فازت أمس الأربعاء المملكة العربية السعودية عضوية المجلس التنفيذي لـ اليونسكو ” منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة” لمدة أربعة أعوام تبدأ من العام الجاري 2019 لتنتهي في عام 2023 ميلاديًا.
ومن المقرر أن يكون هذا الفوز فرصة للمملكة للمشاركة في اتخاذ وصناعة القرار في منظمة اليونسكو على المستوى العالمي، وكذلك ستكون المملكة هي صوت الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط في هذه المنظمة التي تهتم بالعلوم والتربية والفنون والثقافة.
يُذكر أن المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو يتكون من ستة وخمسين مقعدًا، وفاز عن منطقة الشرق الأوسط كل من المملكة العربية السعودية بواقع مائة وثلاثين صوتًا، تلتها دولة الإمارات العربية المتحدة بمائة وسبعة أصوات، وجاء أيضا معهما تونس بواقع مائة وثلاثة صوت، وبذلك تكون المملكة العربية السعودية قد حصدت الأصوات الأعلى في المنظمة العالمية المهتمة بالتربية والعلم والثقافة والفنون.
وكانت المملكة قد اعتمدت في فوزها على البرنامج الذي قدمته في ملفها للترشح لعضوية المجلس التنفيذي لليونسكو، والذي اعتمدت فيه على الاهتمام بثلاثة قطاعات مهمة وهي ملف التعليم والتقنية وكذلك ملف الثقافة والفنون وعلى رأس الملفات جاء ملف تمكين الشباب في الدولة.
وقد جاء هذا الفوز بعضوية المجلس التنفيذي لليونسكو بعد رحلة عطاء من المملكة في اليونسكو، حيث أنها تعد من الدول المؤسسة للمنظمة ولها رحلة مع اليونسكو تمتد لثلاثة وسبعين عامًا، حيث شهدت هذه الرحلة العديد من المحطات التي كانت فيها المملكة متواجدة وبقوة في المنظمة.
بدأت هذه الرحلة في عام 1946 ميلاديًا، حيث كانت السعودية حاضرة ضمن العشرين دولة التي اجتمعت في لندن عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرةً من أجل تأسيس منظمة اليونسكو والعمل على نشر السلام العالمي، ثم جاء عام 1964 ميلاديًا لتعين المملكة أول مندوب دائم يمثل السعودية في منظمة اليونسكو وهو الدكتور حمد بن عبد الله الخويطر.
أما عن عام 1984 ميلاديًا فقد أسهمت المملكة العربية السعودية إسهامًا عظيمًا في الميزانية الخاصة بالمنظمة، وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من العضوية الدائمة لمنظمة اليونسكو وبالتالي انسحاب الميزانية الخاصة بها، أما عام 2003 قدمت السعودية للعالم أقدم نقوش إسلامية في الخط الكوفي، لكي يتم تسجيله بسجل اليونسكو وتحفظه اليونسكو في ذاكرة العالم.
وبحلول عام 2006 أسست السعودية برنامج “الأمير سلطان بن عبد العزيز” لتدعم اللغة العربية، وقد ساهم هذا البرنامج في الحفاظ على اللغة العربية كلغة رئيسية في اليونسكو، أما عن عام 2007 فقد تم تأسيس الكرسي البحثي الأول للمملكة في اليونسكو بالتعاون مع الجامعة السعودية “جامعة الملك سعود”.
وسجلت السعودية في عام 2008 موقع الحجر مدائن صالح، كأول موقع أثري سعودي على قائمة منظمة اليونسكو، وفي عام 2009 أقامت السعودية أول أمسية شعرية في منظمة اليونسكو، وكانت للشاعر السعودي غازي القصيبي رحمه الله، وشهدت هذه الأمسية حضورًا كبيرًا من كل من العرب وكذلك الفرنسيين.
كما وقع في عام 2010 وزير التربية والتعليم السعودي آنذاك الأمير فيصل بن عبد الله مع السيدة إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة اليونسكو وقتها، اتفاقية لتأسيس “برنامج عبد الله بن عبد العزيز العالمي لثقافة الحوار والسلام” باليونسكو، كما أُقيم في نفس العام حفل لتوزيع جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة بمقر اليونسكو في باريس.
وصوتت المملكة العربية السعودية في عام 2011 على عضوية فلسطين كعضو في منظمة اليونسكو، حيث دعمت السعودية وحشدت لتأييد عضوية فلسطين كدولة، وفي نفس العام قدمت تبرعًا كبيراً للمنظمة بعد انسحاب الحصة التي كانت تدفعها الولايات المتحدة الأمريكية للمنظمة، وجاء عام 2012 ليتم انتخاب السعودية لعضوية المجلس التنفيذي مرة أخرى، وكذلك كانت المملكة في منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي عن المجموعة العربية في منظمة اليونسكو.
وتوالت بعد ذلك الإسهامات المؤثرة للمملكة العربية السعودية في منظمة اليونسكو، ليتم تعضيد هذه الإسهامات في العام الجاري 2019، حيث أُقيمت في فرنسا هذا العام ثاني أمسية شعرية سعودية في مقر اليونسكو، وأحياها الشاعر السعودي، الأمير بدر بن عبد المحسن وشهدت هذه الأمسية حضورًا كبيرًا سواء من العرب أو الفرنسيين.
كما وقعت المملكة العربية السعودية مذكرة تعاون بين اليونسكو ووزارة الثقافة بالمملكة وذلك بحضور وزير الثقافة السعودي الأمير بدر آل فرحان، وأودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، وأخيرًا فقد التزمت السعودية بتخصيص خمس وعشرين مليون دولار من أجل تمويل برامج اليونسكو الاستراتيجية وكذلك الأعمال المعنية بالحفاظ على التراث، في الثاني عشر من شهر يوليو للعام الجاري 2019 ميلاديًا.