كم مكث اصحاب الكهف في كهفهم ؟ سؤال نستعرض لك إجابته في هذا المقال من موسوعة، وردت قصة أصحاب الكهف في سورة الكهف وهي إحدى السور التي نزلت في مكة المكرمة وتبلغ عدد آياتها 110 آية، وقد اشتملت السورة على قصص أخرى وهي قصة صاحب الجنتين وسيدنا موسى والخضر ويأجوج ومأجوج وذو القرنين، وهي السورة التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم بقراءتها في يوم الجمعة لأن من يقرأها يجعل الله نورًا له في يوم القيامة،كما أنها تعصمه من فتنة الدجال ويجعل الله نورًا بين الجمعتين.
إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”مَنْ قرأَ سورةَ الكهفِ كما أُنْزِلَتْ كانَتْ لهُ نُورًا يومَ القيامةِ، من مَقَامِهِ إلى مكةَ، و مَنْ قرأَ عشرَ آياتٍ من آخِرِها ثُمَّ خرجَ الدَّجَّالُ لمْ يَضُرَّهُ”، “من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ”، فما هي المدة التي لبث فيها أصحاب الكهف داخل كهفهم، وما هي قصتهم بالتفصيل ؟، هذا ما نستعرضه لك في السطور التالية.
مكث أصحاب الكهف في كهفهم لمدة 309 سنة، وذلك وفقًا لما ورد في سورة الكهف في الآية الخامسة والعشرين (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25))، وهي مدة نومهم فيها داخل الكهف، وعندما استيقظوا اعتقدوا أنهم قضوا عدة أيام مستمرة في النوم، وذلك وفق ما ورد في الآية الكريمة رقم 19 (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ).
ذكر المولى عز وجل قصة أصحاب الكهف كواحدة من أفضل النماذج في قوة الإيمان بالله (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)، فهم مجموعة من الفتية الذين عاشوا في مدينة يعبد ملكها الظالم وأهلها الأصنام، ويُقال أن اسم المدينة طرسوس أو أفسوس.
أما عن اسم الملك فقد اختلفت المصادر في تحديد اسم فهناك مصادر تشير إلى أن اسمه دقنيوس، وأخرى تشير إلى أن اسمه دقيوس، فكان هؤلاء الفتية يرفضون عقيدة الأصنام وتمسكوا بإيمانهم بالله حيث أنهم هربوا لحماية أنفسهم من الأذى الذي قد يلحق بهم من الملك حيث هددهم بالذبح إن لم يعبدوا الأصنام مثله، وتشير المصادر أن هؤلاء الفتية آمنوا بالدين الذي جاء به سيدنا عيسى عليه السلام.
تمكن الفتية من الهروب من الملك في منطقة أخرى خارج المدينة، إلى أو وجدوا كهف يقع على جبل فاتخذوه مخبئًا لهم، وقد حرص الفتية داخل كهفهم على عبادة الله بالإكثار من ذكره، وقد علم الملك بأمر هروبهم إلى الكهف فذهب إليهم وعندما حاول هو ورجاله الدخول شعروا بالخوف الشديد فلم يتمكنوا من الدخول (لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارًا وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعبًا)، وقد أمر الملك رجاله بالبناء فوق الكهف ولكن رحمة الله بالفتية بلغت إلى فقدانهم للسمع أثناء النوم (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا).
وقد ناموا بداخل الكهف لمدة 309 سنة وعندما استيقظوا من رقودهم ذهب أحدهم لشراء الطعام فتعجب أهل المدينة من رداءه والعملة التي يحملها معه وقد علم الفتية بعد ذلك بالمدة التي رقدوا فيها في النوم، وتبدل الحال من عبادة الأصنام إلى الإيمان بالله، حيث حكم المدينة رجل من أهل التقوى.
وقد كانت قصة أهل الكهف موعظة لأهل القرية كدليل على قدرة الله على بعث الفتية من رقودهم في النوم لفترة طويلة، وقد توفي هؤلاء الفتية بعد ذلك لحكمة الله في أن تكون هذه القصة عبرة للجميع، وقد قام بعض أهل القرية بإنشاء بناء على كهفهم تذكرةً بهؤلاء الفتية الذين ضربوا أعظم الأمثلة في التمسك بالإيمان بالله.
وفقًا لما ورد في القرآن الكريم فإن عدد هؤلاء الفتية يصل إلى 7 (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا).
إذ أن العلماء أشاروا أن العدد الأخير هو العدد الصحيح للفتية وذلك لأن جملة “رجمًا بالغيب” التي ذُكرت قبل الأعداد الأخرى والتي تتراوح ما بين 5 و6 تدل على أن العدد هو إدعاء بالغيب، ولكن ذلك مجرد تفسير من العلماء لأن الله وحده من يعلم بالعدد الحقيقي لهؤلاء الفتية.
نزلت سورة الكهف على الرسول صلى الله عليه وسلم كإجابة على أسئلة الأحبار اليهود على حالة أهل الكهف، وذلك بعد أن أرسل الكفار عقبة بن أبي معيط والنضر بن حارث إلى أحبار اليهود من أجل التعرف على مدى صدق الرسالة النبوية، فكان رد أحبار اليهود عليهم بأن يسألوا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن حال أهل الفتية والذي أعدوه مقياسًا على مدى صدق رسالته، ويُقال أن نزول السورة تأخر في مدة تراوحت ما بين 3 أيام إلى 15 يوم إلى أن نزلت السورة كاملة والتي تصف بالتفصيل حال أهل الكهف.
وبهذا نكون قد أوضحنا لك إجابة سؤال “كم مكث اصحاب الكهف في كهفهم ؟” حيث استعرضنا لك المدة التي رقد فيها أهل الكهف، إلى جانب سبب هروبهم إلى الكهف وحالهم بداخله وعددهم بالكامل، كما استعرضنا لك سبب نزول سورة الكهف بالأساس.