يسعى عباد الله ممن لم يكتب الله لهم زيارة بيته الحرام وأداء مناسك الحج، للتقرب إلى الله عز وجل في يوم عرفة، وهناك العديد من الأعمال التي يمكن أن يقوم بها غير الحاج في يوم عرفة وهي:
صيام يوم عرفة
وهو صيام تطوع، وصيام هذا اليوم سببًا في تكفير صغائر الذنوب في السنة الماضية والقادمة، والمقصود بتكفير ذنوب السنة القادمة هو توفيق الله عز وجل لعبده في تجنب ارتكاب الذنوب والمعاصي.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده” رواه مسلم.
و روى أبو قتادة، قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ”.
الدعاء في يوم عرفة
فقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء في يوم عرفة.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير” رواه أصحاب السنن.
فيوم عرفة من أكثر الأيام مظنة لاستجابة الدعاء، كما أن الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيه توحيد بالله والثناء عليه والحمد على نعمه، ولذلك يٌنزل الله تعالى رحمته على عباده في هذا اليوم المبارك.
فعلى المسلم أن يتوجه إلى الله بالدعاء بما فاض به قلبه، وأن يكون متيقنًا بالإجابة، طمعًا في رحمة الله، وعليه في الدعاء أن يثني على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا.
وحتى يتقبل الله الدعاء من عبده في هذا اليوم؛ فعلى العبد أن يأخذ بالأسباب، وهي أن يكون على طهارة، وأن يستقبل القِبلة، ويدعو الله وهو يستشعر لذة الانكسار بين يدي خالقه.
ذكر الله في يوم عرفة
فمن المستحب لغير الحاج في يوم عرفة أن يشغل نفسه طوال اليوم بذكر الله سبحانه وتعالى.
ومن المستحب أيضًا التكبير في يوم عرفة بقول: “الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد”.
فعن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما من أيام أعظم ولا أحب إليه العمل فيهن عند الله من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.
أعمال يوم عرفة لغير الحاج
بخلاف الأعمال السابقة؛ هناك أعمال يُستحب لغير الحاج أن يقوم بها في يوم عرفة وهي:
الحفاظ على أداء الفروض في أوقاتها، ومن الأفضل أداء السُنن والنوافل.
تجنب ارتكاب الذنوب والمحرمات، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للفضل ابن عباس يوم عرفة “يا ابن أخي هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له”.
الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة في هذا اليوم المبارك، فخير ما يقوم به المسلم هو قيام الليل، صلة الأرحام، الاستغفار، الصلاة على النبي، التهليل والتكبير والتسبيح.
فضل يوم عرفة
خص الله عز وجل يوم عرفة بفضائل كثيرة وهي:
يوم عرفة من أفضل الأيام، فقد روى ابن حبان من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ”.
هو اليوم الذي أقسم به الله تعالى في القرآن الكريم، حيث قال عز وجل في سورة البروج: “وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ“، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة“.
يوم عرفة من الأيام العشرة التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز، وهي أول 10 أيام من ذي الحجة، فقد قال ابن عباس – رضي الله عنهما – : “إنها عشر ذي الحجة، ويوم عرفة أحد الأيام العشر الأول من ذي الحجة التي فضلت عن غيرها من الأيام والعمل الصالح فيها ثوابه“.
هو من الأيام العشرة التي يعظم فيها الله أجور عباده، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : “ما من عمل أزكى عند الله – عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله – عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله – عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء“.
أكمل الله تعالى على المسلمين دينهم وأتم عليهم نعمته في هذا اليوم، لأن المسلمون حجوا حجة الإسلام فيه، فاكتملت أركان الإسلام، وأتم الله نعمته عليهم بمغفرته، فقد قال عز وجل في سورة الفتح: “يَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ”.
يوم عرفة هو يوم عيد لأهل الموقف، “فعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب” رواه أبو داود”.
في يوم عرفة يعتق الله رقابًا من النار، فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء“.
بوقوف المسلم على جبل عرفة، يكون قد قام بأعظم أركان الحج، حيث أخرج ابن ماجة في سننه بسند صحيح عن بكير بن عطاء قال : سمعت عبد الرحمن بن يعم ، قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو واقف بعرفة، وأتاه ناس من أهل نجد، فقالوا : يا رسول الله كيف الحج ؟ قال: ” الحج عرفة ، فمن جاء قبل صلاة الفجر ، ليلة جمع ، فقد تم حجه ، أيام منى ثلاثة ، فمن تعجل في يومين ، فلا إثم عليه ، ومن تأخر، فلا إثم عليه، ثم أردف رجلاً خلفه ، فجعل ينادي بهن“.
لماذا سمي يوم عرفة بهذا الاسم
يوم عرفة هو تاسع يوم من أيام شهر ذي الحجة، وهو من أكثر أيام السنة بركة، وقد تعددت الأقاويل عن سبب تسميته بهذا الاسم وهي:
أن اسم عرفة جاء من الاعتراف، وذلك لأن المسلمون على جبل عرفة يعترفون بما ارتكبوا من ذنوب وخطايا، ويطلبون من خالقهم الصفح عنهم والغفران لهم.
أن كلمة عرفة جاءت من التعارف، فعلى هذا الجبل الذي يؤدي فيه الناس أهم فريضة في الحج، يتعارفون على بعضهم البعض.
أن جبريل عليه السلام كان يري سيدنا إبراهيم عليه السلام المشاهد، فكان يطوف به ويقول له: “أعرفت أعرفت؟”، فيقول إبراهيم -عليه السلام-: “عرفت عرفت”.
أن بعد هبوط آدم وحواء من الجنة، نزل كل منهما في مكان مختلف عن الآخر، واجتمعا في هذا المكان، لذلك سُمي بعرفة.
أن كلمة عرفة مُشتقة من العَرف، أي الرائحة الجميلة الذكية، وهي الرائحة التي يتميز بها جبل عرفة.