قال الله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ) (سورة البلد: 8-10)
لقد خلقنا الله عز وجل في أحسن تقويم وأعزنا وأعز خلقنا، ومن أحسن الصور التي خلقنا بها الله عز وجل ومن ضمن النعم التي أنعم الله علينا بها هي نعمة اللسان، فهو عبارة عن عضو عضلي مستقيم مستطيل يتحرك داخل الفم، له العديد من الوظائف ومن الوظائف الهامة للسان المضغ والبلع والتذوق هذا من الناحية الجسمانية، أما من الناحية النفسية فهو يستخدم في الكلام، ويساعد على إخراج الكلام بالعديد من الأشكال وبمختلف اللغات.
أمرنا الله عز وجل أن نصون ونحفظ اللسان|، حيث لا نتكلم فيما لا يعنينا ولا نغتاب ولا نخرج الكلام السيئ كما نصحنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: “قلتُ يا رسولَ اللهِ ما النَّجاةُ قال أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِكَ” رواه عقبة بن عامر.
حفظ اللسان
وجب على المسلم أن يحافظ على لسانه عن قول الكلام غير المحرم، وتعتبر هذه من علامات الإيمان بالله عز وجل، حيث أمرنا الله بقول الخير أو الصمت، ويكون من المحرمات على الإنسان الخوض في الباطل أو الفحش أو السب والبذء والغيبة والسخرية والاستهزاء، روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ” وهذا الحديث يدل على أهمية حفظ اللسان.
أهمية حفظ اللسان في الإسلام
تتشكل أهمية اللسان في الإسلام في بعض النقاط التى يمكن توضيحها على النحو التالى:
حفظ اللسان يكون سبب لرضا الله تعالى على المسلم، ويجب على المسلم أن يستخدم لسانه في ذكر الله عز وجل وأن يبتعد عن لغو الحديث والوقاية من نار جهنهم التي يدخلها أو اتهام الأشخاص بما لا يوجد بهم أو إثارة الفتن، واستلال على ذلك روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا رسولَ اللهِ، وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلَّمُ به؟ فقال: وهل يُكِبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهم أو قال: على مناخرِهم إلَّا حصائدُ ألسنتِهم”.
يعد حفظ اللسان من الصدقات وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ اللِّسانِ قيل يا رسولَ اللهِ وما صَدَقَةُ اللِّسانِ؟ قال: الشَّفَاعَةُ تَفُكُّ بِها الأَسِيرَ، وتَحْقِنُ بِها الدَّمَ، وتَجُرُّ بِها المَعْرُوفَ والإحسانَ إلى أَخِيكَ، وتَدْفَعُ عنهُ الكَرِيهَةَ”.
يساعد حفظ اللسان على عدم إلقاء المرء في التهلكة أو الشقاء عن طريق الكلام المباح، حيث يكون من الأمور غير المستحبة اللغو في الحديث أو استخدامه فيما يجلب الشقاء والتعب.
تعريف آفات اللسان
هي عبارة عن كل ما يصيب الشيء ويقوم بإفساده سواء كان عاهة أو مرض أو قحط، ولقد نهي عن آفات اللسان شرعاً، حيث أوجه الإسلام العناية الكبيرة باللسان حيث إنه ذو أهمية كبيرة وكل ما ينطق من خلاله يحاسبنا الله تعالى عليه، قال الله تعالى: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (سورة ق:18).
تعددت الأحاديث النبوية الشريفة حول أمر آفات اللسان، ومن ضمنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ”، بالإضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ”.
كافة الأحاديث والآيت تدعو إلى حفظ اللسان من الخوض فيما يفسده من الآفات.
أنواع آفات اللسان
يمكن توضيح آفات اللسان على النحو التالى:
الكلام فيما لا يعنى الشخص: الخوض فيما لا يخص الشخص من الأمور السامة التي تضر الإسان ولا تنفعه، وهنا الصمت يكون خير جواب، وحتى يتخلص المرء من تلك الآفة المؤلمة التي تصيبه وتصيب من حوله بالضرر لا بد من إدراك الحديث الذي يخرج من الفم في البداية وإن كان لا ينفع إذا فالصمت هو الحل واستدلال على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ من حُسْنِ إسلامِ المرءِ تَركَهُ ما لا يَعْنِيهِ”.
اللعن: اللعن هو عبارة عن الطرد من رحمة الله ولا يجوز أن يخرج تلك اللفظ من اللسان سواء كان لإنسان أو حيوان أو جماد، لا يجوز إطلاقه تماماً، وذلك تبعاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس المؤمنُ بطعَّانٍ ولا بلعَّانٍ”.
فضول الكلام: هذا الأمر يتمثل في البالغة في الحديث في غير موضعه وتكرار الكلام وإعادته من دون فائدة، لذلك لا بد من الحد من تلك الآفة تبعاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طُوبَى لِمَنْ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ”.
الخوض في الباطل: الخوض في الباطل هو الحديث عن المحرمات التي لا تخص المرء والزيادة والبالغة في الأمر والتدخل فيما لا يعنيه، التخلص من تلك الآفة من الأمور الواجبة والتعود على ذكر الله عز وجل استدلال على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطَايَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ خَوْضًا فِي الْبَاطِلِ”.
الغيبة: الغيبة هي ذكر عيوب شخص آخر حيث قد تكون هذه العيوب في خلقه أو جسده أو فعله كما يوجد للغيبة العديد من الأشكال منها الحديث في ظهر الشخص أو أفعال، أو الهمز واللمز، أو الابتِسامة الخفيّة، أو تبادُل النظرات، أو كل ما يُفهم من حركات، والغيبة من المحرمات واستدلال على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ”.
النميمة: هي نقل الكلام بين طرفين مع تحريفه، والكشف عن ما اؤتمن عليه من خلال القول والفعل وهو من الأمور المحرمة التي لا تدخل صاحبها الجنة.
المراء والجدال: يعني الاعتراض على الكلام، وإظهار العيوب في الحديث وهي من الأمور غير المستحبة، حيث جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لاَ تُمَارِ أَخَاكَ وَلاَ تُمَازِحْهُ وَلاَ تَعِدْهُ موعدًا فتُخلِفَه”.
الخصومة: يقصد بها الخصام بالباطل أو الخصام بغير علم ويكون الهدف منه إيذاء الآخرين، ويكون العناد في الخصام من أشد الأشياء قسوة، لذلك لا بد من اللين في الحديث والكلام الطيب في حد الخصومة تبعاً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: “(إنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلانَ الْكَلامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ”.
الفحش وبذاءة اللسان والسب: الفحش يعني التعبير عن الأمور القبيحة بصريح العبارة والألفاظ التي لا يجوز قولها، وحتى تبتعد عن الفحش في الكلام لا بد من استبدال الألفاظ غير الملائمة بألفاظٍ للتعبير عن الهدف من دون إساءة، أمّا السب وبذاءة اللسان لا بد أن يبتعد عنهم الإنسان حتى يتجنب الوقوع في الفحش في الكلام، وذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ لَيْسَا مِنَ الإِسْلامِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسْلامًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا).
الغناء والشعر: يعد الغناء والشعر من الأمور المحرمة التي يجب على المرء أن يبتعد عنها، ولكن لا يعتبر الشعر من الكلمات المحرمة إذا ضم كلمات غير مكروها.