أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تأتي بعد عيد الأضحى، وهي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وهي من الأيام المفترجة والمباركة التي ذكرها الله -سبحانه- وتعالى بقوله: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)، والمقصود بها هي أيام التشريق، ووصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنَّما هي أيامُ أكلٍ وشربٍ وذِكْرٍ).
تبدأ أولى أعمال أيام التشريق الثلاثة في يوم 11 من ذي الحجة، ويتم فيها رمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس، بعد أن تحللوا من إحرامهم، حيث رموا جمرة العقبة وهي الجمرة الكبرى وهي الوحيدة التي يرمونها يوم عيد الأضحى المبارك.
اليوم الثاني من أعمال التشريق وهو في يوم 12 من ذي الحجة، ويتم فيه الحاج برمي الجمرات الثلاث، كما رماها في اليوم الأول من التشريق.
ثالث أعمال التشريق وهو يوم 13 من ذي الحجة، ويقوم فيه الحاج بأمرين هامين وهما: من أحب أن يتعجل من مشعر منى يجوز له ذلك، ويخرج منها قبل غروب الشمس، ولكن الأمر الثاني، فإن من تأخر بعد الغروب، فإنه يجب عليه أن يقوم بالمبيت الليلة الثالثة ورمي الجمرات في اليوم الثالث وهو أفضل وأعظم أجر.
ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله -سبحانه- وتعالى: “وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”.
سبب تسميتها بأيام التشريق
سميت أيام التشريق بهذا الاسم، لأن الناس كانوا يشرقون اللحم في تلك الأيام، ويقومون بتجفيفه.
التشريق هو التشريح، وقيل لأنه ذبح الهدي والأضاحي لا يكون إلا بعد شروق الشمس، وسبب تسميتها بذلك أن الناس كانوا يشرقون فيها الشمس في منى ولم تكن فيها بيوت أو أبنية.
وظهرت أقاويل أن التشريق في الأساس هي صلاة العيد، لأنها لا تؤدي إلا عند شروق الشمس وارتفاعها.
مسميات أيام التشريق
يوم القز
يسمى اليوم الأول من أيام التشريق بقيوم القز، وتم تسميته بهذا الاسم لأن الحجاج بعد يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر، يكون قد أصاب بعضهم بالتعب، فيقرون بمنى.
يوم النفر
يسمى اليوم الثاني من أيام التشريق بيوم النفر الأول، حيث يجوز للحاج الذي أنهى رمي الجمار، وأحب تعجيل الانصراف إلى منى أن ينفر، والمقصود بها أن يرحل عن مكة، وذلك قام الاتفاق عليه الكثر من العلماء، وإن رمي اليوم الثالث من أيام التشريق يسقط بالنفر الأول حيث قال الله -سبحانه- وتعالى: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ).
ذهب العلماء والفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن النفر يجب أن يكون قبل غروب الشمس، وذهب الحنفية إلى استمرار النفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث من أيام التشريق.
ويعرف اليوم الثالث من أيام التشريق بيوم النفر الثاني، فإذا أنهي الحاج رمي الجمار في هذا اليوم.
ذهب جمهور من الفقهاء والعلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن وقت الرمي في هذا اليوم يكون بعد زوال الشمس بعد الفجر، وفي آخر وقت للرمي، فقد اتفق الكثير من الفقهاء أنه ينتهي بغروب الشمس، ذلك بسبب الانتهاء وقت مناسك الحج بغروب الشمس ثالث أيام التشريق.
أعمال الحج في أيام التشريق
أمر الله سبحانه وتعالى بذكره في أيام التشريق حي قال تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)، وكذلك الكثير من الأعمال التي يتقرب به العبد من ربه، ومن أفضل الأعمال في أيام التشريق هي:
المبيت في منى
هو من أحد واجبات الحج، حيث من الواجب على الحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، ومن تأخر عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً.
رمي الجمار
ذكر الله -سبحانه وتعالى- أن في تلك الأيام يشمل رمي الجمار الثلاث الصغرى ثم الوسطى، ثم الكبرى، وكل جمرة تكون بسبع حصيات.
ذبح الهدي
في أيام التشريق يكون ذبح الهدي واجباً كهدي التمتع، والقران، وفي حالة فعل محظور من محظورات الحج، أو يمكن أن يكون تطوعاً ووقت الذبح يكون بدايته في أول يوم من عيد الأضحى المبارك، ويمتد إلى أن تنتهي أيام التشريق الثلاثة، والدم الواجب بسبب فعل المحظور من محظورات الإحرام يسمى بدم أو هدي الجبران، حيث لا وقت محدد لذبحه.
من لم يستطع شراء الهدي فعليه صيام عشرة أيام، ثلاثة منها في الحج قبل يوم عرفة، وإن لم يستطع صيامها في أيام التشريق وسبعة يصومها بعد رجوعه من الحج حيث قال الله تعالى: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ).
أداء الصلوات الخمس قصراً بلا جمع
أداء الصلوات هو اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما أقام فمنى أيام التشريق ولياليها، وكان يصلي كل صلاة بوقتها مع قصر الصلاة الرباعية منها إذ يؤديها ركعتان.
التكبير المقيد بعد الصلوات الخمس في جماعة
يقوم المسلم فيها بالتكبير بعد السلام والصلاة الجماعية، فيقول: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”، ولا يكون مشروع هذا التكبير بعد الصلاة لمن يصلى منفراً فيجب أن تكون الصلاة صلاة جماعية.
فضل أيام التشريق ومكانتها
ذكر الله -سبحانه وتعالى- هو من أفضل وأعظم العبادات التي يمكن للعبد أن يتقرب بها إلى الله عز وجل، حيث أن ذكر الله تعالى هو حياة للنفوس، وتعمل على طمأنينة القلب، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، والشخص الذي يذكر ربه يقف الله بجانبه بكل الأحوال وتغشاه رحمات الله، وتحوطه عنايته -سبحانه- ويزداد فضل الذكر في الأوقات المفترجة مثل أيام التشريق والمكانة العظيمة التي تحظى عليها تلك الأيام، وهذا يؤدي إلى:
تؤدي أفضل العبادات بشكل مطلق في تلك الأيام، وقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم حيث قال: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ).
تعتبر أيام التشريق هي من أعظم وأفضل الأيام عند الله -سبحانه- وتعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ -تبارَكَ وتعالَى- يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ).
شرع الله -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين والموحدين بالله في تلك الأيام نحر الهدي والضحايا، لكي تكتمل تلك اللذات بأكل اللحوم، ولكي تتقوى به أبدانهم على طاعة الله، وذكره.
تعمل أيام التشريق على تذكير المؤمنين بحقيقة الحياة الدنيا، فكما أن أيام الحج يوجد بها تحريم لبعض الأمور، ومنها الشهوات والأهواء واللذات، فيمتد الإحرام إلى أن يصل الحاج إلى منى، فيتحلل منه ويأكل ويشرب ويذكر الله عز وجل، فهي سنة الحياة الدنيا أن يقوم الإنسان بالصيام عن شهواته لكي ينال نصيبه من الجنة في الآخرة.
يكرم الله -سبحانه وتعالى- عباده المؤمنين في تلك الأيام بنعمتين وهما: نعيم أبدانهم وذلك عن طريق الأكل والشرب بلا إسراف ولا تبذير، لأن المبذرين إخوان الشياطين، ومن النعم التي أنعم الله تعالى على المؤمنين وهو نعيم قلوبهم بذكر الله -سبحانه- وتعالى ودعاؤه، وأن يستغل المؤمن تلك الأيام المباركة في التكبير والدعاء والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.