اهتمت دولة الاسلام بجميع انواع العلوم الدينية والحياتية مما أدي الى ان يكون الاسلام يعمل على اشباع الروح وكذلك العقل. وقد تقدم المسلمين في جميع مجالات العلوم والأداب حتى ذاع صيتها حتى في بلاد الغرب. وبعد اتساع رقعة الدولة الاسلامية نشرت الحضارة الاسلامية علومها وفكرها في البلاد الغربية وهي الحضارة التى بلغت قمتها في عهد الخلفاء الراشدين وعهد الدولة الاموية وعهد الدولة العباسية. وهذا ادى الى تميز المسلمين ونشر فكرهم في المجالات الانسانية والمجالات البيئية والمجالات الاجتماعية.
• وقد ظهر اهتمام العرب بعلم الفلك منذ قديم الزمان. فقد تمت ملاحظة معرفة العرب بالكثير من امور الفلك حتي من قبل نزول دين الله الاسلام. فقد قام العرب في ايام الجاهلية بالاهتمام بالشعر والقصائد والتى قد ثبت احتوائها بعد ذلك علي بعض أسماء الكواكب والأجسام السماوية. وكان العصر الأكثر ازدهارا في علم الفلك هو العصر العباسي نظرا لاتساع رقعة الدولة الاسلامية وزيادة الغزوات والفتوحات الاسلامية مما ادي الى حدوث مزج بين الحضارات الاسلامية والهندية واليونانية والبابلية فتطرق العرب الى اهمية دراسة علم الفلك.
• هذا ولكن لم تنتشر معرفة العرب بعلم الفلك اثناء فترة الجاهلية الا بعد ظهور الدين الاسلامي ونزول القران الكريم وكان ذلك من اجل أن يفهم المسلمون بعض ايات القران الكريم مثل قوله تعالى “والشّمس تجري لمستقرّ لها ذلك تقدير العزيز العليم.. والقمر قدّرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم.. لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلّ في فلك يسبحون” سورة يس 38-40. وكذلك قول الله تعالى “فلا أقسم بمواقع النّجوم وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم” سورة الواقعة 75-76. وقال الله سبحانه وتعالى “وهو الّذي جعل لكم النّجوم لتهتدوا بها في ظلمات البرّ والبحر قد فصّلنا الآيات لقوم يعلمون” سورة الأنعام 97- 98. كما قال تعالى “هو الّذي جعل الشّمس ضياءً والقمر نورًا وقدّره منازل لتعلموا عدد السّنين والحساب ما خلق اللّه ذلك إلّا بالحقّ يفصّل الآيات لقوم يعلمون.. إنّ في اختلاف اللّيل والنّهار وما خلق اللّه في السّماوات والأرض لآيات لقوم يتّقون” سورة يونس 5-6.
• قد اهتم المسلمين بعلم الفلك الى جانب معرفة معاني ايات القران الكريم حتي تساعدهم هذه المعرفة في السفر في الصحراء ومعرفة مواقع النجوم وبالتالى تحديد الطرق والاتجاهات. كما اراد المسلمين استخدام علم الفلك في تحديد توقيت صيام رمضان والتمكن من رؤية الهلال في حالة عدم امكانية رؤيته بالعين المجردة. كما اهتم المسلمين بذلك للتمكن من معرفة اوقات الصلاة عن طريق معرفة الموقع الجغرافي لمكانهم وموقع الشمس الذي يساعد في معرفة المواقيت المطلوبة.
• وقد بدأ فعليا بناء المراصد الفلكية في العصر العباسي بعد ان امر الخليفة العباسي المأمون بالبدء في انشاء المراصد الفلكية في عام 215 هجري. كما امر المامون ان يتم مراجعة كتاب المجسطي من جانب المعلومات الفلكية من حيث مواقع الكواكب وبناء المراصد الفلكية والالات المستخدمة فيها وامر علماء الفلك المسلمين بان يقوموا بمراجعة هذا الكتاب ومقارنته بالمعلومات الصحيحة والتأكد من صحته. وقد تم انشاء مرصد فلكي في الشماسية سمي بالمرصد الماموني واقيم في بغداد. وعمل في المرصد الماموني الفلكي سند بن علي واحمد المروزي الذي اشتهر بإسم حبش الحاسب. هذا وقد عمل في المرصد الماموني عدد من كبار الفلكيين ومنهم يحيي بن ابي منصور والعباس بن سعيد الجوهري وخالد بن عبد الملك وثابت بن قرة وابناء موسي بن شاكر.
• وقد امر المامون ان يتم انشاء مرصد فلكي اخر في دمشق على جبل قاسيون وتم الانتهاء منه والقيام بمباشرة اعماله في نفس العام الذي انشا فيه المرصد الاول. هذا وقد تم انشاء عدد كبير من المراصد الفلكية بعد ذلك مثل مرصد ابناء موسي بن شاكر الحسن ومحمد واحمد وتم اقامته في بغداد بالقرب من الجسر. كما قد تم بناء مرصد اخر في مدينة الرقة تحت اسم مرصد البتاني وقد سمي على اسم محمد بن جابر البتاني تكريما له لكول فترة عمله في هذا المرصد. كما قد تم انشاء مرصد فلكي اخر في انطاكية عمل به محمد بن جابر البتاني ايضا ولكن لوقت قصير.
• وللمسلمين الكثير من الانجازات في علم الفلك ومنها قيام المسلمين بترجمة عدد كبير من كتب الفلك من اليونان والروم والفرس والسريان بعد القيام بتصحيح الاخطاء التى بها ومن الجدير بالذكر ان هذه الكتب الفلكية الاجنبية قد تم فقدها بعد ذلك ولم يبقي غير النسخ المترجمة الى العربية منها مما دعي علماء الغرب الى اخذ المعلومات عنها. ومن الانجازات الهامة للمسلمين انهم لم يقف بحثهم في علم الفلك عند النظريات كما كان يفعل علماء الفلك في اليونان ولكنهم جعلوا علم الفلك استقرائي. ومن انجازات المسلمين في علم الفلك الاكتشافات الهامة التى قاموا بالتوصل اليها والتى افادت البشرية كثيرا كما ان من الانجازات الشديدة الاهمية التى قام بها المسلمين هي قيامهم بتطهير علم الفلك من التنجيم.