تعد قصة سيدنا موسى مع السحرة هي من أهم القصص التي يمكن ذكرها على الإطلاق.
أراد فرعون أن يعمل على صد الناس ومحالة إرجاعهم عن تتبع سيدنا موسى عليه السلام، ومحاولة تكذيبه.
وعند رؤية المعجزات والخوارق التي جاء بها سيدنا موسى عليه السلام ومنها عصا موسى التي تحولت إلى أفعى، وكذلك يده التي تخرج بيضاء من جيبه دون وجود أي مرض أو علة.
وبالتالي لجأ فرعون إلى السحر والشعوذة للعمل على تحقيق غايته وما يرغب به.
كان فرعون يريد أن يتحدى سيدنا موسى عليه السلام، وكذلك أن يأتوا بمثل ما أتى به موسى من العصا التي تحولت إلى أفعى.
حيث إن فرعون كان يظن أن سيدنا موسى كان يقوم بالسحر، حيث إنه لا يتمكن من التميز بين السحر وبين المعجزة.
مواجهة موسى والسحرة
يمكن التعرف على مواجهة موسى والسحرة من خلال السطور التالية:
وعد فرعون سحرته أنهم لهم أجر كبير وعظيم ومكافأة كبيرة في حالة لو غلبوا موسى في التحدي: حيث قال الله سبحانه وتعالى: (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرعَونَ قالوا إِنَّ لَنا لَأَجرًا إِن كُنّا نَحنُ الغالِبينَ).
كما أنهم سوف يكونوا من حاشيته المقربين منه وأنهم سوف ينالوا الكثير من المال والجاه والسلطة.
وبالتالي تشجع السحرة واجتمعوا مع موسى وطلبوا منه أن يختار من وقوم بالبدء في عرض ما يوجد لديه.
ولكن طلب منهم سيدنا موسى عليه السلان أن يلقوا هم ما عندهم أولاً، كما أنهم كانوا من السحرة البارعين والمتمكنين حيث قال الله سبحانه وتعالى: (وَقالَ فِرعَونُ ائتوني بِكُلِّ ساحِرٍ عَليمٍ).
ما كان اختيار موسى لهم بأن يبدؤوا أولا لكي يستهين بفعلهم الذين يقومون به، حيث قال السحرة: (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ).
ومن ثم قاموا بإلقاء حبالهم وعصيتهم وامتلأ المكان بالحبال التي تتحرك كالأفعى، والثعابين.
وبالتالي وقع الخوف والفزع في قلب سيدنا موسى عليه السلام، وذك خوفاً من أن يصدق الناس ما رأوه، ومن ثم فاجأه الوحي الإلهي من الله الله عز وجل وأقلى في قلبه الطمأنينة والراحة بأنه هو من يغلبهم وهو أقوى منهم.
وأمره بأن يلقى عصاه وبالفعل ألقها سيدنا موسى عليه السلام، وتحولت العصا إلى ثعبان كبير وأكلت كافة العصا التي ألقاها السحرة حيث قال الله تعالى: (فَغُلِبوا هُنالِكَ وَانقَلَبوا صاغِرينَ).
وتم التعرف من خلال العديد من كتب التفسير المختلفة بأن عددهم كان حوالي ستين ألف ساحر.
موقف سحرة فرعون من موسى
ظهرت علامات الدهشة والرهبة على وجه السحرة، وذلك مما رأوه من موسى عليه السلام، واندهشوا اندهاشاً عظيماً.
ومن هنا علموا بأن ما جاء به سيدنا موسى -عليه السلام- ليس سحراً، إنما هي معجزة إلهية.
وقام الكثير منهم بالسجود إلى الله عز وجل، وآمنوا به دون أن يهتموا بفرعون، وأخبروه أنهم لن يخافوا الموت وأنهم سوف يتحملون عذابه في سبيل رضى الله سبحانه وتعالى.
ومن ثم أعلن السحرة عن إيمانهم ودخلوا في دين الله أفواجاً، وقال والله سبحانه وتعالى: (قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ*إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ).
انصدم فرعون بما وقع منهم، حيت أنهم أصبحوا ضده بعد أن كان في صفه حيث قالوا له: (لَن نُؤثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ وَالَّذي فَطَرَنا فَاقضِ ما أَنتَ قاضٍ إِنَّما تَقضي هـذِهِ الحَياةَ الدُّنيا* إِنّا آمَنّا بِرَبِّنا لِيَغفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكرَهتَنا عَلَيهِ مِنَ السِّحرِ وَاللَّـهُ خَيرٌ وَأَبقى).
وقيل إنهم عندما سجدوا لله سبحانه وتعالى رأوا الجنة ومنازلهم فيها.
عاقبة سحرة فرعون
حاول فرعون أن يوهم السحرة أن ما قام به موسى كان سحراً، كما أنه أراد أن يظهر لهم شبهة أخرى، حيث قال لهم: (قالَ آمَنتُم لَهُ قَبلَ أَن آذَنَ لَكُم إِنَّهُ لَكَبيرُكُمُ الَّذي عَلَّمَكُمُ السِّحرَ).
ولكنهم على الرغم من ذلك تمسكوا بإيمانهم، وأصروا عليه وبالفعل كان الابتلاء من الله لهم بما توعدهم به فرعون حيث قال: (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ).
وهم لم يهمهم ما توعدهم، ومن ثم كان الابتلاء أن عدد الذين آمنوا من أهل مصر كان قليلاً حيث قال الله تعالى: (فَما آمَنَ لِموسى إِلّا ذُرِّيَّةٌ مِن قَومِهِ عَلى خَوفٍ مِن فِرعَونَ وَمَلَئِهِم أَن يَفتِنَهُم وَإِنَّ فِرعَونَ لَعالٍ فِي الأَرضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ المُسرِفينَ)، وبالفعل كانوا خائفين من تعرضهم للعذاب، وامتنع الكثير منهم عن الإيمان.
دعاء سيدنا موسى
دعا سيدنا موسى بتيسير الأمور قبل ذهابه إلى دعوة فرعون وقومه حيث قال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا* إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا).
قال سيدنا موسى عليه السلام: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي).