهم وعاطفتهم، بل إن أشعارهم أصبحت بمثابة المرآة التي عكست لنا طبيعة أفكارهم وسلوكياتهم، وفي حسن الظن كان لهم العديد من القصائد والأبيات فقال المتنبي:
إذا ساء فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُه
وصدَّق ما يعتادُه من توهُّمِ
وعادى محبِّيه بقولِ عُـداتِه
فأصبح في دَاجٍ من الشَّكِّ مظلمِ
وقال الشاعر:
حَسِّنِ الظَّنَّ تعشْ في غبطةٍ
إنَّ حُسْن الظَّنِّ مِن أوقى الجننْ
مَن يظن السُّوءَ يُجْزَى مثلَه
قلَّما يُجْزَى قبيحٌ بحسنْ
وقال شاعر آخر:
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ
وَصَدَقَ مَا يَعتَادُهُ من تَوَهُّمِ
وَعَادَى مُحِبّيهِ بقَوْلِ عُداتِهِ
وَأصْبَحَ في لَيلٍ منَ الشّكّ مُظلِمِ
أُصَادِقُ نَفسَ المرءِ من قبلِ جسمِهِ
وَأعْرِفُهَا في فِعْلِهِ وَالتّكَلّمِ
وَأحْلُمُ عَنْ خِلّي وَأعْلَمُ أنّهُ
متى أجزِهِ حِلْماً على الجَهْلِ يَندَمِ
وَإن بَذَلَ الإنْسانُ لي جودَ عابِسٍ
جَزَيْتُ بجُودِ التّارِكِ المُتَبَسِّمِ
وَأهْوَى مِنَ الفِتيانِ كلّ سَمَيذَعٍ
نَجيبٍ كصَدْرِ السّمْهَريّ المُقَوَّمِ
خطتْ تحتَهُ العيسُ الفلاةَ وَخالَطَتْ
بهِ الخَيلُ كَبّاتِ الخميسِ العرَمرَمِ
وَلا عِفّةٌ في سَيْفِهِ وَسِنَانِهِ
وَلَكِنّهَا في الكَفّ وَالطَّرْفِ وَالفَمِ
كما ورد ذلك البيت قائلاً:
ما يستريحُ المسيءُ ظنًّا
مِن طولِ غمٍّ وما يريحُ
وبذلك ومما سبق ذكره يتبين لنا مدى ما لسوء الظن من عواقب سيئة على حياة كل من الفرد والمجتمع حيث يولد الشك والاعتقاد في الناس الأمور المكروهة يولد الكراهية والبغضاء في النفوس، فلابد على المسلم أن يحسن الظن دوماً بمن حوله ملتمساً لهم الأعذار، فلا تتهمش العلاقات ولا تولد العداوات، إذ يؤدي الشك وسوء الظن إلى هدم ثقة الأسخاص ببعضهم البعض وإنهاء العلاقات الطيبة بينهم وهو ما نهانا عنه الله تعالى ورسوله الكريم.