نقدم في هذا المقال شرحًا حول ثمرات التوكل على الله ، قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز في سورة الطلاق: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا”، فهناك العديد من العبادات التي أمر بها الله أنبياءه ورسله عباده المؤمنين، وتُعد عبادة التوكل على الله واحدة من أعظم تلك العبادات، وقد جاء هذا الأمر في العديد من الآيات المذكورة في القرآن الكريم، ولكن ما هو معنى التوكل على الله؟ وما هي فوائد تلك العبادة؟ وكيف يمكن أن تتحقق؟ سنُجيب على تلك الأسئلة من خلال السطور التالية على موسوعة.
ثمرات التوكل على الله
بداية يمكن تعريف التوكل على الله بأنه ثقة العبد في خالقه وحده وفيما عنده، ويأسه من الناس وما يملكون.
حيث يكون العبد المؤمن ذو قلب صادق في أن الله تعالى هو تحقيق مصالحه ودفع ما يضره عنه من أمور الدنيا والآخرة.
ولكن في نفس الوقت لا يتعارض معنى التوكل مع الأخذ بالأسباب.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رجل: يا رسول اللّه أعقلها وأتوكّل، أو أطلقها وأتوكّل؟ -لناقته- فقال صلى الله عليه وسلم: “اعقلها وتوكّل”.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : «لا تبشّرهم فيتكلوا».
فقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضرورة الأخذ بالأسباب مهما كانت ضعيفة وعدم التواكل، والثقة في أن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا.
فالله سبحانه وتعالى هو مسبب الأسباب وبيده زمام أمور عباده، لذلك فاعتماد العبد يجب ألا يكون إلا على خالقه فقط وأن يأخذ بالأسباب لأن الله عز وجل يقدر الأمور بأسبابها.
وحتى يحقق العبد التوكل على الله لا بد وأن يُحسن الظن به ويسلم أمره إليه ليخرج من حوله وقوته إلى حول وقوة الله، ويوحده ولا يشرك به شيئًا، ويستشعر مدى احتياجه إلى الله وضعفه أمامه، وأن يأخذ بالأسباب مهما ضعفت ولا يعتمد عليها ولكن يعتمد على الله تعالى فقط.
وعلى العبد أيضًا أن أسماء وصفات الله ويتفكر في قدرة الله وعلمه وفضل التوكل عليه.
ولتحقيق الكمال في معنى التوكل على الله فعلى العبد ألا يعتمد على الناس في تحقيق حاجته، وألا يغرق نفسه في الذنوب والمعاصي، وألا يغتر بالمال والجاه، وألا يعتمد كليًا على الأسباب.
ويتأكد التوكل على الله في بعض المواطن وهي: عند النوم، عند نزول الفاقة، عند الإعراض عن الأعداء، عند إعراض الناس عن العبد، عند مواجهة الأعداء، عند مسالمة الأعداء، عند الخروج من المنزل، عند الشعور بالتطير، عند طلب الرزق.
أهمية التوكل على الله وأثره
التوكل على الله من أهم العبادات التي ينال عليها العبد أجرًا عظيمًا، وهناك مجموعة من الفوائد التي تعود على المؤمن المتكل على الله وهي:
من أهم أسباب تحقيق العبد للنصر، فقد قال الله تعالى في سورة آل عمران: “إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ”.
العبد المتوكل على الله في معية وحفظ الله من الشيطان الرجيم، فقد قال الله في سورة النحل: “إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ”.
يشعر المتوكل على الله بشجاعة وإطمئنان نفسه وقوة روحه وقلبه.
سببًا في حفظ الإنسان من وساوس الشيطان.
من أسباب جلب الرزق، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا».
من أهم دلائل صدق العبد في إيمانه بالله، فقد قال الله تعالى: “وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ”.
التوكل على الله من عوامل جلب المنافع ودفع المخاطر.
يحب الله سبحانه وتعالى عباده المتوكلين عليه، فقد قال عز وجل في سورة آل عمران: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”.
فوائد التوكل على الله
ومن الفوائد الأخرى للتوكل على الله ما يلي:
المتوكل على الله مُحصن من أي مرض قلبي مثل التشاؤم والكِبر، كما أنه مُحصن من شرور العين والحسد.
من يتوكل على الله يزداد إيمانه به ويرضى بقضائه.
المتوكلين على الله من أوائل الناس الفائزين بالجنة، فقد جاء في كتاب الله تعالى في سورة العنكبوت: ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ 58 الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ“.
يمثل التوكل على الله وقاية للمؤمن من أذى الناس وظلمهم وعدوانهم، فقد جاء في سورة آل عمران: “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ”.
ينال المتوكل على الله سعة في الرزق، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تعدوا خماصا وتروح بطانا”.
من ثمرات التوكل على الله الطمأنينة وراحة النفس
نعم، فمن يتوكل على الله سبحانه وتعالى يشعر براحة نفسه وطمأنينة قلبه وانشراح صدره وزيادة إيمانه بخالقه.
امثلة عن التوكل على الله
هناك العديد من الأمثلة التي جاءت عن الأنبياء والصالحين توضيحًا لمدى توكلهم على الله ومنها:
عن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ –شجر شوك- فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ سَمُرَةٍ –شجرى الطلح- فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، فَنِمْنَا نَوْمَةً ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ» ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
اتكال نبي الله تعالى هود عليه السلام على الله في دعوته لقومه لعبادة الله وعدم الشِرك به، فقد جاء على لسانه في سورة هود: “إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”.
عندما أرسل نبي الله يعقوب عليه السلام ولده بنيامين مع إخوته إلى مصر وأمرهم بدخولهم من أبواب متفرقة وليس من باب واحد، فعلى الرغم من خوفه على ابنه إلا أنه توكل على الله فحفظه له.
عندما نجا الله عز وجل رسوله مُحمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق عندما بحث المشركون عنهما ووقفا أمام باب الغار، فتلك النجاة كانت بسبب توكل رسول الله وصاحبه على خالقهم.
ومن الأمثلة الأخرى نجاة سيدنا إبراهيم عليه السلام من النار التي أشعلها فيه قومه بتوكله على الله.
نجاة سيدنا موسى عليه السلام ومن معه من فرعون وجنوده الذين لاحقوهم حتى وصلوا إلى البحر، وذلك بفضل توكلهم على الله.
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا والذي أوضحنا من خلاله ما هي ثمرات التوكل على الله وكيف يتحقق، كما تناولنا أمثلة على التوكل على الله، تابعوا المزيد من المقالات على الموسوعة العربية الشاملة.