جاءت العديد من الأسئلة حول ما يخص الإيمان ولهذا فبعنوان بحث عن الايمان سيكون مقالنا عبر موسوعة ، والذي سنحرص من خلاله أن تكون طياته شاملة لكل ما يتعلق بالإيمان بالله، فهو أحد أسس الإسلام التي لا غني عنها، فلا يعد المسلم مسلما بحق إلا بإيمانه، خصوصا أن الإيمان يحمل في طياته العديد من الأفرع التي تكمله، مثل الإيمان بالله وبرسائله السماوية التي أنزلها علي ورسله.
مقدمة عن الايمان
لا يعد المقصد من لقظ الإيمان هو أن الله قد منّ علي العبد وأخرجه من ظلمات الكفر والآثم، إلى طيات النور والهداية، ولكن الإيمان هو أصل العقيدة الخاصة بالعباد، فهي كل ما يؤمن ويصدق بها العباد.
خصوصا لكون الإيمان أحد الفروض العين أي الواجبة علي كافة العباد، والغرض من الإيمان والأصل فيه، هو إيمان وتصديق العباد بالله عز وجل وبربوبيته، وبصفاته وأسمائه وبرسائل التي بعثها والرسل الذين قد اصطفاهم.
وبناءا علي هذا فستشمل باقي طيات سطورنا القادمة الكيفية المثلي التي تمكن العبد من الوصول إلى تحقيق الإيمان الكامل بالله رب العالمين.
بحث عن الايمان
قال الله تعالي في كتابه العزيز في سورة التغابن في الأية رقم 8 ” فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ “، الإيمان بالله جزء لا يتجزأ من الإسلام، فلا يصح الإسلام بدونه فهو أحد الشروط العين التي يتوجب توافرها كي يصبح العبد مسلما، وهذا نظرا لما يشمله في طياته من أبعاد وفروع أخري، ولعل الأسطر القادمة في مقالنا ستعمل علي سرد كافة جوانب الإيمان.
تعريف الإيمان
عَرف أهل اللغة الإيمان علي تعريفين، أحدهما الاصطلاحي والأخر هو اللغوي، ولعل التعريفين سيتم تفصيلهما في الأسطر القادمة :
تعريف الإيمان لغا
عَرف أهل اللغة الإيمان علي أنه التصديق والإقرار والطمأنينة ، وهذا هو الحاصل في حالة استقرار القلب وتصديقه، بل والانقياد أيضا.
كما أن الراغب قد عرف الإيمان علي أن الأصل من الأمن هو طمأنة النفس وذهاب الخوف والقلق.
بالإضافة إلى ما قاله بن تيمية في تعريف الإيمان بأنه مشتق من الأمن، والذي هو عبارة عن القرار والاطمئنان، وهذا ما يصير للقلب في حالة تصديقه وانقياده.
بالإضافة إلى أنه يتواجد في اللغة علي شكلين، كل منهم خاص باستخدام، ولعل هذان الاستخدامين هما الأتيان :
في الحالة الأولي أكون متعديا بنفسه، فيفيد معني التأمين، أي تصدير الشعور بالأمان، فيتضح هذا المعني في قول الله تعالي في سورة قريش في الأية رقم 4 ” الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ “.
في الحالة الثانية يكون التغيير حاصلا في أنه يكون متعديا بالباء أو اللام، مما يفيد معني التصديق، كما أن التصديق في حد ذاته يحمل في طياته معنيين هما الاطمئنان والاستقرار، وقد تبينت هذه الخالة في قول الله تعالي في سورة التوبة في الأية رقم 61 ” يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ “، بالإضافة إلى قوله في سورة يوسف في الأية رقم 17 ” وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ “.
تعريف الإيمان اصطلاحا
تمثل الإيمان في الاصطلاح في أنه التصديق الجازم والإقرار الكامل الذي لا ينتابهم أي شوائب أو شكوك، فيتممه الاعتراف الكامل بتواجد الله عز وجل وألوهيته وصفاته وأسمائه، بالإضافة إلى توحيده في العبادة والدعاة وفي كافة العبادات.
كما أن الإيمان يتمثل في اطمئنان القلب، مما يؤدي إلى بيان هذا الأمان في سلوكيات العبد خصوصا في الفروض والعادات والأوامر الربانية، من تجنب الفواحش والآثام والمعاصي، مع بينان خضوع واستسلام العبد لربه.
بالإضافة إلى الإيمان بأن محمد بن عبد الله هو خاتم الأنبياء والمرسلين وأنه رسول حق من رب الحق، بجانب الانصياع لما حدثنا به من فروض ونواهي واتباع الأحاكم الشرعية التي سنها الله وبينها رسوله، ويجب بيان ذلك في العباد في القول والعمل.
علاوة علي أن الله عز وجل قد بين في كتابه الكريم الصفات التي تتواجد في المؤمنين الذين عملوا علي الإيمان بالله حق إيمانه وذلك لما حدده في قوله في سورة البقرة في الأية رقم 258 ” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ “.
أركان الإيمان
خبرنا أبو هريرة رحمه الله عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ” كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: ما الإيمَانُ؟ قالَ: الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ. “، فبناءا علي قول رسول الله، فلا يصح إيمان المؤمن إلا في حالة اعتقاده بالقول والعمل بل وبالنية أيضا بالإيمان بما يأتي :
الإيمان بالله.
الإيمان بالملائكة.
الإيمان بالكتب.
الإيمان باليوم الآخر.
