كان فراش النبي صلى الله عليه وسلم من الجلد المدبوغ ومحشو بالليف
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقضي الوقت في فراشه عند السيدة عائشة، كما أنه كان يقول لنسائه”لا تؤذيني في عائشة؛ فإنه ما أُنزل عليَّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها.
كانت وسادة النبي -صلى الله عليه وسلم- محشوة بالليف وهذا ما ذكره عمر بن الخطاب في قوله “دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينها وبينه فراش، قد أثر الرمال بجنبه متكئًا على وسادة من أدم حشوها ليف. قلت: يا رسول الله: ادع الله فليوسع على أمتك، فإن فارس والروم قد وسع عليهم وهم لا يعبدون الله. فقال:” أو في هذا أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا”. وفي رواية:” أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟.
وسُئلت السيدة حفصة عن شكل فراش رسول الله، فقالوا لها ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه في بيتك؟ قالت “مسحًا نثنيه ثنيتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له، فثنيناه له بأربع ثنيات، فلما أصبح قال: “ما فرشتم لي الليلة” قالت: قلنا: هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات، قلنا: هو أوطأ لك. قال: “ردوه لحالته الأولى، فإنه منعتني وطاءته صلاتي الليلة”.
منزل الرسول في مكة
في البداية ولد الرسول صلى الله عليه في دار أبيه عبد الله في مكة المكرمة.
وقد قام عبد المطلب جد الرسول صلى اله عليه وسليم في توزيع حقوق أولاده، ودفعها لهم في أثناء عمله.
كان المنزل الذي يعيش فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتصف بالتواضع والهدوء، لم يمكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمتلك شيئاً في بيته يملأ العين، ويجذب النظر إليه مثل الأثاث ومثل هذه الأشياء.
كما كان فراشه متواضعاً ووسادته من الليف، بالرغم من أنه يقدر على جلب أفضل الفرش الذي ينام عليه، إلا أنه كان زاهدًا في الدنيا مبتعدًا عن متاعها.
زهد وتواضع الرسول
من أسمى صفات الرسول صلى الله عليه هي التواضع والزهد في الحياة:
عاش النبي صلي الله عليه حياة بسيطة، وكان زاهدًا في الدنيا، يرضى بما أتاه الله من فضل وخير.
كان يدعوا الناس في السر والعلن للتعفف عن السؤال، أي أنهم لا يطلبوا حاجتهم إلا من الله تعالى.
زهد الرسول في الطعام والشراب
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاهد في الطعام والشراب، كان يكتفي بأقل من القليل في الطعام.
كما أنه كانت تأتي عليه ليالي لا يجد ما يأكله ويظل طاويًا على الجوع على الرغم من أنه رسول الخلق الشريف.
وعن أبو هريرة قال” مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ”.
كما أن النار كانت لا توقد في منزل الرسول صلى الله عليه لأشهر، وورد هذا عن قول عائشة رضي الله عنها “إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ” فسُئلت عائشة رضي الله عنها “فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ؟” قالت ” لْأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ”.
وفي يوم من ذات الأيام دخل على بيت الرسول صلى الله عليه أمرأة ومعها ابنتان، وسالت عائشة رضي اله عنها عن طعام ولم يكن في بيت الرسول سوى تمرة واحدة فأعطتها لها عائشة فقسمتها بين بناتها ولم تأكل شئ وغادرت، ثم جاء الرسول إلى المنزل فأخبرته له السيدة عائشة عما حدث فقال النبي الكريم” مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ”.
وفي مرة أخرى يأتي إلى منزل النبي الآمين ضيف، ولم يوجد في بيت الرسول ما يضيفه فيرسل إلى بيوت نسائه ويسأل إن كان هناك ما يضيف به ضيفه فلم يجد، فيسأل أصحابه أن يضيفوا ضيفه.
وكان يصل الأمر في بعض الليالي بالرسول صلي الله عليه أن يربط بطنه بحجر حتى يهدأ من ألام الشعور بالجوع.
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال “لقد رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يظلُّ اليومَ يَلتوي ما يجدُ دَقلًا يملأُ بِهِ بطنَهُ” أي أنه لم يجد حتى التمر الرديء كي يعطيه إياه ويأكل منه.
وفي يوم من الأيام جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى الرسول صلي الله عليه وسلم وأعطته كسرة خبز، فقال الرسول لها أن هذا أول طعام يدخل بطنه.
لذلك اتصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالزهد عن متاع الدنيا هو وآل بيته، فكان هذا حاله حتى توفاه الله، عن قول عائشة رضي الله عنها ” تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِي بيته مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ”.
كما قالت عائشة أيضًا في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم وزهده في الدنيا”لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ”
زهد الرسول في الملبس
وبالرغم من أن الرسول صلى الله عليه قادر أن يرتدي من الثياب أغلاها وأفضلها غلا انه اختار الزهد، ولابتعاد عن متاع الحياة في الملبس اكتفي برداء بسيط.
وفي يوم من الأيام دخل بردة رضى الله عنه على السيدة عائشة فقامت وأخرجت كساءً ملبدًا وإزارًا غليظًا ثم قالت” قُبِضَ رُوحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَيْنِ” .
وفي قول أنس بن مالك رضى الله عنه”كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ”.
وكان الرسول صلى الله عليه يرتدي الإزارة إلى نصف الساق، وفي يوم من الأيام كان أحد الصحابة يمشى في المدينة وسمع رجل يقول له”رْفَعْ إِزَارَكَ؛ فَإِنَّهُ أَبْقَى وَأَتْقَى” فقال الصحابي”فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم” فقال له”يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هِيَ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ” فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم”أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ؟”، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا إِزَارُهُ عَلَى نِصْفِ السَّاقِ.
كما كان دعاء الرسول الدائم الذي كان يسمعه منه كل من الصحابة وأهل بيته هو” اللهم أحيني مسكينًا، وأمِتْني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة”.
زهد الرسول في المال
كان يستعجب الكثير من الزهد الرسول الكريم في الدنيا، وبالرغم من أنه قادر على أن يكون من أغني الأغنياء إلا أنه كان زاهدًا في الدنيا مبتعدًا عن متاع الدنيا طالبًا الجنة ورضا الله.
وقال أبو ذر رضي الله عنه أنه في يوم من الأيام كان يمشى مع الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، فاستقبلنا أحد فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم “مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلَّا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، ثم مشى الرسول الكريم قليلًا وقال إِنَّ الْأَكْثَرِينَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.
كما أن الرسول إذا أخذ مال من حقه لم يكن له ولا لبيته وإنما كان يتصدق به للمسلمين، وفي الغنائم كان يقول”إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ شَيْءٌ، إِلَّا الْخُمُسَ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ”.
وقال عمرو بن الحارث عما تركه الرسول صلى الله عليه بعد مماته”مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ سِلاحَهُ وَبَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً”.
كما أن ما تركه بالرغم من انه بسيط إلا انه حرمه عليهم وقال “لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ”.
كما كان يتحدث الرسول دائمًا عن فوائد الحمد والتسبيح والبعد عن الطلب فقال لابنته فاطمة رضي الله عنها وهي تشكو من الدنيا “أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَهَذَا خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ”.