هل صوت المراة حرام تلك الأطروحة التي وجدت صدى واسع، وعرض لها البعض كونها صورة من صور تشدد الشريعة الإسلامية، ولكن الإجابة ليست كما هو منتشر في الكثير من المجتمعات العربية، لذلك يهتم موقع الموسوعة العربية الشاملة بعرض مختلف الآراء والفتاوى المتعلقة بذلك الحكم.
أكدت دار الإفتاء المصرية أن صوت المرأة بمجرد قراءتها القرآن بصوت مسموع أمام الرجال الأجانب جائزة، لأنها من جنس الكلام وليس بعورة، وقد دلت على ذلك عدة نصوص شرعية.
من بينها حديث أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: (قالتِ النِّسَاءُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِن نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ، فَكانَ فِيما قَالَ لهنَّ: ما مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِن ولَدِهَا، إلَّا كانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ: واثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: واثْنَتَيْنِ) (حديث صحيح).
فلو كان صوت المرأة عورة، لما سمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولما أقر أصحابه على سماعه.
وبالنسبة للتلاوة المصحوبة بما لا يراعى فيه حق القرآن، مثل التلاوة المستوفية لحق المعنى بلا ابتذال، فإنها ممنوعة؛ لأنها قد تكون من باب الخضوع بالقول، المنهي عنه.
وذلك كما في قوله- تعالى-: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) (سورة الأحزاب، الآية: 32)
أما تلاوة المرأة للقرآن بمحضر من الرجال الأجانب، أو تسجيل تلاوتها ثم إذاعتها ونشرها على العموم بعد ذلك، فلا يوجد تحريم شرعي عليها، ما دامت تلاوتها للقرآن تتم بالطريقة المناسبة والمتفق عليها، ولا يوجد في ذلك أي مخالفة لأحكام الشريعة.
ذكر الإمام بن باز في رده على سؤال “هل صوت المرأة عورة؟” فتواه في أمر صوت المرأة، وذكر فيه ما يلي:
صوت المرأة ليس بعورة، وهي مسموحة بالتحدث والتواصل مع الرجال في الأمور الدينية والخصومات والمناقشات، وذلك مثلما فعل النبي ﷺ وصحابته الذين سمعوا كلام النساء وأجابوهن على أسئلتهن.
ومن النصائح التي تقدمها الدار الإفتاء للنساء هو الحرص على عدم الخضوع بالقول والتحدث بصوت معتاد ولا يوهم بالترقيق أو التكسر، وعدم الترخيم أو استخدام أي شيء يدعو الرجال للخضوع لها بقولها. بل يجب عليها التحدث بصوت طبيعي ومعتاد، وذلك للحفاظ على الأدب والآداب الإسلامية وتفادي إثارة الشهوات والمرض في قلوب الرجال.
ويمكن للمرأة أن تتحدث بصوتها المعتاد في جميع الأمور الدينية والخصومات والمناقشات، ويجب عليها عدم الخوف من التحدث والتواصل مع الرجال في هذه المسائل الدنيوية، ولكن بالطريقة المناسبة التي تحافظ على الآداب الإسلامية وتقوم بالتحدث بصوت معتاد ولا يوهم بالخضوع.
ولم يأتٍ الإمام ابن عثيمين بغير ما جاء به الإمام ابن باز ودار الإفتاء، فقد ذكر في فتواه عن حكم صوت المرأة ما يلي:
صوت المرأة ليس بعورة، وليس هناك حظر شرعي على النساء في الكلام والتواصل مع الرجال في المسائل الدينية والخصومات والمناقشات. ولكن ينبغي على المرأة تجنب الخضوع بالقول والتحدث بصوت معتاد للحفاظ على الأدب والآداب الإسلامية وتفادي إثارة الشهوات والمرض في قلوب الرجال.
وبالنسبة للكلام الليّن، فإنه ليس حرامًا بحد ذاته، لكن ينبغي على المرأة تجنب استخدام اللين الزائد في الكلام والتحدث بلغة وأسلوب مناسب للمناسبة والمخاطب، والحفاظ على الأدب الإسلامي الذي يتطلب التحدث بصوت معتاد ولا يوهم بالخضوع.
وأيضًا، ينبغي على المرأة تجنب الحركات التي قد تكون مغرية للرجال، مثل التغنج والتمايل، والحرص على الحفاظ على الحشمة والحياء والآداب الإسلامية في جميع أشكال التواصل. ويجب على المرأة الحرص على تجنب كل ما يثير الرجال بشكل غير لائق ويدعو إلى الفتنة والإثارة.
تقدم الدكتور صالح القوزان بنشر كتابه بعنوان صوت المرأة- بحث فقهي، وكان كتابه على الرغم من صغر عدد صفحاته فهو لا يتجاوز 70 صفحة، إلا أنه جمع فيه 6 مطالب تفي غالبية أغراض الحديث بشكل عام، وحدد للحديث 3 أحوال تحدث فيها، وذكر الحكم ودققه ودعمه بالسند الصحيح، وكانت تلك المطالب في اختصارها كما يلي:
يتحدث الكتاب عن مسألة حرمة ظهور صوت المرأة عند الرجال الأجانب، حيث يتفق العلماء على حرمته إذا خضعت بالقول أو سماع الرجال لصوتها سماع افتتان، ولكن هناك خلاف بين العلماء حول ما إذا كان صوت المرأة عورة أم لا.
ويذكر المقال الأقوال الثلاثة في هذا الخصوص والتي تتلخص في حالات جعل صوت المرأة عورة، وأالحالات التي يكون صوتها ليس بعورة، وكون رفع صوتها عورة أم لا. ويستعرض البحث أدلة كل قول من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وغيرهم.
يذكر البحث أن سبب الخلاف بين العلماء يرجع إلى التعارض بين الأدلة والخلاف في تحديد معنى العورة في الصوت. ويقدم البحث الجمع والموازنة بين الأدلة ويترجح المؤلف إلى أن الأقرب إلى الرجحان هو أن رفع صوت المرأة عورة وأنه يجوز حديثها إلى الرجل بشرط الاقتصار على قدر الحاجة وأمن الفتنة.
ويذكر المقال في خاتمته أربعة أمثلة للحالات المتفق على تحريمها وثلاثة أخرى على القول الراجح، ويعطي النص الاستنتاج الذي يرجح أنه يجوز رفع صوت المرأة في بعض الحالات بشرط الاقتصار على قدر الحاجة وأمن الفتنة، مثل في الفتاوى وحاجة البيع والشراء، وأنه من المكروه رفع صوت المرأة في بعض الأحوال، ويذكر المقال أن الجهر العارض له حالان حال جائزة وذلك عند الحاجة كإنكار منكر أو سؤال عاجل.