يبحث البعض عن قصص خيالية للاطفال مكتوبة يتمكنون من خلالها من إثارة أذهان الأطفال وتنمية روح الخيال بداخلهم. فالأطفال يُحبون كثيرًا تلك القصص الخيالية التي تأخذهم إلى عالم آخر مليء بالأحداث الغريبة الشيقة التي تجذب انتباههم، وتجعلهم يستغرقون في أحداثها حتى يذهبون في ثُباتٍ عميق وهادئ. ولابد من أن تنطوي تلك القصة على عبرة وعظة، فلا تعتمد على الخيال وحسب، ومن بين مجموعة كبيرة من القصص الخيالية التي تحتوي عليها مكتبة موسوعة، اخترنا لكم قصة اليوم بعنوان البساط الصغير، فتابعونا.
علي طفل صغير يحلم دومًا بالسفر والترحال، ظل لسنوات يقرأ عن عادات وتقاليد الشعوب في مختلف البلدان، وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه كان لديه حصيلة معلوماتية كبيرة عن مجموعة من بلاد العالم التي يتمنى زيارتها. وفي يوم من الأيام وبينما هو مستغرق في التفكير وتخيل زيارة البلاد المُحببة إلى قلبه، وجد مصباح منير يخرج من الحائط، تفاجئ كثيرًا وتعجب من الأمر وأخذ هذا المصباح وبمجرد ما وضعه بين يديه وجد نفسه يقف على بساط صغير يحمله دون أن يستند على شئ فدخل في نوبة ضحك هستيرية وكان سعيدًا جدًا بهذا الأمر.
وفجأة بدأ البساط الصغير ينقله من مكان إلى آخر في لمح البصر، فزار كل البلدان التي قرأ عنها في كتبه، وانتقل من واحدة إلى أخرى دون عناء، كما شاهد تلك العادات التي قرأها في الكتب وخالط تلك الشعوب وشاكرهم الحديث ونقل لهم ثقافته، وأثناء الرحلة كان علي في سعاد كبيرة ومرح، وتمنى لو أنه يظل محمولاً على هذا البساط، لقضي جولة كاملة حول العالم.
وعلى الرغم من أنه كان يأمل أن يعيش باقي حياته في السفر والترحال، إلا أنه شعر بحنين كبير إلى الوطن، وبدأ يحن للرجوع إليه، إلا أنه لم يستطع أن يقود زمام الأمر، فالبساط ينتقل بشكل تلقائي ما بين بلد وأخرى، ولكنه لا يمنح علي التحكم في زمامه وبالتالي لا يُمكنه أن يعود إلى الوطن في الوقت الذي يُريده.
بدأ علي يتذمر كثيرًا، ويتذكر أصدقاءه وأهله وأحبابه، ويبكي كثيرًا ويتمنى لو يعود إلى وطنه ولو حتى لبضع ساعات، توالت محاولاته إلا أن جميعها باءت بالفشل.
بعد محاولات عدة تمكن علي من التخلص من ذلك البساط، واستطاع أن يرجع إلى وطنه الغالي، وهنا ظل يبكي كثيرًا لدرجة أنه استيقظ من حلمه وبدأ يحمد الله على أنه لا يزال في وطنه وبين أهله وأحبابه ولم يُغادر أراضيه من الأساس، وأن ما رآه في منامه ما هي إلا أحلام بدأت جميلة، وانتهت بذعر بسيط.
تلا علي ما رآه في منامه على والده، والذي أخبره أن هذا المنام رسالة من الله له، لتُخبره أن على الرغم من أن السفر له العديد من الفوائد التي يُجنيها الإنسان إلا أنه لابد أن يكون على سبيل الدراسة، أو السياحة أو لأي غرض آخر، ولكن أرض الوطن هي الأساس التي مهما طال البعد عنها لا يزال الحنين إليها متأصل داخل نفس الإنسان، لا يستطيع أن يتجاوزه مهما شاهد من تطور أو حداثة في الخارج.
وعندها تعلم علي أن الوطن يعيش بداخله، وحبه يسكن قلبه، ووجدانه، ولا يستطيع مهما بعُد عنه أن ينتزع هذا الحب من قلبه على الإطلاق، ووعد والده حينها أنه سيقرأ عن السفر ويستفيد منه وحتى إن شَبَّ وسافر فلن يعيش طويلاً خارج حدود البلاد.