العمل هو إحدى القيم الإنسانية التي خلقها الله لتعمير الأرض وبناء الحضارات والعمل لا يقتصر على كسب الرزق بل أن مفهوم العمل أوسع واشمل من ذلك حيث أن كل ما يقوم به الفرد من فعل فهو عمل وقال الله عز وجل{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ويعتبر العمل من اجل الرزق هو جزء من مفهوم العمل حيث أن العمل رسالة له أهداف وغايات كبرى من أهمها تنميه الأرض وأعمارها والعمل هو من أسس الحياة التي نعيش فيها وقد أمرنا الله عز وجل بالعمل وحثننا على رفض الخمول والكسل وان اول ما يسال الله عنه العبد يوم القيامة هو عن عمره فيما أفناه لذلك فان علينا العمل والإنتاج لكسب الرزق ولتطوير مجتمعاتنا ولفتح أبواب المستقبل للأجيال القادمة.
بالعمل تعمر الأرض وتزدهر الحياة ويعلو البنيان ويصبح لدينا أجيال تعرف ما لها وما عليها ليست أجيال متكلة بل متواكلة تجعل لنفسها قيمه وقامة وبالعمل يصبح للوطن رفعة كما أن العمل يعتبر هو المصدر الرئيسي الذي يحصل منه الفرد على النقود التي تعتبر الوسيلة الوحيدة لتسير الحياة.
كما أن العمل يرفع من قيمه الإنسان فالإنسان الذي يجد ويجتهد ويصبح له شان تكون له قيمه في المجتمع بخلاف الإنسان المهمل الكسلان الذي تتلاعب به الحياة ويصبح لا قيمه له.
والعمل كان من أساسيات الرسل والأنبياء فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان يعمل بالتجارة وسيدنا عيسى عليه السلام كان يشتغل بالنجارة والنبي داوود عليه أفضل السلام كان يعمل بالحدادة وموسى عليه السلام كان يرعى الغنم وهذا يدل على أن للعمل قيمه كبيرة ولذلك فانه لا يحق لأي إنسان أن يتكبر على العمل.
للعمل قيمه كبيره في الإسلام فالإنسان يجب أن يعمل لعدد كبير من الأسباب منها طلب الرزق الحلال و تعمير الأرض والعمل من الأشياء التي يؤجر عليها الإنسان طلاما كان العمل حلال ويبتغي به الإنسان الحلال ويقوم بالعمل بإتقان ويجب على الإنسان المسلم أن يعلم أن غاية العمل ليس كسب الرزق وأن كسب الرزق من خلال العمل هو لقضاء وليس لجمع الأموال وكنزها ونسيان الله وعبادات الله من اجل العمل لان أسباب الرزق في القران والسنة لا يتم ذكرها وربطها بالعمل بل بتقوى الله وطاعته ولكن على الإنسان في نفس الوقت ان يتخذ الأسباب ويعمل ويكون اعتقاده أن غاية العمل هو بناء المجتمعات ورفعة شأن الأمم كما حث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام على إتقان العمل فقال عليه السلام{مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌٌ} ودائما ما كان الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يحث على إتقان العمل لان العمل أمانه والعامل مستأمن على العمل الخاص بصاحب العمل فقال عليه أفضل الصلاة والسلام {أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه} والمقصود في الحديث هو الإخلاص في العمل والجزاء هو حب الله فما هو الجزاء الذي يكون اكبر من ذلك.
كما قال الرسول عليه أفضل السلام {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} ويدل هذا الحديث على أن العمل أخلاص وانه يجب على كل عامل أو موظف مهما كان العمل الذي يقوم به صغيرا أو كبيرا بداية من الحاكم حتى الغفير فيجب على كل شخص إتقان العمل وصيانة الأمانة كما قال الرسول عليه السلام{إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة أو وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته} وهذا الحديث له دلالة كبير على إتقان العمل فحتى في القتل والذبح فانه يجب على الفرد المسلم أن يتقن عمله.
أن إتقان العمل هو فرض واجب على كل مسلم يبحث عن رضا ربه والدار الآخرة فالإنسان مكلف بالعبادة الحق والعبادة الحق لا تكون إلا إذا قام الإنسان بكل عمل يقوم به بإخلاص وأمانه وإتقان وفي حديث أبو موسى الأشعري عن الرسول عليه السلام { على كل مسلم صدقة “. قالوا: فإن لم يجد قال: ” فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق “، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: ” فيعين ذا الحاجة الملهوف “، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: ” فليأمر بالخير أو قال بالمعروف “، قال: فإن لم يفعل؟ قال: ” فليمسك عن الشر فإنه له صدقة} وهذا الحديث يدل على ان العمل صدقه وانه يجب على الإنسان أن يعمل ما ينفع به الآخرين ولذلك فان المسلم في الإسلام هو رمز للإتقان والنشاط والعمل وهذا هو عكس ما يحدث في هذه الأيام من الخمول والكسل والذي أدى إلى تدهور مجتمعاتنا الإسلامية وأصبحت الدول الإسلامية تسمى بالدول المتخلفة لأنها دول لا تعمل ولا تنتج.