إن الحياة مليئة بالكثير من المواقف التي تتعلم من خلالها العبر المؤثرة، وعلى الرغم من أن تلك المواقف تحمل وجود بعض الآلام إلا أننا في النهاية نكون قادرين على مواجهتها مرة أخرى مع التحسين من طريقة التعامل مع الموقف، لنخرج منه بأقل الخسائر الممكنة، كما أن من أهم المواضع التي نتعلم منها العبر والحيل هي القصص الحياتية التي يعاصرها المحيطين بنا أو نتعرف عليها من خلال مواقف التواصل الاجتماعي.
من أهم أنواع القصص التي يمكن أن نتعلم منها العبر والحيل في الحياة، هي القصص القرآنية أو قصص الأنبياء، لما فيها من حكمة وموعظة وقدرة على حل المشاكل بأقل الخسائر الممكنة، لذا ومن خلال الفقرات التالية سوف نعرض لكم مجموعة من القصص التي تحمل في داخلها من الذكاء والحيل ما يجعلها من أهم القصص المعلمة لكيفية حل المشاكل الحياتية:
من القصص الحياتية التي عاصرت سيدنا يوسف (عليه السلام)، في صغره هي قصته الشهيرة من السارق الذي تواجد في قصر العزيز الذي ربى سيدنا يوسف مع امرأته زليخة، حيث إنه وفي أحد الأيام وفي حين مرور النبي يوسف -عليه السلام- مع أحد أفراد القصر، سمع كلًا منهم بسرقة كمية من الذهب من المخزن الموجود داخل القصر من قبل أحد الحراس الموجودين في القصر.
مع قسم كلًا منهم أنه الشخص البريء وأن الطرف الآخر هو الطرف السارق، أحتار الحكيم بينهما بشكل كبير، إلى أن أختار أنه سوف يعاقب من كانت حراسة الذهب في تلك الفترة مسؤوليته، ولكن، كان لنبي الله يوسف رأي آخر، حيث إنه قد تعلم من نبي الله يعقوب والده الكثير من الحيل القضائية، والتي كانت تجدي في معرفة المذنب في الأمور والمشاكل التي كانت تواجهه “عليه السلام”.
منها تلك الحلية التي استخدامها في معرفة اللص الحقيقي للذهب، حيث إنه طلب من الحكيم ربط عين كلًا من السارقين ووضعهم على الأرض أمامهم، ومن ثم السماح لكبير الحراس بقطع عنق الكاذب فور أن يأذن له هو بذلك، وبالفعل نفذ كل الموجودين طلب النبي، ومن ثم بدأ النبي يوسف “عليه السلام”خدعته.
التي تمثلت في خداع الكاذب بأنه قد كشفه وأنه على علم بهويته الحقيقة، الأمر الذي زاد من الرعب والقلق في قلب السارق الحقيقي، ومن ثم أمر النبي كبير الحراس بقطع رأس السارق الحقيقي، ومع إصرار النبي على رأيه، تملك الخوف من قلب للسارق واعترف على نفسه، اعتقادًا منه أنه بذلك سينجو من قطع الرأس، وبالفعل تمكن كل الموجودين من معرفة السارق الحقيقي وقد تم حبسه جزاءً لفعلته، ويجدر التنبيه على أن تلك القصة مأخوذة من قصص الإسرائيليات الشائعة عند اليهود وقد أصبحت متداولة عند العرب والمسلمين كذلك، ولا يمكننا التأكيد على مدى صحتها ونذكرها هنا للعبرة والعظة بصرف النظر عن صحة الرواية تاريخياً.
من الجدير بالذكر أن قصص الأنبياء مليئة بالعبر والحيل الذكية، والتي تمكنوا منها من معرفة الجناة الحقيقين، بأسهل الطرق الممكنة، ومن ضمن تلك القصص القصة التالية:
من القصص المشهورة جدًا عن النبي يوسف وأخيه الصغير من نفس الأم بنيامين، القصة التالية: ولكن في البدء يجدر الإشارة إلى أن تلك القصة من القصص المذكورة في القرآن الكريم، أي أنها من أهم القصص التي تحكي عن الحيل لحل المشاكل التي تواجهنا في الحياة وهي، أن بعد أن استطاع النبي يوسف بعد أن أكرمه الله تفسير حلم الملك بأنه سيأتي على البلاد سبع سنين تملأ فيها الأرض من الخيرات كلها.
تليها سبع سنين عجاف، يُمنع فيها المطر عن الأرض وتقل فيها الخيرات، ومن ثم تولى النبي يوسف أمر تخزين القمح في خزائن استطاع بحكمته تخزينه فيها بالطريقة التي تحافظ عليه أطول فترة ممكنة وبأكبر كمية يمكن تخزينها لتسد حاجة جميع أهالي البلاد في تلك الفترة، ملء البلاد المجاورة الجفاف والقحط أيضًا فيما بينها بلاد نبي الله يعقوب والد نبي الله يوسف، والذي أمر أبنائه بالذهاب إلى مصر لجلب القمح والغذاء.
