خطبة ماذا بعد رمضان مكتوبة ، شهر رمضان الذي يتسارع فيه المسلمون جميعهم، من أجل الفوز بأكبر قدر ممكن من مغفرة الله لذنوبنا، وعفوه عنا، وتجاوزه عن سيئاتنا التي نجمعها طوال العام، ونكسب خسارتها بإذن الله تعالى في هذا الشهر الكريم بفضل ما وفقنا الله إليه من القيام بأداء أحب العبادات، وأفضل الطاعات التي تجعلنا نفوز بهذا الشهر العظيم من إقامة الصلوات الخمسة المفروضة، وأداء صلاة قيام الليل “التراويح”، والتوجه إلى الله بعبادة الدعاء، والتضرع إليه، والإلحاح عليه بأن يُصلح لنا ديننا، ومعاشنا، وقراءة كلام الله عز وجل في القرآن الكريم، والمجاهدة في ختمه أكثر من مرة في هذا الشهر الكريم، ومن علامات قبول الأعمال في شهر رمضان المبارك هو الانشراح في أول يوم من عيد الفطر المبارك، فماذا سيحل بنا بعد الشهر الفضيل، هل سنبقى نجتهد في أداء العبادات، أم سنتكاسل، هذا موضوع مقالنا اليوم من موسوعة.
من أهم أدوار العلماء، والفقهاء، والشيوخ طوال العام، هو توعية المسلمين بدينهم، والحرص على معرفة المسلمين لدين الإسلام حق المعرفة، وخاصةً في شهر رمضان المبارك؛ لما فيه من عظيم الأجر من الله على عباده، ورضاه عنهم، فما دورهم بعد انقضاء أفضل أيام العام على الإطلاق، يجب عليهم الاستمرار في ترغيب المسلمين في أداء العبادات، والطاعات حبًا منهم لإرضاء الله عز وجل، فقط ليرضى فإذا رضي أدهشكم بعطائه؛ لأنه الكريم سبحانه، ويجب أن يكون أسلوب الترغيب لين، ورفيق بالمسلمين؛ لترغيبهم لا لتنفيرهم.
قال اله تعالى:”ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”. في الأية 125 من سورة النحل.
وهذا الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة الإسلامية؛ فقال الله تعالى:” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”. في الأية 159 من سورة آل عمران.
فلو كان رسول الله صلى الله عليه فظًا ما نجحت دعوته.
الحمد لله والصلاة، والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نبدأ حديثنا بالحمد، والثناء لله عز وجل، راجيين منه هدايتنا، وهداية من يستمع إلى حديثنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق فأنت خير الفاتحين، فاللهم اغفر، وارحم، وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، وصل اللهم وسلم على نبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم، أمّا بعد.
عباد الله ها هو شهر رمضان المبارك قد انقضى، ووفقنا الله لصيامه، وإكمال فرض من فروضه، وأتم الله علينا نعمته، وأهدانا عيد الفطر المبارك، وبلغنا إياه، بأفضل حال، وصحة، ولكن ماذا بعد رمضان؟، هل سنتكاسل عن أداء العبادات؟، هل سنحرم أرواحنا من غذائها الوحيد، وهو التقرب إلى الله عز وجل؟، وماذا يفعل من لم يغتنم فرصة وجود شهر رمضان للتقرب إلى الله عز وجل.
يجب الاستمرار في أداء العبادات، والطاعات، وإن قل مقدارها بعد شهر رمضان، فيمكننا أن نبدأ بقراءة القرآن الكريم، بجزء صغير منه في كل يوم، حتى، وإن كان مقدار هذا الجزء خمس صفحات.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت في سؤال أحدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم:”أدومها وإن قل”، وقال: “اكلفوا من الأعمال ما تطيقون”. ورد في صحيح البخاري.
ويجب الالتزام بأداء الصلوات الخمسة في أوقاتها بعد رمضان أيضًا فلا ننسى الصلاة المفروضة بعد شهر رمضان.
كما يمكننا الالتزام بعدد صغير من الركعات لصلاة قيام الليل، فيمكننا البدء بركعتين، مع البدء بالتدريج؛ بأن تصلي قيام الليل في هذا الأسبوع يومًا واحدًا ثم تزيد الأيام بمرور الأسابيع، حتى تصبح صلاة قيام الليل فرضك السادس، ومن الأفضل أن تقوم بأداء عبادة الدعاء في أثناء السجود في صلاة قيام الليل.
ويجب الاهتمام بالصدقات، بأي مبلغ معك، حتى ولو ابتسامة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرَّجل في أرض الضَّلال لك صدقة، وبصرك للرَّجل الرَّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشَّوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة”.
ومن لم يغتنم فرصة شهر رمضان يمكنه أن يبدأ مرة أخرى بعد رمضان بهذا التدرج في العبادات الذي ذكرناه، فإن ذهب رمضان، فإن الله عز وجل باقٍ لا يموت.
وفقنا الله و إياكم إلى ما يحبه ويرضاه من الأعمال وصل اللهم وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.