إليك أجمل موضوع تعبير عن العمل ، قال تعالى في الآية الخامسة بعد المائة من سورة التوبة “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”، وفي الآية السابقة حث الله عز وجل جميع الناس على العمل، وأخبرهم بأهميته، وفضله، وبالفعل لا يستطيع الإنسان أن يحقق ذاته، ويعرف قدراته ومهاراته إلا بالعمل، فبه تتقدم الأمم وترقى الشعوب، ويستطيع الإنسان أن يصل إلى أرقى وأسمى المنازل، فيا بنا الآن، من خلال هذا المقال على موسوعة نتعرف على أهمية العمل وفضله، ومكانة العامل في القرآن الكريم والسنة النبوية، فتابعونا.
تعبير عن العمل
العمل هو أساس حياة الإنسان على الأرض، فمنذ أن خلق الله تعالى الإنسان وسخر له الكون، بدأ يبحث عن طعامه، وشرابه، فكان هذا هو عمله.
ومع تطور المجتمعات، وزيادة السكان، ووجود العديد من المجالات، بدأت الأعمال تختلف وتتعدد، فأصبح هناك السائق، والنجار، والكهربائي، والموظف، والتاجر، والطبيب وغيرها.
فتخيل معي الحياة بلا عمل، فستكون مستحيلة، فسيظل المرضى يتألمون، وتُغلق المدارس والمستشفيات، وتتوقف عمليات الإنتاج، وتتعطل مسيرة الحياة بشكل عام.
لكن العمل هو مصدر من مصادر الحياة على الأرض، فبه يتمكن الإنسان من تحقيق ذاته، واثبات مهاراته وقدراته، ويشعر بأهميته كعضو فاعل في المجتمع، وليس سلبي.
يحصل من خلاله على النقود التي تُساعده في تحمل أعباء الحياة، وتوفير معيشة كريمة له ولأسرته وأولاده، دون أن يدفعه للذل والهوان، وسؤال الناس.
يقضي به مصالح الآخرين، ويساعدهم على إتمام أمورهم.
ينال به الإنسان رضا الله وتوفيقه في جميع أمور الحياة، كما ينال ثواب الآخرة، فاليد العاملة يحبها الله ورسوله.
فما من أحد على وجه الأرض، مهما علت منزلته وارتفع شأنه لا يعمل، فحتى الأنبياء الذين كرمهم الله تعالى، ومنهم خير خلقه المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يعمل بالتجارة، وحتى بعد اختياره للنبوة استمر في عمله، ولم تراوده فكرة أنه نبي ولا يحتاج إلى العمل.
أهمية العمل
خلق الله عز وجل الكائنات الحية، وخصص لكل منهم عمله، فما من شيء على وجه الأرض إلا ويعمل، فالجبال الصامدة التي ترى أنها لا تفعل شيء، تمنع عنك رياح شديدة، قد تقتلع بيتك.
والشجرة التي تظن أن ليس لها فائدة، فمنها يخرج أجمل الثمار، وتحت ظلها يرتاح الناس، من حرارة الشمس.
والمحيطات والبحار، تلطف من حرارة الجو، وتُساهم في عملية سقوط الأمطار، كما أنها مصدر حياة للأسماك.
وكذلك الطيور التي تقضي على الحشرات، وتُساعد الفلاح، والحيوانات التي تحرس المنازل والعقارات، والدواب التي تحمل الناس من مكان لآخر في الأرض، كل هذه المخلوقات سخرها الله، وخصص لكل منهم عمله.
أما الإنسان، فحدد الله له وظيفيته، في تعمير الأرض، وهذا لن يحدث إلا بالعمل، وليس أي عمل يمكن من خلاله تعمير الأرض، بل العمل المُتقن، الذي يُراعي به ضميره، ويعرف فيه أن الله شاهد على ما يعمله.
مكانة العامل في القرآن الكريم
ومن الآيات الواردة في كتاب الله عز وجل والتي تدل على أهمية العمل:
قوله تعالى في سورة التوبة “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.
وكذلك قوله عز وجل في سورة الجمعة “فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
ولم يجعل الله تبارك وتعالى العمل مقتصر على الرجل فقط، بل ذكر أن النساء أيضاً يمكنها أن تُساهم في العمل، وجاء ذلك في قوله “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا”.
وبسورة القصص، قال الله عز وجل”وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.
وفي الآية العاشرة والحادية عشر من سورة سبأ قوله ” وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ، أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”.
وبسورة يس وعن الأعمال اليدوية، ذكر الحق سبحانه قوله “لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ”.
وأخيراً وليس آخراً قوله في الآية الخامسة والتسعين من سورة آل عمران ” أَنِّيلَاأُضِيعُمِنْكُمْمِنْذَكَرٍأَوْأُنْثَىٰ”.
مكانة العامل في السنة النبوية
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترك لنا كنز من الأحاديث الشريفة، التي لابد من أن نجعلها نبراس حياتنا، ونهتدي بها في كل أمورنا، ونذكر لكم اليوم منها الأحاديث الشريفة التي تُخبرنا بأهمية العمل، وفضل العامل عند الله سبحانه، ومنها:
قول النبي صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يَغْرِسُ غرسًا إلا كان ما أُكِلَ مِنهُ له صدقةً، وما سُرقَ له منه صدقةٌ، وما أكل السَّبُعُ منه فهو له صدقةٌ، وما أكلتِ الطيرُ فهو له صدقةٌ، ولا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلا كان له صدقةٌ”.
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام “لَأَنْ يأخذَ أحدكم حَبْلَهُ، فيَأْتِي بحِزْمَةِ الحطبِ على ظهرِهِ فيَبيعها، فيَكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ، خيرٌ لهُ من أن يسألَ الناسَ، أعطوهُ أو منعوهُ”.
وعن إتقان العمل، قال رسولنا الكريم “إنَّ اللهَ يحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملًا أنْ يُتقِنَه”.
كما قال صلى الله عليه وسلم “ما أكل العبد طعاماً أحب إلى الله من كدِّ يَدِهِ ومن بات كالاً من عمله بات مغفوراً له”.
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها”.
ويتضح لنا من خلال كثرة تلك الأحاديث النبوية، والآيات القرآنية التي تتحدث عن العمل، أهميته ودوره في النهوض والارتقاء بمكانة الإنسان في المجتمع، وبمنزلته عن الله سبحانه.