أدرك العباسيون كافة الفتن والمخاطر التي تحيط بالخلافة العباسية من حولهم، وبالتالي عملوا على بناء العواصم والمدن المختلفة لكي تحميهم وتكون دفاع داخلي لهم، وبالتالي يمكننا التعرف على العواصم التي بناها العباسيون لهم من خلال موقع موسوعة.
بدأت نشأة الدولة العباسية من دون عاصمة حقيقة لها حتى تم إنشاء بغداد عاصمة للخلافة العباسية، وقد تم بناء العواصم الخاصة بهم في أزهي عصور الدولة العباسية، ويمكن التعرف على تلك العواصم من خلال ما يلي:
الرصافة | بني الخليفة المنصور مدينة الرصافة عام (151هـ \ 768م) لابنه المهدي لمواجهة الاضطرابات التي قد تحدث من داخل بغداد فيستطيع السيطرة عليها من خارج المدينة، أي أنها بُنيت لأغراض دفاعية وعسكرية أيضًا، وتم تجهيز المدينة بسور وبساتين وأجرى فيها الماء وتم الربط بينها وبين بغداد بثلاث جسور على نهر دجلة وتم الانتهاء من بناء المدينة في عهد الخليفة المهدي عام (159هـ \ 776م). |
الرافقة | قام الخليقة المنصور ببنائها بالقرب من مدينة الرقة القديمة بالقرب من حوض الفرات الأعلى عام (155هـ \ 771م)، وقد أعاد فيها نفس التخطيط العمراني لمدينة بغداد أحاط الرافقة بسور مستدير مثل سور بغداد ولكن مرور نهر الفرات بها جعل شكل المدينة من الأعلى بشكل حدوة حصان، وتم تحصين هذه المدينة بسورين مثلها مثل بغداد أحدهما خارجي والآخر داخلي بينهما فاصل بعرض حوالي 21م، وكان السور الداخلي مبني من الآجر النيئ وتم تدعيمه بـ 132 برجًا مستديرًا على كامل محيط السور الداخلي، وأحيطت الأسوار بخندق عرضه 15.9م تقريبًا. |
سامراء | شيدها الخليفة المعتصم بالله لتكون هي العاصمة الثانية للخلافة العباسية بعد بغداد، وقد تم الانتقال عن بغداد بسبب التوتر الحادث بين جيش الخلافة وسكان المدينة فكان دافع للمعتصم لبناء سامراء على ضفة نهر دجلة شمال بغداد عام (224هـ \ 838م)، وكانت تتميز سامراء بامتداد البناء العمراني على طول ضفة النهر بمسافة 33 كم، وتعاقب عليها سبع خلفاء عباسيين اتخذوا سامراء كعاصمة قبل أن يُعيد الخليفة المعتضد العاصمة إلى بغداد مرة أخرى، وتعتبر سامراء محتفظة بتراث البناء والحضارة العباسية حتى يومنا هذا، وظهرت فيها إبداعات الفنون الاسلامي واهتمام الخلافة العباسية ببناء الجوامع والقصور وتزيينها بالزخارف والرسوم الجدارية. |
القطائع | تم بناء مدينة القطائع من قبل أحمد بن طولون شرق مدينة “العسكر” التي بناها العباسيون عام 133هـ عندما دخلوا مصر في شمال شرق الفسطاط، حيث امتدت المدينة حوالي كيلو مترين غربًا أسفل التل في المكان الذي يقع أسفل قلعة صلاح الدين الآن ومسجد محمد علي، وبنى أحمد بن طولون مدينة القطائع لإبعاد الجيش عن الشعب حتى يتجنب حدوث الفتنة بين الجيش والشعب كما حدث في بغداد في عهد الخليفة المعتصم مما اضطر الخليفة لبناء سامراء من قبل، وكان تخطيط القطائع يشابه تخطيط سامراء وتم بناء المساجد والحمامات والأفران والمنازل داخل مدينة القطائع حتى اتصلت بالفسطاط. |
يمكن التعرف على كافة المعلومات من خلال السطور الآتية:
هناك مجموعة من الدوافع للخليفة المنصور لبناء الدولة العباسية ويمكن التعرف عليها من خلال ما يلي:
دوافع عسكرية | لم تصلح دمشق كعاصمة عسكريًا حيث كانت دمشق بعيدة عن توسط بلاد تمتد من المتوسط إلى نهر السند، ولم يكن اتخاذ عاصمة وراء جبال فارس بالأمر الحكيم حيث أنها ستكون بعيدة جدًا على أقاليم الدولة، وحيث أن العراق كانت تعتبر حلقة الوصل بين الشرق والغرب، فكان القرار الملائم هو اتخاذ موقع “بغداد” كعاصمة للخلافة العباسية حيث أنها كانت تتميز بحصانة عسكرية فلا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق قناطر وجسور فإن هدمت تلك الجسور والطرق لا يستطيع أحد دخول بغداد، وقد شكل نهري دجلة والفرات خندقين طبيعين لبغداد، ويمتاز موقع بغداد ببعده عن الدولة البيزنطية مما يجعلها في مأمن عن غارات البيزنطيين. |
دوافع سياسية | هي إدراك العباسيين باستحالة اتخاذ “دمشق” عاصمة لهم حيث أنها كانت عاصمة للدولة الأموية وكل ولاء شعب دمشق لبنى أمية، وكانت دمشق بعيدة عن الشرق وفارس حيث كانت فارس مصدر قوة العباسيين، ولم تصلح كذلك “الكوفة” و”البصرة” لاتخاذهم عواصم برغم أنهم كانوا أكبر مدينتين آنذاك منذ الفتح الاسلامي للعراق، فقد كانت الكوفة مائلة للثورات وغلب عليها التشييع، والبصرة كان موقعها غير ملائم حيث أنه في أقصى الجنوب، فكانت بغداد هي المكان المناسب الذي يصلح لإقامة الخلافة العباسية والاتجاه للاستقلال وتحقيق أهداف الخلافة العباسية الجديدة وكذلك قربها من بلاد فارس. |