الإيمان بالقضاء والقدر
الإيمان بالله
الإيمان بالله هو الإقرار واليقين بأن الله تعالي هو الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، لا شريك معه في الملك، وهو صاحب كل ملك، مع الإيمان بربوبيته وألوهيته، مصدقا لصفاته وأسمائه، فيحمل الإيمان بالله في داخله عدة تقسيمات، ألآ وهي :
توحيد الربوبية
ويتمثل التوحيد في الربوبية في الإقرار واليقين بأن الله تعالي هو مالك كل شئ، وتعالي الله عن أن يكون له شريك في الملك أو مثيل.
كما أن الله هو المحرك الأساسي لكافة الأمور، فهو الرزاق الواهب، بالإضافة كونه المتصرف في والمدبر لشئون عباده.
علاوة علي أن الإيمان بالله متواجد في كافة العباد وبشكل فطري، فالشرك بالله هو إلا حدث طارئ.
فقد بين الله في كتابه العديد من الشواهد علي أنه لا شريك له في الملك، وذلك في قوله “أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ” في سورة الأعراف في الأية رقم 54.
توحيد الألوهية
وهو الاعتراف بانفراد الله عز وجل بالملك، وحق التعبد إليه في كافة العبادات.
فكل ما جاءت به الرسالات السماوية، وكافة دعوات الرسل الذين اصطفاهم الله، كانت دعوتهم تتمثل في نشر مبدأ التوحيد، وأنه يتواجد اله واحد وهو الله رب العالمين.
كما أن الله قد أورد في كتابه في سورة المؤمنون في الأية رقم 117 ” وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ “.
توحيد الأسماء والصفات
من شروط الأيمان هو أن يصدق العبد بصفات وأسماء الله تعالي في علاه، فقد أورد القرآن الكريم وسنة رسول الله علي أن الله تعالي ليس كمثله شئ.
كما أن لله تسع وتسعون أسما، يدعوه بها عباده .
الإيمان بالملائكة
خلق الله عز وجل الملائكة لعبادته، فكما خلق الإنسان من طين فقد خلق الله تعالي الملائكة من نور، فهم يخلون من كافة صفات البشر، فلا يأكلون ويشربون وغيرها من الصفات البشرية.
كما أن العلماء قد عرفوا الملائكة علي أنهم كائنات نورانية، أوردها الله الملكة علي أن تتخذ العديد من الأشكال، كما أن الملائكة متعددة ولكل منها وظيفة معينة، ومن الملائكة هي الأسماء الأتية :
مالك وهو خازن النار.
جبريل وهو المسئول عن الوحي.
ميكائيل وهو الموكل بالمطر.
فقد قال الله تعالي في كتابه الكريم في سورة البقرة في الأية رقم 98 ” مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ “.
الإيمان بالرسل
يعد الإيمان والتصديق بالرسل التي أرسلها الله عز وجل أحد الشروط الضرورية للإيمان، وهذا نظرا إلى أن الله لم يترك أمة دون رسول، فقد ذكر الله موقف الكافرين حينما أوردهم الله النار في قوله في سورة الملك في الأيتين الثامنة والتاسعة ” تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ “.
فكانت الرسل تأتي لتنشر تعاليم التوحيد والإسلام بالله، ومبشرة بمكانة المؤمنين، كما تنوه عن مكان الكافرين بالله.
الإيمان باليوم الأخر
من الثوابت لدي المؤمنين بالله، هو معرفتهم بأن الدنيا فانية وأن دار الأخرة هي دار القرار، فمن كفر بيوم الساعة فقد أنكر الدين.
بالإضافة إلى تواجد العديد من الأيات التي دلت ووضحت يوم الدين بمواقفه العظيمة وكيفية حال العباد، ففي سورة الأنبياء في الأية 47 قال تعالي ” وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ “.
الإيمان بالقدر خيره وشره
يصد بالإيمان بالقدر هو التصديق بأن الله تعالي عالم بالأمور من قبل حدوثها، فهو مسبب الأسباب، بينما أختلف لفقهاء حول مفهوم القضاء والقدر، فمنهم من رأي أنه لا فارق بينهم، بينما أتجه الفريق الأخر إلى أنهم مختلفين.
فالاختلاف فيما بينهم قد يكون بأن القدر ما هو إلا التقدير، بينما القضاء هو التفصيل، فهو أخص وأعم من القدر، أي أن القدر شامل للأجزاء بينما القضاء هو الكل.
الإيمان بالكتب
كل الكتب التي جاء بها الرسل، كانت من عند الله، فاختلفت طريقة الوحي فمنه ما كان دون حجاب ولا وسيط، ومنها ما هو ملكي أي بواسطة أحد الملائكة وهو جبريل عليه السلام.
وهذا بناءا علي ما قاله اللهفي سورة الشوري في الأية رقم 51 ” وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ”.
فالإيمان بالكتب السماوية أحد أسس الإيمان التي لا غني عنها، وبدونها يبطل الإيمان.
خاتمة بحث عن الإيمان
في الختام نكون قد علمنا أن أسس الإيمان بالله تشمل الإيمان بالرسل ورسالتهم، والإيمان بقدر الله سواء الجيد أو السيئ منه، والإيمان والتصديق بيوم الدين، الذي سيأتي مهما طال الزمان، والملائكة.
في ختام مقالنا الذي كان بعنوان بحث عن الايمان نكون قد حددنا كيفية إكمال الفرد لإيمانه.