إليكم مع الأسباب والحلول تعريف العنصرية لغة واصطلاحا ، تقوم المجتمعات في أساسها على اتحاد مجموعة من الأفراد ذوي الأفكار والمعتقدات والآراء المختلفة، بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف المشتركة من خلال إكمالهم لنواقص بعضهم البعض، فلا يمكن أن يقوم المجتمعات سوى بانتشار العادات الإيجابية بين الأفراد كالقواعد الأخلاقية الحميدة، والاحترام المتبادل والمودة، وتقبل الأخر مهما أختلف دينه أو عرقه، أو جنسه.
إلا أن هناك بعض الظواهر السلبية من خلال إبعاد فئة معينة من المجتمع عن المشاركة فيه وعدم تقبل وجودهم على حساب الفئات الأخري وذلك لاختلافهم في أحد الصفات كاللون أو الدين فيما يُعرف بـ” العنصرية”.
لغوياً : يأتي لفظ ” العنصرية ” مصدراً صناعياً من الفعل ” عنصَرَ “، وتعني اصطلاحاً أنها الاعتقاد الذي يفرق بين الناس بناءً على أنسابهم أو ألوانهم، ويترتب على هذا الاعتقاد التحكم في منح ومنع المزايا عن فئة ما.
يتم تعريف العنصرية بأنها ” مجموعة من المعتقدات والأفكار التي ترفع من قيمة فئة معينة على حساب الفئات الأخرى، بناءً على الاعتقاد الموروث بأن هناك فروقاً مجتمعية مرتبطة بعادات الناس أو طبائعهم أو قدراتهم، وتصل أحياناً إلى التمييز بناءً على لون البشرة أو الثقافة واللغة أو انتماء الفئة التي تتم ممارسة العنصرية تجاهها لجنس أو عرق معين.
مما يعطي الحق للفئة الأعلى بالتحكم في مصير وهوية وكينونة الفئة الأقل، ويجعلها تسلب منها إرادتها وحقوقها دون وجه حق، وبالتالي تبرير اختلاف معاملة هذه الفئة بطريقة مختلفة قانونياً واجتماعياً.
والعنصرية ليست بالأمر الحديث العهد، بل هي قديمة بظهور الإنسان، وهي واحدة من أخطر الأمراض المجتمعية التي لم يخل عصراً أو شعباً من المعاناة منها، وتؤدي العنصرية لتدمير المجتمعات والفتك بها، من خلال إثارتها للحروب والفرقة بين الشعوب المختلفة.
ومن أمثلة العنصرية في العصور القديمة، تجارة الرقيق التي تم ممارستها هضماً لحق أصحاب البشرة السمراء قديما، ليصبحوا عبيداً دون سبب واضح سوى أنهم ذوي بشره سمراء.
أسباب العنصرية
لابد من وجود عدد من الأسباب وراء ظهور أية ظاهرة مجتمعية في المجتمع، لذا فهناك العديد من الأسباب التي تقف داعمةً لإثارة العنصرية أو ” محفزات النفس العنصرية” كما يطلق عليها البعض، وهي تلك العوامل التي تشعل الرغبة بممارسة العنصرية في داخل النفس البشرية، ومن هذه الأسباب:
انتشار الجهل وعدم الوعي الفكري بخطورة العنصرية.
الرغبة في التفاخر بعراقة النسب والأصول القبيلة.
الفروق المادية الشاسعة بين الفئات المجتمعية.
مشاكل النفس البشرية الداخلية كالتكبر، حب النفس، الغرور.
اختلاف الدين أو اللون أو الجنس أو اللغة.
سيادة بعض العادات المجتمعية الموروثة بأن هناك فئة أفضل من بقية الفئات، وهان فئة أدنى.
بعض المعتقدات والثقافات السلبية التي تُقلل من شأن فئة وتعزلها عن المجتمع بلا سبب.
العنصرية في الإسلام
انتشرت العنصرية كأحد أخطر الآفات المجتمعية التي ظهرت في العصر الجاهلي من خلال تجارة الرقيق، حيثُ كان يتم السماح لبعض زعماء القبائل ببيع وشراء الأشخاص ليعملوا لديهم كخدم وتؤخذ النساء كجاريات لهم دون وجه حق.
فجاء الإسلام ليعلن أن البشر جميعهم متساوون عند الله من حيث الحقوق والواجبات، وأنه لا فضل على شخص دون الآخر إلا بعلمه وتقواه، وأن الله قد خلق العالم شعوباً مختلفة الأعراق والأنساب والأشكال ليكموا بعضهم البعض ويتعاونوا في تعمير الكون وإصلاحه.
وقد قال الله سبحانه وتعالى عن حكمته في تعدد ألوان وأعراق البشر وضرورة عدم التمييز بين البشر : ” يَا أيها الناسُ إِنَّا خَلقْناكمْ مِنْ ذَكرٍ وأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ” ، ” وَمِنْ يأتِهِ خَلْقُ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ ألْسِنَتِكم وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِلْعَالِمِينَ ”
وقد جاء في السنة النبوية الشريفة نبذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم للعنصرية ونشر التفرقة بين الناس في العديد من الأحاديث النبوية ومنها:
” عن أَبِي نَضرَة : ” حدَّثنِي مَنْ سَمِعَ خطبَةَ رَسول اللَّهِ صَلى اللَّهُ عليهِ وَسلمَ فِي وسطِ أيَامِ التَشرِيقِ فَقَالَ : (يا أَيهَا النَّاس ألا إِن رَبَّكم وَاحِد وإِن أَبَاكمْ واحِد، أَلا لَا فضل لِعربِيٍ علَى أَعجمِي وَلَا لعجمِ على عرَبي ولا لِأحمر على أسود ولا أسود علَى أحمرَ إِلَا بِالتَقوى ، أَبلغْتُ ؟) قَالُوا : بلغ رسول اللَّهِ صلى الله عليهِ وَسلَم “.
” وعنْ جبيرِ بنِ مُطعمٍ، أَن رَسولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وَسلم، قالَ: ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِية، وَليس مِنَّا مَنْ قاتلَ على عَصَبِية، وَليسَ مِنَّا من ماتَ عَلى عصَبية).
أضرار العنصرية
لانتشار قيم العنصرية العديد من للتأثيرات السلبية على الأفراد والمجتمعات مما يجعلها تُفكك أسس المجتمعات القويمة وتأخذ بها إلى الوقوع في هاوية الفتنة والنزاعات العنصرية من أبرز أضرار العنصرية:
نشر قيم الحقد والكراهية والتمييز العنصري بين الأفراد مما يوجد العداوة والبغضاء.
رفض وعزل الشخص الذي يتعرض للتمييز بناءً على جنسه أو لونه للرفض في كافة اللقاءات والتجمعات.
انتشار قيم الأنانية وحب النفس والغرور، وعدم الاهتمام بما للآخرين من حقوق واجبة علينا.
تواجد جو عام من الحقد والكراهية في المجتمع، مما يولد حالة من الخوف والتوتر بين الأقليات التي تتعرض للتمييز ويجعلهم غير آمنين في معيشتهم لخوفهم على حياتهم.
قد تصل العنصرية إلى تدمير المجتمعات بالكامل من خلال نشوب الحروب الأهلية في المجتمع بسبب عنصرية بعض الفئات بها تجاه الفئات الأخرى.
حلول العنصرية
يمكن دثر جذور العنصرية وحماية المجتمعات منها عبر:
الالتزام بالقواعد الأخلاقية والمعتقدات الدينية والتي تدعو جميعها للمساواة بين البشر وتنبذ العنصرية والتفرقة بين الناس.
قيام الدول بسن التشريعات والقوانين الدستورية التي تضمن تطبيق العدل والمساواة بين كافة فئات المجتمع.
عدم التفرقة بين فئات المجتمع، وجعل الالتزام الأخلاقي والقانوني والمواطنة هي الحدود الفاصلة بين جميع المواطنين.
سن القوانين والتشريعات العقابية التي تُحاسب كل من تسول له نفسة ممارسة العنصرية على غيره أو التقليل من شأن الآخرين لاختلافهم.
توجيه وسائل الإعلام لحملات توعية توصي بضرورة نبذ الخلاف والقضاء على العنصرية والتمييز الديني أو الشكلي أو العرقي وكافة أنماط ممارسة العنصرية.
ضمان الدولة لمواطنيها حرية ممارسة وإقامة الشعائر الدينية المختلفة في أمان دون رهبة أو خوف.