تتمتع مجتمعاتنا العربية بالألفة والمودة والحب المنتشر بين الناس، فمن الصعب بل قد يكون مستحيلاً أن تجد شخص تعرض لما يسره أو يضره دون أن تجد من يبارك له في السراء، أو يخفف عنه في الضراء، من أكثر التجارب التي يمنحها الله عبده، أن يزرقه بزيارة بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، سواء كان في عمرة أو في الحج، ولكم اذا احد قالي عمره مقبوله وش اقول له، هذه المباركة من باب الدعوة الطيبة بتقبل المولى- عز وجل- العمرة، فيمكنك الرد عليه بدعوة أخرى مثل وجزاك الله ثوابها، أو كرمك الله بزيارة بيته.
تتعدد الأدعية التي يمكن بها على الدعاء بعمرة مقبولة، واختارنا لك الدعاء ليكون في أول المقال؛ لما للدعاء من آثر في نفس المتلقي له، فهو يقع لغرضين، غرض كثرة الثواب أو قبوله أو توسعة الرزق من الله، وهذا غرض الدعاء كعبادة، والغرض الآخر هو المباركة بالعبادة التي قمت بها في العمرة، وسنعرض لكم أمثلة لهذه الأدعية فيما يلي.
يمكن الرد على المبارك لنا في العمرة باستخدام الأذكار، ولو أنها قد لا تكون مناسبة تمام المناسبة كما الدعاء الذي ذكرنا سابقاً، ولكن هي صور أيضاً من صور الرد على عمرة مقبولة، وسنعرض لكم بعضها فيما يلي.
تعمل المباركة والمواساة كنوع من الدعم النفسي بين الناس على زيادة روح المحبة والود بينهم، ولكن تتدخل في هذا الشأن الثقافة العاملة لكل من المبارِك والمبارَك، وتلك الثقافة على وجه الخصوص تتصل بالمجتمع والدولة التي ينتمي لها كلاً منهما، فحتى في التهنئة بـ”عمرة مقبولة” يختلف الرد عليها من مجتمع إسلامي لمجتمع إسلامي غيره، ونعرض لكم بعض الأمثلة عن الردود في المجتمعات المختلفة في وطننا العربي فيما يلي.
ففي الخليج نجد أن الجملة الأعم والأشمل في الرد على أغلب أنواع المباركات هي “حياك الله”و “بارك الله فيك”، لأنها الأكثر انتشارا في المجتمع الخليجي، ناهيك أنها بدأت تتحول مع بعض الخليجيين إلى متلازمة، فصارت رد على كل شيء تقريباً.
تتمتع بلاد الشام بالعديد من الثقافات المختلفة، وتتعدد الردود فيها أيضاً ولكن يعد من أشهرها الدعاء ” الله لا يعيزك لحداً” هذا الدعاء الذي يدعو به الكثير من أشقائنا في الشام ولبنان وفلسطين، هو بمعنى لا يجعلك الله في حاجة لأحد من خلقه، وهو رد شائع في العديد من بلاد الشام. وهناك في بلاد الشام من يرد التهنئة بـ “يسعد فلبك” و”ربنا يكتبهاكم عن قريب” و” يسعد فبلك” تلك الأدعية التي تكاد تستخدم في أغلب المناسبات السارة هناك.
لشعب المصري ذوق خاص وردود خاصة بهم تختلف عن باقي المجتمعات، ولكن قد تتسم بلون فكاهي مضحك حتى في مثل هذه التهاني، فقد تجد من يرد على “عمرة مقبولة” بـ “تسلم” وهو دعاء بالسلامة، وقد تجد منهم من يرد بـ “الله يخليك”، إضافة إلى بعض الردود التي تكون لازمة لدى كثير من المصريين مثل “حبيبي شكراً” “الله يباركلك” و الرد الذي يعد بمثابة عدم تقدير لصاحب التهنئة بعض الشيء في مصر هو “شكرا”
الأخوة في السودان على ما لديهم من ثقافات مختلفة ومتعددة إلا أن الغالبية العظمى من السودانيين، يستخدمون الرد”شكراً يا زول” في العديد من الردود، بما في ذلك “عمرة مقبولة” وزول في اللهجة السودانية تعني صديق أو صاحب، فهم بهذا الرد يشكرون صاحب التهنئة.
للمغرب العربي العديد من اللهجات بسبب تداخل اللغات الفرنسية والسواحيلية والأمازيغية مع العربية، مما ولد لهم استخدامات ولهجات ولكنات مختلفة عن اللغة الفصحى، مما قد يشق على عربي آخر فهمه في بعض الألفاظ والجمل، ولكنهم في التهنئة يستخدمون دعاء خاصاً من لهجتهم وهو “يعيشك برقا” وهذا الدعاء يعنى دوام العيش بسعادة.
للعمرة فضل عظيم على كل من يقضيها، وهي من السنن المؤكدة عن رسول الله- ﷺ- ولكل ما تحتويه من شعائر دينية إسلامية، فأعظم ما فيها كما روى كل المعتمرين، هي النظرة الأولى للكعبة المشرفة، والتي يعم فيها روحانيات ومشاعر فياضة، ولكن ما هو فضل العمرة وأجرها؟ سنعرض لكم بعضاً من فضل العمرة فيما يلي.
خص رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العمرة في شهر رمضان بفضل عظيم من عند الله، فقد ضاعف رمضان بفضله ثوابها، وهي في الأساس ثواب عظيم، فقد جعل الله فضل العمرة في رمضان كثواب حجة مفروضة، ولكن دون أن تسقط فريضة الحج، فالمسلم يكتب له الله أجر حجة, ولكن لا يسقط عنه أداء فريض الحج، كما في الحديث الشريف عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ سِنَانٍ ما مَنَعَكِ أَنْ تَكُونِي حَجَجْتِ معنَا؟ قالَتْ: نَاضِحَانِ كَانَا لأَبِي فُلَانٍ، زَوْجِهَا، حَجَّ هو وَابنُهُ علَى أَحَدِهِمَا، وَكانَ الآخَرُ يَسْقِي عليه غُلَامُنَا، قالَ: فَعُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي) (حديث صحيح)