قد منَّ الله- ﷻ- على المسلمين بصفة خاصة والبشر عامةً بالقرآن الكريم، ففي هذا الكتاب المقدس آيات للتدبر والتأمل والمعرفة، وسير الأقدمين ونهايتهم، وأوامر ونواهي لتسهل الحياة على كل البشر، ناهيك عن الوعيد وحساب الآخرة، وبشرى للمتقين والمؤمنين بالفوز العظيم وهو الجنة، ويبدأ المصحف الشريف بسورة قد خصَّ الله بها المسلمين عن سائر الأقوام، وهي سورة الفاتحة، يليها سورة البقرة، سورة البقرة هي السورة الثانية في المصحف، والأكبر حجماً بين كل سور القرآن الكريم.
يسعى الكثيرون من المسلمين لحفظ القرآن الكريم؛ لما في ذلك من فضل عظيم، ولكن لحفظ القرآن الكريم وتسهيل الحفظ وجب ترتيب الأحداث المذكورة في الآيات على الترتيب، حتى يتم الحفظ بيسر، والجميل في القرآن الكريم أن الأحداث فيه لها ترتيب متصل، والحديث في هذه المقالة عن القصص التي اشتملت عليها سورة البقرة، وما هي اول قصه ذكرها الله في سوره البقره، وسنجيب على موقعنا الموسوعة العربية الشاملة عن كل ذلك مع ذكر فضل سورة البقرة. راجين من الله ثواب الفائدة.
تتعدد القصص المذكورة في سورة البقرة، وهذا منطقي ويبرر حجم السورة التي تحتوي على مائتين وست وثمانون آية، تشغل ثمان وأربعون صفحة من صفحات المصحف الشريف، وتبدأ سورة البقرة بذكر قصة خلق الله- ﷻ- لأول البشر وأبيهم آدم- عليه السلام- وتحدث المولى- ﷻ- عن بداية خلق سيدنا آدم، وهذا الموقف العظيم الذي تعجب منه الملائكة وقتها، فما سبب العجب؟ وما سبب خلق الله لآدم؟ سنعرض لكم الإجابة في الفقرة
كرم الله- ﷻ- آدم عن سائر المخلوقات، فخلقه بيده ثم علمه أكثر مما علم الملائكة، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً وتشريفاً له، فنفذت الملائكة كلها الأمر عدا أحد الجن، وهو إبليس اللعين، رفض تنفيذ الأمر من الله- ﷻ- تكبراً منه وشعور بالعظمة لنفسه وأنه أعظم من آدم شأناً، فصار إبليس من وقتها كافراً.
ما زلنا في قصة سيدنا آدم، ولكن هذه المرة وهو في الجنة، فقد أنعم الله على آدم بأن جعل له جنة مسكناً له ولزوجه حواء، وأباح لهم التمتع بكل ما في تلك الجنة من خير وطعام، ونهاهم عن شجرة بألا يأكلوا من شجرة معينة، وكان هذا أول اختبار لآدم، ولكن الشيطان وجد الفرصة متاحة له لينتقم من آدم، فوسوس له بالاقتراب من الشجرة المحرمة، وتسبب في أن يعصي آدم- عليه السلام- وحواء أمر الله، فحرمهما الله من نعيم الجنة التي كانا يسكناها، ومن الثياب التي كانت تغطيهم، وأخرجهما الله- ﷻ- من الجنة وأنزلهم الأرض هما والشيطان، وأمر بأن يظلوا في الأرض إلى يوم القيامة.
لشدة حب الله- ﷻ- لآدم لم يأمر بعذابه كما فعل مع إبليس فور مخالفة الأمر بالسجود، لكنه ترك له فرصة للتوبة، وجعل له الأرض مكاناً للاستقرار والإقامة إلى يوم القيامة، وتلقى آدم- عليه السلام- من الله كلمات، ويقول المفسرون أن تلك الكلمات وعد بالعودة للجنة بعد التوبة، وما لبث حتى تاب آدم- عليه السلام- إلى الله- ﷻ- عن خطيئته، وتقبل الله منه توبته.
تعددت فوائد سورة البقرة، ومنها ما يلي:
فهناك حديث صحيح عن أن الشيطان يخرج من البيت الذي تقرأ فيه البقرة، في قول رسول الله- ﷺ- (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ.) (حديث صحيح) مما يبعد عن هذا البيت الشر.
فقد ذكر رسول الله- ﷺ- في فضل آية الكرسي (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ ، إلَّا الموتُ) (حديث صحيح) وفهي سبب في دخول صاحبها الجنة إذا قرأها بعد كل صلاة مفروضة.
قال رسول الله- ﷺ- (اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما) (حديث صحيح)
قال رسول الله- ﷺ- (اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ. [وفي رواية]: غيرَ أنَّه قالَ: وكَأنَّهُما في كِلَيْهِما، ولَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ مُعاوِيَةَ بَلَغَنِي.) (حديث صحيح)
تنتهي سورة البقرة بدعاء في آخر آيتين فيها، ولهذا الدعاء تحصين للمسلم وزيادة في الإيمان وإبعاد عن الكفر، كما في قوله- تعالى-: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)
تحتوي سورة البقرة على العديد من القصص والموضوعات والعظة لأقوام سبقت وسنعرض لكم عناوين بسيطة عن تلك القصص على النحو التالي مع الترتيب في الآيات.