سن المراهقة واحدة من أهم مراحل النمو في حياة الإنسان، حيث تمثل مرحلة انتقالية بين الطفولة وبراءتها وخلوها من المسئوليات وعبء المطالبة باتخاذ القرارات.
وبين مرحلة الشباب وبداية الانطلاق في معترك الحياة العملية وما تزدحم به من قرارات مصيرية، وهذه المرحلة شديدة الحساسية حيث تحدث خلالها التغييرات العاطفية والجسدية.
ومن ثم فإنها تتطلب ذكاء وحكمة في التعامل مع المراهق حتى تمر بسلام وتترك خلفها شخصية سوية البناء منضبطة المشاعر قادرة ومُهيئة لخوض معركة الحياة بما فيها من صراعات وقرارات.
متى يبدأ سن المراهقة :
تختلف السن التي تبدأ فيها المراهقة من فرد إلى أخر تبعًا لعدة عوامل، منها عامل الفروق الفردية في النمو عند كل فرد، والبيئة المناخية، والبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الفرد.
ولكن غالبًا ما يعتبر سن الثانية عشر هو البداية العمرية لمرحلة المراهقة وإن كان الأمر يحدث مبكرًا بعض الشيء عن الإناث فيعتبر سن الحادية عشر هو بداية المراهقة.
وقد قسم علماء النمو مرحلة المراهقة في حد ذاتها إلى مجموعة مراحل، وهي المراهقة المبكرة، والمراهقة المتوسطة والمراهقة المتأخرة.
ولكل مرحلة سماتها الخاصة من ناحية مظاهر النمو الجسماني والعاطفي والاجتماعي، والتي نذكرها فيما يلي:
سمات المراهقة المبكرة: هذه المرحلة هي أكثر المراحل حساسية حيث تتميز بحدوث تغيرات كبيرة وملحوظة على المستوي الفسيولوجي.
فهي تتزامن مع بداية البلوغ وما يتبع ذلك من تغيرات هرمونية ومظهرية في الجسم، وبداية تمييز معالم الأنوثة عند البنات ومظاهر الذكورة عن البنين.
ويتبع كل ذلك تغير في الحالة الانفعالية للمراهق ويبدأ بالتركيز على مظهره، وتبدأ علاقته بالجنس الأخر تأخذ منعطف مختلف عن زي قبل.
ويبدأ انفصال المراهق عن الأسرة تدريجيًا وتصبح له علاقاته الخاصة وعالمه المغلق، وهو نفس الوقت الذي تبدأ علاقته بالأصدقاء في الزيادة والتطور.
ومن الجدير بالذكر أنه من أهم ما يميز هذه المرحلة هو ميل المراهق للاستقلالية والعزلة، وعدم تقبل النقد، والمبالغة في انفعالاته وعواطفه.
سمات المراهقة المتوسطة: تتميز هذه المرحلة بأنها أكثر هدوء واتزانًا، وذلك يرجع إلى أن المراهق يألف مظهره الفسيولوجي ويتقبل التغيرات الجسمانية التي طرأت عليه.
وبما أن هذه المرحلة تقابل مرحلة الدراسة بالثانوية فهي تكون غاية في الأهمية، وتمثل ضغط على المراهق وكلما كان متزنًا متفهمًا لمدى المسئولية الملقاة على عاتقه.
كلما كان مرور هذه المرحلة سريعًا وهادئًا، وإن كانت الناحية الانفعالية والعاطفية للمراهق لا تزال تشوبها المبالغة والاندفاع والرغبة.
وتشهد هذه المرحلة على قصص الحب بما فيها من مشاعر الفرح والألم، والتي لا يلبث أن يكتشف أنها مجرد درب من الوهم.
كما يصبح ميالًا لتحمل المسئولية ويبدأ في تحديد اتجاهاته وإنتماءاته وميوله الدراسية.
سمات المراهقة المتأخرة: يصبح المراهق ناضجًا من الناحية الجسدية والجنسية والانفعالية أيضًا، وتتزامن هذه المرحلة مع مرحلة الدراسة بالجامعة.
حيث يحتك بالمجتمع بصورة أوسع نطاقًا من ذي قبل، يصبح قادرًا على ضبط انفعالاته وسلوكياته وقادرًا على إتحاذ القرارات المناسبة.
كما تزيد في هذه المرحلة قدرته على الانخراط في المجتمع المحيط به وتقبل الأخر، وتتضح تمامًا ميوله وإتجاهاته ويتشكل لديه الوعي الاجتماعي والسياسي والديني، الذي يهيئه للدخول في دهاليز الحياة العملية والمهنية والشخصية التي تنتظره.
التعامل السليم مع المراهق :
تمثل هذه المرحلة حالة من التمرد التي تسبق خروج المراهق من سيطرة العائلة والبحث عن هويته.
ومن ثم يجب الانتباه إلى هذا جيدًا وأخذه بعين الاعتبار خلال التعامل مع المراهق، وهنا بعض الملاحظات التي تساعد في الوصول إلى صورة مثالية من التعامل.
وهي كفيلة بمساعدة المراهق للوصول إلى بر الأمان، وتجنب الصدامات والثورات التي من الممكن أن يشنها المراهق ومن أهمها ما يلي:
تجنب توجيه النصائح والأوامر بشكل حاد ومباشر للمراهق، فقد أثبتت هذه الطريقة فشلًا زريعًا. في توجيه المراهق.
إحاطة المراهق بالحب والاهتمام، وذلك من شأنه دعم المراهق وتعزيز ثقته بنفسه وبمن حوله.
ترك مساحة من حرية الاختيار فيما يخص نوع الدراسة التي يرغبها واختيار الأصدقاء، مع متابعته عن بعد.
التعامل معه باعتباره عضو فاعل ومشارك في اتخاذ كافة القرارات المتعلقة بالأسرة.
أخيرًا ينبغي أن يدرك الأب والأم أن هذه ليست مرحلة زرع القيم والمثل والتعاليم، بقدر ما هي مرحلة حصاد ما ُزرع بالأمس.