بعد أن عرفوا من مجموعة من القوم أن عزيز مصر يعطي القمح للناس، وبالفعل ذهب كل أبناء النبي يعقوب إلى مصر، وقد تمكنوا من أخذ القمح، ولكن نبي الله يوسف تمكن من التعرف على أخوته في تلك المرة، كما أمر بأخبارهم بأنهم إن تمكنوا من جلب أخاهم الآخر معهم في المرة القادمة، سيأخذون كمية أكبر من القمح، الأمر الذي سعد به كل الأخوة، وطالبوا أباهم بأن يسمح لهم بأخذ أخيهم الصغير بنيامين معهم في المرة القادمة التي سيذهبون فيها إلى مصر لجلب القمح.
لكنه رفض في بدأ الأمر خوفًا على أبنه من أخوته، لما فعلوه في أخاهم يوسف في السابق ولم يعترفوا به، ولكنه في النهاية رضخ لمطلبهم، مع تأكيدهم الكبير بأنهم سيحرصوا على أن يعود أخاهم سليم معافى له مرة أخرى، وبالفعل ذهب كل الأخوة إلى مصر، ما فيهم، أخو نبي الله يوسف من أمه، بنيامين، والذي تمكن النبي يوسف من معرفته بعد أن تعرف على بقية أخوته، ولكن دون أن يعرف لهم عن نفسه، باستثناء أخوه بنيامين.
الذي تمكن هو الآخر من معرفة أخاه، وقد تمكنوا من البقاء معًا بحيلة بسيطة من نبي الله يوسف، وهي أن أمر أحد الموجودين في القصر بوضع كأس الملك الغالي الثمن في جراب الطعام الخاص بأخيه بنيامين، ومن ثم ملاحقة أخوته واتهام أخاه بنيامين بأنه هو السارق، وبأنه بذلك سيكون مملوك عند عزيز مصر.
بالفعل تمكن الوكيل من تنفيذ تلك الحيلة على أخوة النبي يوسف( عليه السلام) وأخذ أخاه بنيامين معه مرة أخرى في اتجاه القصر، الأمر الذي زاد من حيرة أخوة النبي ولكنهم في النهاية رجعوا مرة أخرى إلى البلاد وأخبروا والدهم النبي يعقوب بفعلة أبنه بنيامين، وقد حزن حزنًا شديدًا لفراق أبنه الثاني بنيامين.
الذي كان بمثابة العوض له عن فراق نبي الله يوسف، ولكنه في النهاية أمرهم بالرجوع مرة أخرى لعزيز مصر وطلب السماح منه على ما فعله أبنه بنيامين، وبالفعل يرجع كل الأخوة مرة أخرى إلى العزيز ويطلبون منه السماح عن أخيهم بنيامين، وفي تلك المرة يتمكنوا من معرفة أخاهم نبي الله يوسف بالفعل، ويطلبون منه السماح على ما اقترفوه من ذنب في حقه، وتدور أحداث القصة إلى أن يلتقي كلًا من نبي اله يعقوب بابنه نبي الله يوسف “عليهما السلام”.
تعتبر تلك القصة من القصص الحاملة للعديد من العبر والحكم وليسي فقط الحيل، وهي تحكي أنه في يوم من الأيام، عرض الأرنب الصغير على صديقته السلحفاة سباق كبير، على أن يأخذ الفائز كمية كبيرة من طعام الخاسر، وقد أعتمد الأرنب في تلك الحلية على سرعته الكبيرة في الجري، الأمر الذي تفتقده السلحفاة بشكل كبير.
بسبب كبر حجم غطاء الظهر الخاص بها، ولكنها ومع ذكائها الكبير وافقت على عرض الأرنب، وبدأوا السباق، والذي تمكن فيه الأرنب في البداية من الإسراع أكثر بكثير من السلحفاة، والتي كانت تسعى جاهدة للفوز في ذلك السابق، ولكنها كانت في الأساس معتمدة على غرور الأرنب الكبير، والذي كان الدافع الأساسي في عرضه ذلك السباق عليها في البدء.
الغرور الذي كان من أسوأ صفات الأرنب والذي كان السبب الرئيسي في خسارته لذلك السباق، حيث إنه وبعد أن تمكن الأرنب من اجتياز مسافة كبيرة من السباق في بدايته، توقف عن الجري، معتمدًا على أن السلحفاة بطيئة جدًا ولن تتمكن من ملاحقته بسرعتها الصغيرة، كما أنه ذهب في قيلولة بسيطة.
لكن كان للسلحفاة رأي آخر في تلك الفترة القصيرة للقيلولة، حيث إنها استمرت في الجري في تلك الفترة إلى أن تمكنت من الوصول للمنطقة المتفق عليها مسبقًا، وبذلك استطاعت السلحفاة الفوز في السباق، وكسر غرور الأرنب الماكر.