أول ذنب عصى الله به عز وجل هو الكبر عندما عصى إبليس كلام الله سبحانه وتعالى ولم يسجد لآدم، وقال أنه خلق من نار وخلق الله آدم من الطين فكيف يسجد لمن خلقه الله من الطين.
وفي قول الله تعالى في سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ”.
وروى عن مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يُحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعله حسنة. قال إن الله جميل يحب الجمال – الكبر: بطر الحق وغمط الناس”.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم أن الكبر ليس التجمل في الشكل واللباس فإن التجمل في الشكل واللباس أمر محبوب عند الله سبحانه وتعالى، أما الكبر فهي صفة بداخل الإنسان تقع في القلب وتظهر في تصرفات الإنسان من احتقار الناس وعدم قبول الغير.
ما هو الكبر
الكبر هو صفة من الصفات التي تقع في قلب الإسنان وهي صفة مكروهة في الإسلام، حيث يقوم اشخص صاحب تلك الصفة باحتقار الآخرين.
وقال عدد من العلماء المختصين في البحث في تلك الصفات وتصرفات البشر وتم تعريف تلك الصفة في علم النفس على أنها صفة في أصل الإنسان منذ خلق النفس البشرية، حيث يوجد بعض الأشخاص التي تتفاعل معه وتنمو تلك الصفة بداخلهم وتزهر عليهم.
ويوجد البعض الأخر الذي يحاول التغلب على تلك الصفة وملئ بداخله صفات أخرى مثل التواضع والمحبة وبالتالي تتغلب الصفات الحسنة على صفة التكبر السيئة.
وتظهر صفة التكبر في العددي من تصرفات الشخص مثل الحركات والسكون ونظراته وأفكاره وطموحاته، ومهما كان يحاول أن يخفى تلك الصفة حتى لا تظهر للآخرين فلن يستطيع التحكم في تصرفاته ونظراته.
أنواع التكبر
ذكر القران الكريم التكبر وصفاته وسمات تلك الصفة السيئة، ولكن تختلف عن التكبر الذي من الممكن أن يتصف به الإنسان، أما ذلك التكبر الذي تم ذكره في القرآن الكريم وهو التكبر على الله سبحانه وتعالى وعلى آياته وعلى كلام الرسل والأنبياء، وتم تقسيم التكبر إلى:
التكبر على الله سبحان وتعالى وعلى آيات القرآن الكريم: وهو من أسوء أنواع التكبر وينتج ذلك النوع عن ملئ القلب بالقسوة والكره والطغيان،
وظهر ذلك النوع في آيات القرآن الكريم مثل أية فرعون الذي طغى وتكبر على الله، ففي قول الله تعالى”اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى”.
وفي الأيات التي ذكر فيها التكبر على الله تعالى ففي قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.
والنوع الأخر هو التكبر على الرسل والأنبياء وما أنزلوا به من عند الله، واستكبروا بأيات الله وبكلام الرسل وذكر في القرآن ما يدل على ذلك ففي قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم” قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ۚ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ”.
وأية أخرى من أيات القرآن الكريم تدل على استكبار القوم على الرسل في قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم “أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ”.
مخاطر الكبر
الكبر يمنع العباد عن الاستماع و إطاعة أوامر الله سبحانه وتعالى مثلما منع إبليس أن يطيع أوامر الله ويسجد إلى آدم.
وهذا ما جعل الكفار يستكبرون على كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء لهم بالبينات والآيات من الله سبحانه وتعالى وأمرهم أن يتركوا الشرك ويؤمنوا بالله وحده لا شريك له، إلا أنهم استكبروا وعصوا الرسول.
وفي قول الله تعالى “وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ” [النمل:14].
كما قال الله تعالى في كتابه أن صفة الكبر تمنع المستكبر من أن يدعوا الله ويطب منه المغفرة ويقوم بعبادته ففي قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”.
ويمنع العباد عن أداء ما فرض الله عليهم مثل الصلاة والزكاة والصوم، فإن الأشخاص الذين نالوا جزءًا من الثروة في الحياة وفي قلوبهم الكبر، يستكبرون على دخول الجامع وأداء الصلاة بالرغم من قرب الجامع منهم.
بسبب الكبر يبتعد الناس عن العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي عن مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: إن رجلاً أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: “كل بيمينك، قال: لا أستطيع. قال: لا استطعت، ما منعه إلا الكبر، قال فما رفعها إلى فيه”.
ويبعد الكبر الإنسان عن تعلم العلم النافع وفي أقوال بعض السلف أن العلم لا يناله مستح ولا مستكبر.
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عله وسلم قال: “بينما رجلٌ يمشي في حلة تعجبه نفسه مُرَجّل رأسه يختال في مشيته، إذ خسف الله به فهو تجلجل في الأرض إلى يوم القيامة”.
عقوبات المتكبر
ورد في القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عيه أن من كان في قلبه كبر فسيعاقبه الله سبحانه وتعالى تتنوع أشكال الأعقاب فيعاقب الله الشخص المتكبر بالابتعاد عن طريق الهدى ففي قول الله تعالى “سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ” [الأعراف:146].
وقال الله تعالى في عقاب المستكبرين “كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ” [الأعراف:101].
كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عقاب المتكبر وقال “مَنْ جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يومَ القيامة”.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا في عقاب المستكبر “يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناسُ يغشاهم الذل من كل مكان” رواه الترمذي والنسائي”.
كما ذكر أن مع اختلاف أنواع الكبر الموجود في القلب يختلف نوع العقاب فقد عصى آدم الله سبحانه وتعالى مشتهيًا وعندما ظل يدعوا الله ويطلب منه المغفرة تاب الله عليه.
أما إبليس فقد عصا الله سبحانه وتعالى مستكبرًا ورفض أوامر الله من أجل الكبر ومن أجل نفسه فلعنه الله وحرم من دخول الجنة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر”.
ويعتبر الكبر حجاب وساتر عن الجنة، فهو يقف كالحائل بين العباد وبين الجنة، وهذا ما يجعل صاحب الكبر لا يحب للمؤمنين ما يحبه لنفسه فهو يفضل نفسه دائمًا.
ولا يقدر صاحب الكبر على التواضع والمعاملة الحسنة دائمًا قلبه ملئ بالحقد والحسد والغضب، فلا يقدر على المسامحة أو كظم الغيظ.