محور مقالنا اليوم عن معنى توحيد الربوبية ، فتوحيد الربوبية هي استحضار قدرة الله على عباده كما هو دلالة على إقرار العبد بالله ووجوده وقدرته وعظمته، فالله واحد أحد وربوبيته حق وهي أساس الإيمان.
فبمجرد النظر في الكون والتدبر نجد أن كل شيء خُلق بإتقان ودقة، وسبحان من خلق كل هذا الناموس دون أن يختل أو يتداخل، من بداية السماء بكواكبها ومداراتها والفضاء الشاسع الواسع وحتي أصغر ذرة وحبة رمل توجد على الأرض والعالم أجمع والعوالم الأخري.
لذا خلال مقالنا اليوم سنلقي الضوء على ما هو توحيد الربوبية والفرق بين توحيد الألوهية، مع ذكر أمثلة على توحيد الربوبية من القران الكريم بالتفصيل عبر موسوعة فتابعونا.
معنى توحيد الربوبية
من هو الله
إن الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد خالق الأرض وما عليها والسماء بمداراتها وكواكبها، خالق كل شيء ولا يوجد رب سواه.
وبالنظر والتدبر في الكون واسترجاع أيات الله نجد أن الله سبحانه وتعالي قال في كتابه: “وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” (سورة يس الأية رقم 39).
وبعد أن خلق الله كل شيء جعل الكون يسير في حركة متوازنة ومتناغمة وبنظام ودقة لا يشوبها أي شائبة، ونجد أن كل شيء أو كائن خلقه الله له فائدة ووظيفة في هذا الكون، ولا زال العلم إلى الآن يستمر في اكتشاف كافة المعجزات والعجائب في خلق الكون والمخلوقات التي عليه.
والإيمان بأن ذلك الترتيب والتنظيم البديع الدقيق للكون ونواميسه لولا وجود خالق واحد ومهيمن ومسيطر واحد لاختلف الشركاء وضاء الكون ومن عليه، فللكون إله واحد لا شريك له.
شرح توحيد الربوبية
توحيد الربوبية هو الإقرار وإعلان بأن الله عز وجل هو وحده رب كل شيء وخالق كل شيء ومالكه، وأن الله القادر والقاهر فوق عباده، والإيمان بأن الله وحده دون غيره مالك الكون والأكوان الأخري وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وله الثناء.
الإيمان بأن الله وحده هو القادر وهو من بيده الرزق وهو الشافي المعافي الجابر للقلوب وكسرها، والذي يحي ويميت ويقلب الليل والنهار ودونه لا شيء.
وأن الله وحده لا شريك له ولا نظير ولا بديل، فالله هو من بيده الخير كله وهو الذي بيده ملكوت السموات والأرض وحده من يقول للشيء كن فيكون.
الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية
إن التوحيد بشكل عام هو إطلاق العنان للروح لتوحيد الله الواحد الأحد، والتفرد بالعبادة لله، ولكن هناك فرق كبير بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية.
إن توحيد الربوبية خاص بالأمور التي تتعلق وتخص الله عز وجل وأفعاله، فلقد خلق الله الإنس والجن وخلق كل الكون لعبادته، ولا يستقيم قلب المؤمن حتي يصبح الله هو الأول والأخر في قلبه، وبعد التسليم الكامل لله بيقين أنه سبحانه القادر على كل شيء وبيده ملكوت السموات والأرض لا شريك له ولا نظير.
أما توحيد الألوهية فهي تختص بالأفعال التي لها علاقة بالجن والإنس، أي تعتمد الألوهية على تصرف الشخص وإيمانه وتأليهه لمعبود أي كان هذا المعبود، فقد تتعدد الآلهة عند المشركين ولكن لابد وأن يتجه كل إيمانهم بإخلاص ويقين نحو الله الذي دونه أي شيء.
والأية الكريمة من سورة الذريات الأية رقم 56 – 58) في قوله عز وجل “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ” صدق الله العظيم وفي الأية الكريمة إثبات لمعني التوحيد بالربوبية.
دلالة على التوحيد في القران الكريم
في قول الله تعالي: “إنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” (سورة الأعراف الأية 54)، ويقصد هنا أن الله سبحانه وتعالي هو وحده القادر على كل شيء وهو الذي يخلق ويحي ويميت وإلى الله ترجع الأمور كلها.
وفي قوله تعالي: “قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ” (سورة يونس الأية 31) وفيها إعلان عن قدرة الله الواحد الأحد على كل شيء.