إن كتاب جمهورية افلاطون يعتبر من أهم الكتب الفلسفية التي يمكن أن تقرأها في حياتك، الكثير منا قد سمع من قبل بمصطلح “يوتوبيا” أو المدينة الفاضلة لكنه لا يعرف من أين بدأ هذا المصطلح في الظهور؟ ولا ماذا يعني؟، واليوم ستتعرف في موقع الموسوعة على هذا الكتاب وعن أي شيء يتحدث كتاب جمهورية أفلاطون، وتحليله للإنسان ورغباته ومفهومه للدولة.
إن كتاب جمهورية أفلاطون من الكتب الاستثنائية التي تناقش القضايا الإنسانية المختلفة، وهو عبارة عن حوار متخيل مع الفيلسوف الكبير سقراط والذي كان بمثابة المعلم والمرشد لأفلاطون. وقد قام أفلاطون بتسمية الكتاب باسم “كاليبوس” أو “المدينة المثالية”.
قام أفلاطون من خلال الكتاب بعرض أفكارة بخصوص إنشاء مجتمع إنساني متكامل ومثالي، حيث قام بتقسيم المجتمع لعدة طبقات، بحيث ترتبط كل فئة من هذه الفئات بصفات نفسية واجتماعية محددة تؤهلها لتكون ضمن هذه الفئة فعلى سبيل المثال:
وقد اعطي أفلاطون في كتابه قيمة كبيرة للعدالة واعتبرها سمة لابد وان تتوافر في المجتمع بأكمله وليس في فئة بعينها، لأهميتها في بناء مجتمع صالح ومستقر، وقد عبر في كتابه عن ضرورة تقسيم مهام المجتمع بحيث تقوم كل طبقة بالمهام المسئولة عنها فقط دون تداخل بين المهام.
قام أفلاطون في كتابه بوضع شروط محددة لطبقة الحكام، فرأى أفلاطون أن الحكام والملوك الفلاسفة يجب ألا يمتلكوا شيئاً، ولابد وأن تُنزع ثرواتهم كلها، وتحدد ممتلكاتهم، فهم خدام للشعب وليسوا حكاماً له، كما رأي أن الحاكم لابد وأن يكون اعزب وأن يمتنع عن الزواج كلياً حتي يتفرغ للحكم والتشريع بالعدل بين الناس.
يري البعض أن كتاب أفلاطون يعتبر هو المؤسس الأول لفكر الشيوعية على الرغم من كونه سابقاً عليها بمئات السنين، حيث دعا الكتاب لفكرة العدالة بين أفراد المجتمع العاملة والحاكمة، هذه القضية التي لا تزال تشغل بال العالم اجمع بعد الآف السنين.
يقسم أفلاطون تصرفات الإنسان إلى ثلاثة قوي أو مصادر مختلفة، ولكل قوي من هذه القوات سمات تميزها وأشخاص ينتمون إليها، وعلى هذا الأساس قام أفلاطون بتقسيم المجتمع بحيث ينتمي كل فرد لقوة محددة توهله للقيام بعمل محدد.
وهذه القوي هي:
وهي القوي التي ينتمي إليها حكام المدينة الفاضلة، وهم من الفلاسفة بالطبع كما سبق وذكرنا، ولابد لهذه الفئة أن تهتم بالإدراك والفهم وتأمل الدنيا وأحوالها، ولا يمكن أن تكون لهذه الفئة أطماع دنيوية كالمال أو الزواج، وبالطبع هم الأقلية الحاكمة للمدينة.
تقوم الدولة بالتكفل بكل احتياجات الحاكم من مأكل وملبس، على ألا يملك الحاكم شيئاً لنفسه أو يتزوج من امرأة حتي لا يدخل في نزاعات تشغله عن الدولة وتبعده عن الحكم الصائب.
هذه القوة ينتمي لها الجنود أو طبقة الحراس كما اطلق عليهم، وهم أشخاص محبين للقتال والحروب، ويملكون دافعة قوية اتجاه حماية بلدهم والدفاع عنها، ولابد وان يمتازوا بالشجاعة والقوة.
ينتمي لهذه الفئة الغالبية العظمي لمجتمع أفلاطون، وهم الأشخاص الذين تتحكم بهم الشهوات وحب الأموال، ويميل أصحاب هذه الفئة للاختلاف والنزاع، ويشكل أصحاب هذه الفئة التجار، والحرفيين، والصناعيين.
ظهر كتاب جمهورية أفلاطون عام 380 قبل الميلاد، وقد قام بالتحدث فيه عن الدولة المثالية أو الدولة المثالية كما يراها هو! فقد قام بعرض قضيته من خلال حوار خيالي بين أستاذه سقراط وجماعة من الأشخاص التي تقوم بمجادلته، ومن خلال هذا الجدال يظهر الفكر الحقيقي وراء الكتاب.
يناقش الكتاب فكرة الدولة العادلة من وجهة نظر كاتبه، حيث يري أن الدولة العادلة هي الدولة التي تقوم على نظام محدد وصارم يحكم جميع أفرادها، ولا يختلط فيها دور فئة من المجتمع بأخري، فالفئة الحاكمة لابد وان تمتاز بالحكمة والتعقل حتي تحكم وتشرع القوانين بين الأفراد.
بينما الأموال والتجارة من نصيب الفئة الثانية والتي تتولي أمور المال لا الحكم، والذي يكبح جماح كل هؤلاء هم الفئة الثالثة وهي فئة الجند والحرس الذي يسيطر عليهم عاطفة الدفاع، وعلى كل فئة أن تعرف دورها وتقوم به على أكمل وجه حتي يستقر المجتمع.
بالرغم من كل الأفكار التقدمية التي يعبر عنها سقراط في كتابه، إلا أنه يري أن القائد لابد وان يتم تعيينه لا انتخابه واختياره. ويري كذلك أن الحكام لابد وأن يتم اختيارهم بعناية منذ سن الطفولة وتقوم الدولة بتربيتهم والاعتناء بهم حتي يكبروا، وبالطبع يتعرض هؤلاء الحكام لمجموعة من الاختبارات قبل أن يبلغوا سن 35.
يُعطي سقراط قيمة كبيرة للعدالة كعامل أساسي في بناء المجتمع، فهي ليست القوة الباطش، ولا المال الكثير، ولا حتي العقل المجرد، ففي رأيه العدالة مفهوم مشترك بين كافة طبقات المجتمع وأفراده، ولا يمكن تحقيقها بدون اتفاق حقيقي بين أفراد هذا المجتمع.
في النهاية يتبقى السؤال الأهم إذا كان هناك جمهورية لأفلاطون حقاً، هل ترغب أن تنتمي إليها؟ وإلى أي فئة تظن أنك ستنتمي؟ لكن لا تتسرع في الإجابة وانتظر لتقرأ هذا الكتاب العبقري حتي تتأكد أنك تنتمي حقاً ليوتوبيا.