يعتبر رفع الأيدي في الدعاء من أسباب الإجابة في أي مكان، وذلك يرجع إلى حديث رسول الله- ﷺ- حينما قال: (إنَّ اللَّهَ حيِىٌّ كريمٌ يستحي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتينِ) (حديث صحيح)، فكان رفع الأيدي في الدعاء من أسباب الإجابة، إلا في المواضع التي لم يرفع فيها رسول الله- ﷺ- يديه بالدعاء، والتي من بينها المواضع الآتية.
إنما علينا أن نقوم برفع أيدينا في الدعاء في المواضع التي ذكر عن رسول الله- ﷺ- فيها أنه كان يرفع يديه فيها، ويمكننا أيضاً برفع الأيدي كسبب من أسباب استجابة الدعاء في حالة ما إذا لم يثبت عن رسول الله- ﷺ- في هذا المواضع أكان يرفع يده أم لا.
يتم رفع اليدين في الدعاء، وذلك عن طريق جمع الكفين أمام الوجه عند النطق بصيغة الدعاء، وتنص سنة رسول الله- ﷺ- برفع الكفين سواء متفرقتين أو ملتصقتين، أو حتى في حالة ما إذا كانت أصابع اليد أعلى من راحتها، أم كانتا متساويتين، والأهم من كل ذلك أن يقوم المسلم بجعل بطون اليد (راحة اليد) إلى السماء، وأن يتم جعل ظهر اليد إلى الأرض.
يذكر في بعض المواضع أن رسول الله- ﷺ- كان يرفع إصبعه السبابة لليد اليمنى في الدعاء، وجاء ذلك في صحيح الأثر، فقد ذكر حصن بن عبد الرحمن السلمي 🙁 أنَّ بِشرَ بنَ مروانَ ، رفعَ يديهِ يومَ الجمعةِ على المنبَرِ ، فسبَّهُ عُمارةُ بنُ روبية الثَّقفيُّ، وقالَ: ما زادَ رسولُ اللَّهِ علَى هذا، وأشارَ بإصبعِهِ السَّبَّابةِ) (سند صحيح).
ذكرنا فيما سبق- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يستقبل القبلة ويرفع راحة اليد إلى السماء، وظهر اليد للأرض، ولكن هي يجوز أن يرفع المسلم ظهر الكفين في الدعاء؟ ويجيب عن هذا السؤال ما جاء في حديث صحيح مسلم، وذلك فيم ذكر أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اسْتَسْقَى، فأشَارَ بظَهْرِ كَفَّيْهِ إلى السَّمَاءِ) (حديث صحيح).
ذكر العديد من المواضع عن النبي- ﷺ- أنه كان يرفع فيها اليدين أثناء الدعاء، والتي يسن لنا أن نهتدي بهديه- ﷺ- وأن نقوم بالقيام بسنته كما جاءت عنه، وهو الأفضل أن نرفع يدينا بالدعاء في هذه المواضع، والتي من بينها ما يلي.
فقد كان رسول الله- ﷺ- إذا ذهب إلى القبول كان يرفع يديه فيها بالدعاء للمسلمين، وكان ذلك في حديث لأم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- عندما تحدثت عن ذهاب رسول الله- ﷺ- للبقيع للدعاء إلى موتى المسلمين الموجودين فيها، وأنه كان يرفع يديد مع الساعدين والذراعين إلى السماء.
فقد ورد عن رسولا لله- ﷺ- أنه كان يرفع اليدين في الدعاء عندما كان يصلي صلاة الاستسقاء، وفي ذلك عندما كان الإمام، وكان المصلون يأتون بمثل ما أتى به رسول الله- ﷺ- ولم ينههم عنه، لذلك فيجوز رفع اليدين بالدعاء عند صلاة الاستسقاء، وجاء ذلك في رواية أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال : (أَتَى رَجُلٌ أعْرَابِيٌّ مِن أهْلِ البَدْوِ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ المَاشِيَةُ، هَلَكَ العِيَالُ هَلَكَ النَّاسُ، فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، يَدْعُو، ورَفَعَ النَّاسُ أيْدِيَهُمْ معهُ يَدْعُونَ، قالَ: فَما خَرَجْنَا مِنَ المَسْجِدِ حتَّى مُطِرْنَا) (حديث صحيح).
كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرفع سبابته اليمنى أثناء الدعاء في خطبة الجمعة، وذلك وهو على المنبر، وقد تم ذكر ذلك في حديث عن عمارة بن رويبة- رضي الله عنه- قال: (رَأَى بشْرَ بنَ مَرْوَانَ علَى المِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ اليَدَيْنِ! لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ما يَزِيدُ علَى أَنْ يَقُولَ بيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بإصْبَعِهِ المُسَبِّحَةِ) (حديث صحيح).