نطرح عليكم قصة شعيب بالتفصيل فإن كنت ترغب في الحصول على العبرة والعظة، فإن قصص الأنبياء هي خير وسيلة تُساعدك في هذا، إذ تتضمن مجموعة من العبر التي يستطيع كل إنسان من خلالها أن يعي قدرة الله عز وجل على إهلاك القوم الظالمين، ونصرة الحق ما بين ليلة وضحاها. فجاء القرآن الكريم يحمل لنا سير الأمم السابقة ليس على سبيل المعرفة وحسب، ولكن من أجل الاتعاظ بها، واليوم سنتناول قصة نبي الله شعيب ضمن مجموعة من القصص النبوية التي نُقدمها لكم عبر موسوعة، فتابعونا.
نبي من أنبياء الله الصالحين، آمن بالله عز وجل وبنبيه إبراهيم عليه السلام، سكن مدين، ووردت قصته في القرآن الكريم بالتفصيل، عاش قرابة قرنين ونصف من الزمان دعا فيها إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والابتعاد عن الشرك لأنه ظلم عظيم، حيث كان يمتلك القدرة على الخطابة، ومنحه الله عز وجل بلاغة اللسان. ولكن لم يؤمن به إلا قلة قليلة فقط، حيث كانت مبعوث في قوم مدين الذين لم يكتفوا بالكفر وحسب بل تلاعبوا في المكيال والميزان بالنقص والزيادة.
بعثه الله إليهم ليُعلمهم مكارم الأخلاق، وينهاهم عن الغش، إلا أنهم لم يروا أن الأمر له علاقة بالغش في الميزان، فكانوا يعتقدون أنها مهارة تُجارية مشروعة، تُدر عليهم أرباح عديدة فلم يستجيبوا لدعوته، وراحوا يسخرون منه، ويُعيبون في دينه.
لم يقتصر الأمر على ذلك بل أنهم تعرضوا لشعيب بالأذى، وهددوه بالطرد هو والذين أمنوا معه، إن لم يرجع عن دينه وفكره، ومع إصرار شُعيب على دينه، وتكذيبهم له، وعنادهم أرسل الله لهم عذاب عظيم أهلكهم بذنوبهم. وذلك بعدما جادوا شُعيب لفترة طويلة من الزمان وهددوه فيها بالقتل أو الطرد من البلاد ولكن نبي الله شُعيب لم يكترث بتهديدهم لأنه كان على يقين بأن تلك ما هي إلا تهديدات قادر المولى عز وجل على حمايته وقومه منها، حتى ولو كان من آمن معه هم الفقراء الضعفاء وحسب.
اتخذ بعدها التحدي شكل أكبر إذ راحوا يتحدون قدرة الله عز وجل، ويُشككون في عذابه، فراحوا يطلبون من شعيب أن يُريهم هذا العذاب المنزل من الله، بأسلوب من السخرية والتهكم الذي ينطوي على التشكيك في وجود العذاب من الأساس، فأوحى المولى عز وجل إلى نبيه بإخلاء القرية تمامًا، فخرج شعيب والمؤمنين معه، وسادت حالة من الحر والجفاف الشديد، ومن بعدها جاءتهم سحابة مثقلة، فرحوا بها كثيرًا وراحوا يتنادون على بعضهم البعض ليستظلوا بها، فتجمعوا تحتها، ومن بعدها أرسل الله عز وجل لون من ألوان العذاب فعُذبوا بالصيحة كما جاء في كتاب الله عز وجل، فأهلكوا في أماكنهم، ولم يستطيعوا النجاة إطلاقًا. لتكون تلك عاقبتهم في الدنيا، ولعذاب الآخرة أشد وأقوى. وجاءت نهايتهم في القرآن الكريم وبالتحديد في سورة هود ” وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ“.