تأكل الأرض اجساد جميع الكائنات بعد الموت حيث يفنى الجسد ولا بتبقي منه الا جزء بسيط. هذا ويتحلل جسد الميت في الارض الا عظمة واحدة صغيرة تسمي عجب الذنب كما جاء في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم والذي قد اخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس من الإنسان شيء إلَّا يَبلى، إلا عظمًا واحدًا، وهو عَجْب الذَّنَب، ومنه يُركَّب الخلقُ يومَ القيامة)).
• هذا وقد جاء في رواية اخري للحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم والذي جاء في رواية لمسلم: ((كلُّ ابن آدم يأكله التُّرابُ إلَّا عَجْب الذَّنَب، منه خُلق وفيه يُركَّب)). أما عن ما هيه عظمة عجب الذنب فقد قام النواوي بتفسيرها كما يلي قال النووي رحمه الله: “عجب الذنب: هو عظم في أسفل الصُّلب، وهو رأس العصعص، وهو العظم الذي بين الأليتين الذي في أسفل الصلب، وهو أول ما يخلق منه الآدمي وهو الذي يُركَّب منه”
• وحيث أن كل ما في الكون هو معرض للفناء إلا أنه قد ذكرت العديد من الكتب التي كتبها كبار العلماء عن ما لا يتعرض للفناء وقد كان من ضمنها الروح والولدان المخلدون. كما أن الحور العين والقلم واللوح المحفوظ مما لا يتعرض للفناء. ومنها ايضا الجنة والنار والكرسي والعرش. أما عن البشر فما لا يتعرض للفناء هما عجب الذنب وأجساد الأنبياء.
• هذا وقد حرم الله سبحانه وتعالى أجساد الأنبياء على الأرض حيث أن الله تعالى قد حرم على الأرض ان تأكل من اجساد الانبياء. وقد جاء هذا التحريم فيما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالي في سورة ق قال الله عز وجل : قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ [ق:4] وهو ما يثبت ان الارض لا تأكل أجساد الأنبياء
• كما جاء ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف الذي قد أخرجه أبو داود قال حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يقولون: بليت، فقال: إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء ”
• لم يأت في القراءن الكريم ما ينص على تحريم الله تعالى على الأرض ان تأكل اجساد الشهداء. هذا وقد جاء في حديث شريف جاء في “صحيح البخاري” من حديث جابر – رضي الله عنه – قال: “لما حضر أُحُد دعاني أبي من الليل، فقال: ما أراني إلا مقتولاً في أول مَن يُقتَل مِن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإني لا أترك بعدي أعز عليَّ منك غير نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإن عليَّ دَينًا فاقضِ، واستوص بأخواتك خيرًا، فأصبحنا فكان أولَ قتيل، ودُفِن معه في قبره آخر، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعتُه غير هُنَيَّة في أذنه”.
• جاء في عدد من الكتب التي كتبها كبار علماء المسلمين عن تحريم الأرض ان تأكل أجساد الموتى فقد جاء في “شرح الطحاوية” “حرَّم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء كما رُوي في السُّنن، وأما الشهداء فقد شوهد منهم بعد مدد مِن دفنه كما هو لم يتغير، فيُحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره، ويحتمل أن يبلى مع طول المدة، والله أعلم، وكأنه – والله أعلم – كلما كانت الشهادة أكمل، والشهيد أفضل كان بقاء جسده أطول؛
• كما قد جاء في قول الحافظ في “الفتح” (3/279) في الكلام على فضائل أبي جابر قال: “وفيه كرامته بكون الأرض لم تبلِ جسده مع لُبثه فيها، والظاهر أن ذلك لمكان الشهادة”. كما قد قال وقال القرطبي في التفسير: وثبت أن الأنبياء والأولياء والشهداء لا تأكل الأرض أجسادهم ، فقد حرم الله على الأرض أن تأكل أجسادهم وقد بينا هذا في كتاب التذكرة.
• وقد جاء في قول الإمام ابن عثيمين في تفسير سورة ق: ” أما الأنبياء فإن الأرض لا تأكلهم مهما داموا في قبورهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وأما غيرهم فقد يبقى الجسم مدة طويلة لا تأكله الأرض إلى ما شاء الله، وقد تأكله الأرض، لكن إذا أكلته الأرض فإنه يبقى عجب الذنب.