متى شرع صيام رمضان ، شهر رمضان المبارك قد فرض الله صومه على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى من آمن معه، وعلى المسلمين إلى يوم القيامة، ولم يكن فرض الصيام على المسلمين مع بداية الدعوة، ولكن تم فرضه بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وتأسيس الدولة الإسلامية بها، بعد أن قَوَت شوكة الدين الإسلامي، ولكن الصيام بالصورة المعتادة التي نصوم بها الآن لم يفرضه الله سبحانه وتعالى منذ البداية، فقد كان تدريجيًا ليُسهل الله سبحانه وتعالى على عباده المسلمين، فمتى كان توقيت فرض صيام شهر رمضان المبارك؟، وفي أي شهر؟، وأين فُرض؟، وما هي مراحل فرض الصيام على المسلمين؟، هذا ما سوف نعرفه من مقال اليوم من موسوعة.
فرض صيام شهر رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة، حينما كان المسلمون في “يثرب” المدينة المنورة، ولكن لم يفرض صيام شهر رمضان كاملًا منذ البداية، ولكن شرع الله صيام شهر رمضان تدريجيًا على مراحل مختلفة وذلك تخفيفًا على أمة نبيه محمد صلى اله عليه وسلم؛ لما في الصيام من مشقة، في بعض ما نمتنع عنه من طعام، وشراب، وغيره فما هي تلك المراحل؟.
كانت العرب تلتزم بصيام يوم عاشوراء، وهو العاشر من محرم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتزم بصيامه بعد الدعوة أيضًا، وكان المسلمون يلتزمون بصيامه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما فرضه عليهم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:”كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فُرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه”.
كان صيام يوم عاشوراء يصومه من في المدينة من يهود، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب صيام اليهود لهذا اليوم، عرف أن هذا اليوم هو يوم نجاة سيدنا موسى وقومه من بني إسرائيل، فصامه رسول الله لآنه أحق بموسى منهم، فعن عبد الله بن العباس رضي الله عنها قال:”قدم النّبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأنا أحقّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه”.
بعدما تم فرض صيام شهر رمضان على المسلمين أصبح صيام يوم عاشوراء سُنة، وليس فرضًا فمن شاء صامه، ومن شاء تركه.
نزل قول الله سبحانه وتعالى في فرض صيام شهر رمضان في الأية 183 من سورة البقرة:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
وفي الآية فرض للصيام، ودليل على فرض الله لعبادة الصيام على ما سبقنا من الأمم.
ولكن فرض الصيام كان اختياريًا، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر ولكن وجب عليه دفع الكفارة عن ما أفطره، قال الله تعالى في الأية 184 من سورة البقرة:”أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”.
في الآية السابقة دليل على أن الصوم والتطوع كان اختياريًا في هذه المرحلة.
المرحلة الأخيرة من فرض صيام شهر رمضان على المسلمين وتم إلزام المسلمين فيها بصيام الشهر كاملًا.
قال الله تعالى في الأية 185 من سورة البقرة:”شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.
بقوله سبحانه وتعالى:” فمن شهد منكم الشهر فليصمه” أمر صريح من الله بصيام الشهر المبارك كاملًا.