قصة هابيل وقابيل أشهر ولد آدم الأول، فكانا مشهورين بقتل أحدهما للآخر؛ فكان أكثر ما يدور في أذهاننا عندما كنا نستمع إلى هذه القصة في طفولتنا هو هذا التساؤل “كيف لأخ أن يقتل أخيه؟”، وكنا نتعجب من سماع هذه القصة كثيرًان ولكن الإجابة هي أن الحقد، والغيرة، والشهوات هي الأصل في كل شر يلحق بالإنسان، ولكن ما هو السبب في قتل قابيل لأخيه هابيل، وما السر في أن يُقتل الشخص الطيب، على يد الشخص الشرير، هذا هو موضوع مقال اليوم من موسوعة.
من أشهر القصص التي تُحكى لنا منذ الطفولة هي قصة قابيل، وهابيل، الأخوان من ولد آدم اللذان قتل أحدهما الآخر حقدًا عليه، وحسدًا له، فما هي القصة الكاملة للأخوين.
“ورد في كتاب البداية، والنهاية لابن كثير “عن ابنِ عباسٍ أنَّ آدمَ كان يزوجُ ذكرَ كلِّ بطنٍ بأنثى الأُخرى وأنَّ هابيلَ أراد أن يتزوّج بأخت قابيلَ وكان أكبرَ من هابيلَ وأختُ هابيلَ أحسنُ فأراد هابيلُ أن يستأثِرَ بها على أخيه وأمره آدمُ عليه السلامُ أن يزوِّجَه إياها فأبى فأمرَهما أن يُقرِّبا قربانًا وذهب آدمُ ليحجَّ إلى مكةَ واستحفظ السمواتِ على بنيه فأَبَينَ والأرضِينَ والجبالَ فأبَينَ فتقبَّل قابيلُ بحفظ ذلك فلما ذهب قرَّبا قُربانَهما قرَّب هابيلُ جذَعةً سمينةً وكان صاحبَ غنمٍ وقرَّب قابيلُ حزمةً من زرعٍ من رديءِ زرعِه فنزلت نارٌ فأكلت قربانَ هابيلَ وتركت قربانَ قابيلَ فغضب وقال لأقتلنَّك حتى لا تنكِحَ أختي فقال إنما يتقبَّل اللهُ من المتَّقين”. هذا القول لابن عباس تختلف عليه الأحكام.
ومع ذلك فإنه لا يوجد دليل قاطع يُفيد بأن اسمهما كان “قابيل”، و”هابيل”.
وبغض النظر عن اسميهما، فأحداث قصتهما تدور حول الحقد، والغيرة التي كانت في قلب قابيل تجاه أخيه هابيل.
فبداية القصة كانت أن سيدنا آدم كان يُولد له في كل مرة توأم من ولد وبنت، فكان يقوم بتزويج ذكر كل بطن بأنثى البطن الأخرى؛ ليعمروا الأرض، فكان على “هابيل” أن يتزوج بأخت “قابيل”، وكانت أخت قابيل جميله فأراد قابيل أن يتزوجها هو، وكان “آدم” عليه السلام قد أمر قابيل أن يُزوج أخته لهابيل، فلما اختلافا أمرهما آدم أن يقدم كل واحد منهم قربانُا إلى الله، والقربان الذي يتقبله الله يتزوج صاحبه من أخت قابيل.
بعد أمر أدم عليه السلام لولديه بأن يقربا قربانًا لله عز وجل قام كل منهما بتقديم القرابين، فقدم هابيل الذي كان يعمل في رعاية الأغنام “ماشية سمينة”، أو جزء منها، بينما قدم قابيل الذي كان يعمل في زراعة الأرض حزمة من زرع متهالك، ورديء.
كانت علامة تقبل لقربان من الله سبحانه وتعالى قديمًا هي أن تنزل النار من السماء لتأكل القربان الذي تم قبوله، فنزلت النار من السماء، وأكلت قربان هابيل، ولم تأكل قربان قابيل، ومعنى هذا أنه قد تُقبل من هابيل قربانه، لم يُتقبل من قابيل، وهذا يعني أن هابيل هو الذي سوف يتزوج أخت قابيل.
مُلء قلب “قابيل” بالحقد، والحسد تجاه أخيه “هابيل” فكان يُريد أن يتزوج هو بأخته، وليس هابيل، وعزم على قتله، وكان هابيل يتقي الله سبحانه وتعالى؛ فقال له لن أعزم على أن أقتلك، وفي هذا كانت الآيات التي نزلت على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم.
فقال الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة من الآية 27 حتى الآية 31 :”وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ”.
فلما قتل قابيلُ هابيلَ شعر بالندم كثيرًا، فكيف له أن يقتل أخيه، فوسوس له الشيطان، وأقنعه بفكرة قتل أخيه، وبعد شعوره بالندم، أرسل الله سبحانه وتعالى “غراب” ليكون آية له، فقام الغراب بدفن أخيه تحت التراب؛ ولما رأي قابيل هذا شعر بالندم بشكل أكبر؛ فقام بتقليد الغراب، وقام بدفن أخيه.
هذه القصة توضح بشكل كبير أن الشيطان هو العدو الأكبر للإنسان؛ فملأ قلب قابيل بالحقد تجاه أخيه حتى قتله، وبعدما قتله شعر بالندم الشديد، وهذا هو أسلوب الشيطان مع عباد الله، ولكنه يستغل نقاط الضعف عند الإنسان لتكون مدخلًا له، حفظنا الله من وسوسة الشيطان، وجعل إيماننا قويًا.