لقد حدثنا الله تعالى في كتابه الكريم عن أهوال يوم القيامه، قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ*يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ “وذلك في سورة الحج الآيتين الأولتين منها، كما أن هناك الكثير من الآيات في القرآن الكريم التي تشير إلى مدى فظاعة هذا اليوم العظيم كما أن المسلم لا يعرف حتى كيف سيتمكن من عبور الصراط المستقيم فقد ورد في الصحيحين: ” يضرب الصّراط بين ظهري جهنّم فأكون أنا وأمّتي أوّل من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرّسل، ودعوى الرّسل يومئذ اللهم سلم سلم “.
بعد عبور الصراط المستقيم سيكون هناك قصاص بين الناس ليأخذ كل ذي حق حقه وترد الحقوق إلى أهلها فيقتص المظلوم من الظالم، وقد خلق الله تعالى الإنسان في اختبار وابتلاء فمن الناس من يقدر ويصبر على البلاء ومنهم من لا يطيقه ويكفر أما من يصبر فله الكثير من الثواب والأجر والمكانة العالية أما من يكفر فإن له النار يخلد فيها متمنياً أن يميته الله من شدة مشقة العذاب وشدة لهيب النار وكل إنسان يحاسب على ما يفعله في حياته أما عن أهوال يوم القيامة فهو يوم شاق مرعب بمجرد الحديث عنه وينتهي بوصول الناس إلى النار أو إلى الجنة بسبب غضب الله على العبد في الحالة الأولى أو رحمة من الله ومباركة للشخص في الحالة الثانية.
يوم القيامة هو اليوم الذي سيتم فيه القيام وقد تم إدخال التاء المربوطة كنوع من المبالغة فقد كان منتشراً بين العرب إدخال التاء للمبالغة وقد سمي بهذا الاسم بسبب كثرة الأهوال والأحداث الضخمة والأمور التي لا يقدر عقل الإنسان على تحملها أو فهمها ومن بين تلك الأمور قيام الأمة كلها وكل خلق الله ووقوفهم من أجل الحساب على كل أعمالهم شخص شخص.
تم ذكر هذا اليوم العظيم في القرآن الكريم في العديد من الآيات وفي كثير من المواقف فقد ذكر أكثر من 70 مرة في العديد من المواضع من بينها قول الله تعالى: (اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ) وكذلك قال الله عز وجل: (إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
أول ما يحدث هو النفخ في الصور إشارة إلى نهاية الحياة الدنيا في الأرض والسماء فكل من على سطح الكرة الأرضية سيموت فوراً ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكلام ومن يشاء من ملائكته الذين خلقهم الله من أجل القيام بوظائف معينة فقد قال الله عز وجل: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ) فتكون نفخة مريعة وهائلة تدمر كل شيء فبمجرد سماع الإنسان لها لا يقدر على التحرك أو فعل أي شيء فقد قال الله تعالى: (مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ – فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)
على الأرجح فإن الساعة تقوم في يوم جمعة فقد ذكر في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ؛ فيه خُلِق آدمُ، وفيه أُدخل الجنَّةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجمعةِ) والله تعالى أعلى وأعلم
المقصود بالبعث هو العودة الجسدية وإعادة الحياة إلى أجساد الموتي المدفونين في القبور أما النشور فمعناها البعث حيث قيل: نشر الميت نشوراً إذا عاش بعد الوفاة وأنشره معناها أن الله تعالى أحياه فعندما يشاء الله تعالي سوف يعيد الناس مرة أخرى ويبعثهم إلى يوم القيامة حيث يأمر إسرافيل أن يقوم بالنفخ في الصور ثانية فتعود الروح إلى الجسم ويقوم الناس من موتهم من أجل الحساب وملاقاة الله تعالى فقد قال عز وجل: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ).
كما أن إنبات الأجسام من التراب يشابه إنبات الله تعالى للنبات من الأرض إذا أنزل عليها الماء من السماء ولهذا فالله تعالى يضرب مثل في النباتات على البعث والنشور مرة أخرى بأنه يشابه إحياء النباتات التي تم سقايتها بالمياه فقد قال عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
إذا تم بعث الناس مرة أخرى من القبور فطال المقام عليهم فهناك حوض يشرب منه كل من مات على نهج الرسول الكريم فيكون في أمان وهدوء ثم بعد ذلك يرفع لكل نبي حوض يسقى منه الناس الذين آمنوا به
أما عن أرض المحشر فقد ذكر في الصحيح عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :”يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد”